«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي حسين يكتب: حيثيات إقالة المشير طنطاوي
نشر في الشعب يوم 14 - 08 - 2012

كان أول أمس الأحد الموافق 12 أغسطس 2012 والمطابق لمرور عام ونصف العام بالضبط على إسقاط مبارك هو تاريخ انتصار ثورة الشعب المجيدة التى اندلعت يوم 25 يناير 2011، فقد كانت عقدة الثورة أنها أسقطت الطاغية دون أن تتسلم السلطة، وعانينا الكثير بسبب تعثرات المرحلة الانتقالية المتعمدة من قوى داخلية وخارجية، وكثيرا مأصاب الثوار اليأس والخوف من ضياع الثورة تماما من بين أيديهم. ولكن أول أمس حسم الرئيس مرسى أمره، بعد خطوات مهمة سبقتها خاصة بعزل عدد من القيادات العسكرية والأمنية، وأصدر إعلانا دستوريا مصححا ألغى به الإعلان الدستورى المكمل، وأنهى به قصة المجلس العسكرى الذى أربك حياة الأمة، والذى كان يتمنّع تحت حجج متغيرة فى تسليم السلطة بشكل كامل وحقيقى. وكان لا بد من الحسم فى هذه القضية وإلا لاستمرت البلاد فى نفق مظلم لا ينتهى، ومرحلة انتقالية مميتة متجددة.
اليوم بلا شماتة أو بغض لأحد نهنئ الشعب المصرى بانتصار ثورته، بمعنى أن الذى يحكمه الآن هو الذى انتخبه، ولن يحكمه بعد اليوم إلا الذى ينتخبه سواء فى رئاسة الجمهورية أو البرلمان أو الحكم المحلى. وهذا هو جوهر ومعنى الانتصار، وهذا هو الإنجاز الأساسى للثورة حتى الآن، والذى سنبنى عليه من جديد ونستعيد مجد مصر المضيّع.
إن استمرار حالة إزدواج السلطة كانت ستودى بالبلاد إلى المهالك، وكان لا بد من إنهاء هذه الحالة وتثبيت رأس واحدة للسلطة، وبلا شك فإنها السلطة المنتخبة هى التى يتعين علينا تثبيتها. وهى التى سنحاسبها بعد ذلك بالوسائل القانونية والديمقراطية على أى تقصير أو خطأ. ويجب ألا ينخدع أحد من الشعب من إعلام الثورة المضادة الذى لا يزال يمارس دوره فى محطات الإذاعة والتلفزيون الرسمية والخاصة، بالولولة على الحريات الصحفية لأن قناة العهر والدعارة قد أغلقت، ولم تكن البذاءة والخيانة من حريات التعبير يوما، والدعوة للخروج الفوضوى على القانون من أهداف الأمة، طالما وجدت الوسائل القانونية والدستورية والديمقراطية للمحاسبة والتغيير وتداول السلطة. نحن لا ندين انتقاد الرئيس أو الخلاف معه، بل نمارس ذلك وفق قناعتنا، ولكننا ضد تدمير الآلية التى حققتها الثورة فى اختيار ومحاسبة الحاكم. وليس من بينها الانقلاب العسكرى الذى كان يعد يوم 24 أغسطس القادم.
فليعد العسكر إلى ثكناتهم وإلى مهامهم مشكورين مقدرين، ولتستعد كل القوى الوطنية والإسلامية للاحتشاد من أجل مهام البناء والتنمية والنهوض الحضارى، ولتنتهى إلى الأبد لعبة الصراع غير القانونى على السلطة. ولنتفرغ لبناء مصر التى أهينت واستذلت على يد الطغاة ولتعد من جديد سيرتها الأولى منارة للشرق وزعيمة للعروبة والإسلام.
(وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ).
يوم الخميس الماضى كتبت المقال التالى أنشره كما هو وكان بعنوان (نطالب بإقالة طنطاوى نموذج الفشل العسكرى ).
نطالب بإقالة طنطاوى نموذج الفشل العسكرى
عندما وقع الحادث المؤلم مساء يوم الأحد قبل الماضى تصرفنا وغيرنا من القوى الوطنية والإسلامية بروح الحزن على دم الضحايا وروح التوحد تحت راية واحدة ضد الاعتداء الصهيونى الجديد المغلف بأنه عمل إرهابى، ولم نفكر لحظة فى النيل من المجلس العسكرى رغم إدراكنا لحجم التقصير، ورأينا أن هذه لحظة التجمع الوطنى للجميع ضد الخطر المشترك، ولكننا فوجئنا بحالة غير مسبوقة من الخسة والنذالة من الأطراف المعادية للثورة، وعلى رأسها الأطراف الإعلامية المحسوبة على المجلس العسكرى والتى رأت أن تستغل الحادث الأليم (وكأنه جزء من الانفلات الأمنى المقصود) للهجوم دون أى أساس عقلانى أو وطنى على السيد رئيس الجمهورية إلى حد تحميله المسئولية المباشرة عن الحادث لأنه قابل هنية وخالد مشعل ولأنه أفرج عن بعض المعتقلين فى إطار قرارات العفو ولأنه قام ببعض التحسين الجزئى فى معبر رفح. بل وتصورت هذه الأطراف المتآمرة أن هذه قد تكون فرصة للإسراع بخطة إسقاط الرئيس مرسى التى يعملون عليها علنا ودون حياء. ووصل الأمر إلى حد التهديد بقتل الرئيس مرسى وحرق مقار حزب الحرية والعدالة، وهو ما بدأ يتحقق على أرض الواقع بل وصل إلى حد إطلاق الرصاص على حارس المقر الرئيسى لحركة الإخوان. ومنذ سمعنا عن اختراع الإعلام لم نسمع أنه استخدم للتحريض على القتل بل والتحريض على قتل أشخاص محددين بالاسم. وانتقل التحريض إلى ميدان الفعل فقد رأى المتآمرون استخدام جنازة الشهداء الذين قضوا فى مذبحة رفح كفرصة لإهانة الرئيس كحد أدنى أو قتله كحد أقصى حيث تكون المسئولية على التدافع والشغب حيث يختلط الحابل بالنابل. لذلك من حسن الحظ أن الرئيس لم يذهب. وما حدث بالجنازة يؤكد هذه الخطة ويؤكد أن أجهزة المخابرات والمجلس العسكرى كانوا ضالعين فيها، حيث تم نقل المشاغبين (وهم أفراد أمن فى زى مدنى) فى حافلات القوات المسلحة تحت شعار أنهم أهالى الشهداء!! وأصبحت الخريطة واضحة: تم التعامل بقسوة مع رئيس الوزراء والوزراء المحسوبين على الرئيس مرسى إلى حد الشتائم والبذاءات والأحذية، بينما تصدر المشهد طنطاوى وعنان والجنزورى وهذه ألاعيب صغيرة، تشير إلى تدنى مستوى تفكير العسكر، فهذا أسلوب تفكير العصابات والبلطجية وليس أسلوب العمل السياسى والمنطق والفكر، هؤلاء لايفكرون إلا بمنطق القوة: الشتائم والضرب، وهم واثقون من أنهم محميون من النائب العام والأجهزة الأمنية، وبالتالى يتصرفون بجرأة وبدون روية، وهم يتصورون أن هذا المشهد سيتم تسويقه على أساس أنه هبوط فى شعبية الرئيس الذى تغيّب عن الجنازة. بينما أصبحت "الشعبية" لطنطاوى الذى أصبح هو صاحب الجنازة، مع أنه آخر من يمكن أن يكون بطل المناسبة لأنه هو المسئول الأول عن هذه الكارثة باعتباره وزيرا للدفاع!! ولكنها الصفاقة وانعدام الكياسة وتدنى أسلوب التفكير. وإذا مر هذا المشهد هكذا فسيكون هو الفصل الأول من عملية الانقلاب. وإذا ترك الرئيس الأمر يمر كانت ستكون بداية النهاية، فهم فرضوا عليه عدم الذهاب للجنازة بحجة عدم قدرتهم على حمايته ثم استغلوا غيابه لتأكيد عُزلته عن الشعب أو خوفه من مواجهة الغضب الجماهيرى. وهكذا يصبح الرئيس فى قبضة أجهزة الأمن ويستمع بليونة لطلبات طنطاوى، مع تصعيد الحملة لعزله بوسائل غير قانونية وغير دستورية.
وكما انقلبت مذبحة رفح على إسرائيل التى دبرتها وستدفع ثمنها أكثر فى الأيام المقبلة، فإن خطة الانقلاب على مرسى كما ظهرت فى الجنازة انقلبت على المتآمرين وسيدفعون ثمنها أكثر فى الأيام المقبلة. وكانت القرارات التاريخية التى اتخذها د. مرسى بإقالة مجموعة من القيادات الأمنية والعسكرية على رأسها مدير المخابرات العامة هى البداية لقلب المائدة على المتآمرين. وكذلك إيقاف بث القناة المجنونة والبذيئة التى تسمى الفراعين. والآن لا بد من إعادة الأمور إلى نصابها، نحن كلما هدأنا الأمور مع المجلس العسكرى حتى تسير الأمور بأى صورة إلى الأمام يصر هو على وضع أصابعه فى عيوننا. فبدلا من التحلى ببعض الخجل والتواضع بعد فضيحة ذبح جميع أفراد الكمين دون مقاومة وكأنهم مجموعة من المدنيين الغلابة، نرى كل هذا التبجح فى الهجوم على الرئيس ومجلس الوزراء والتيار الإسلامى ككل، وأهل غزة والمقاومة. فإذا كان طنطاوى قد نسى نفسه فلا بد أن يعود إلى حجمه الطبيعى، وليعرف أن استمراره فى موقع رئيس المجلس العسكرى هى صدفة تاريخية عارضة، وأنه استمر لتوازنات دقيقة فى القوى لا لأى مزية فيه! وإن ما حدث فى رفح من مذبحة مجرد القشة التى فضحت التقصير الأمنى للقوات المسلحة فى سيناء وأنه هو المسئول الأول عن ذلك. فقواتنا تعرضت للإهانة فى ظل تولى سيادته لمنصب وزير الدفاع سواء فى عهد مبارك أو فى العهد الانتقالى، وهى إهانة تمثلت فى دماء العسكريين والمدنيين الذين قتلتهم إسرائيل دون أى رد من جنابه. وعندما يكون هناك تحذير علنى من أمريكا وإسرائيل عن توقع حدوث عملية إرهابية كبرى خلال أيام فى سيناء، وعندما يقول مدير المخابرات المقال إنه أبلغ الجهات المعنية بتوقع حدوث عملية فى سيناء. ألا تكفى هذه المعلومات اليقينية لكى نحاسبك شخصيا كوزير دفاع ما الذى فعلته للتعامل مع هذه التحذيرات. أليس أبسط شىء هو التوجيه باليقظة وإعلان حالة الطوارئ فى مواقع القوات فى سيناء، خاصة تلك الموجودة على بعد أمتار من المعابر. ومنذ متى فى المواقع الحساسة كهذه تقوم القوة كلها لتناول الإفطار وتترك أسلحتها. يقول الله عز وجل "وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا" (النساء 102).
هل سمعت هذه الآية؟ هل تدرسونها فى الكلية الحربية؟ لماذا لا يحفظها كل طالب فيها؟ هل علمت روعة الحل الإسلامى الذى لا تفهمونه ولكنكم تهاجمونه وتطلق علينا كما أطلق مبارك من ينبح علينا ويعضنا من أمثال عكاشة؟ هل علمت كيف يعلمنا الخالق هذا الدرس العسكرى الذى نسميه فى الجيش حراسة أو الخدمة؟ أعلم أن فى الجيش قواعد لذلك، خاصة فى الجبهة، ولكننى أردت أن تحفظ هذه الآية وتكررها حتى تحفظها لتعلم عظمة هذا الكتاب ولتعلم أهمية هذا الموضوع (الحراسة). وهذا ليس خطأ منفردا فقد قتل قبل هذا الحادث اثنان من العسكريين فى سيناء وتم تكتم الموضوع، وتعرضت الكمائن لعشرات الهجمات على مدار العام الماضى، ومع ذلك يستمر هذا التراخى فى أهم كمين فى رفح. لقد امتد بك العمر ولا تريد أن ترتاح.. وأعطينا لك الأمان ولكنك لم تأمن للثورة والثوار (ترى ماذا فعلت؟) وكلما بقيت فى السلطة فلن نتركك، ولقد تمهلنا معك تقديرا للقوات المسلحة كمؤسسة، ولكننا لن نصمت على التخريب، وإن كنا هاجمنا مبارك وهو فى قمة مجده وصولجانه، ولا نزال أحياء ومبارك فى السجن، فلماذا نصمت عنك وأنت أحد التابعين لمبارك الذى عمل فى خدمته بإخلاص أكثر من عشرين عاما؟ ونحن نؤمن يقينا أن العمر واحد والرب واحد.
أنت تعرف أن تاريخك العسكرى غير مشرف ولكننا لا نريد الخوض فى ذلك الآن.
ولكن يكفينا للحكم على المشير أنه كان محل ثقة المخلوع لسنوات طويلة كقائد للحرس الجمهورى ثم تصعيده بشكل غير منطقى لوزير الدفاع متخطيا رئيس الأركان.
ومع ذلك يصر طنطاوى ومن يلوذ به على ممارسة التدخل فى السلطة السياسية فى كل صغيرة وكبيرة ويحشدون خلفهم شريحة ضيقة من المستفيدين من المملكة المالية والاقتصادية للجيش الذى ترك الصناعات الحربية (إلا قليلا) لصناعة الأدوات والأجهزة المنزلية، وبرع فى فنون التجارة والزراعة ونسى فنون القتال التى هى مبرر وجوده.
إن مذبحة رفح هى نموذج مصغر لما حدث للجيش فى حرب 67، ليس فى حجم الخسائر ولكن فى الدلالة والمغزى. وإذا كان الضحايا هذه المرة 16 فقط فإن فى هذا إنذارا واضحا للجيش كى يعود إلى أداء دوره الأصلى الذى تخلى عنه، وهو تأمين الحدود وحماية الوطن من المخاطر الخارجية.
اندحار الجيش المصرى فى 5 يونيو كان كارثة يندر أن تتكرر فى التاريخ. حيث تلاشى الجيش المصرى كله فى سويعات (عدا بطولات فردية هنا وهناك)، حتى سميت حرب الساعات الست!!
كان المشير عامر (وآه من رتبة المشير) مشغولا قبل الحرب بأشياء عجيبة لا تمت للقتال بصلة؛ ورغم أنه هزم عسكريا فى حرب 56 ورغم ما أدت إليه ممارساته فى سوريا إلى الانفصال، ورغم التعثر فى ورطة اليمن، رغم كل هذه الأحداث الجسام الذى اتسم أداؤه فيها بالانحطاط، رغم كل ذلك لم يتعظ، وانصبت اهتماماته على متابعة شئون اتحاد كرة القدم والأهلى والزمالك، وشئون الفنانين والفنانات، وترتيب الاحتفالات الغنائية فى أعياد 23 يوليو، وهل يغنى فيها عبد الحليم حافظ أم لا؟! واهتم بترتيب أحوال ثلته فى القوات المسلحة، وتولى الوظائف المدنية بعد المعاش.. إلخ، وفى ليلة 5 يونيو وحيث كانت هناك تحذيرات وصلت بأن الهجوم الإسرائيلى سيحدث يوم الاثنين 5 يونيو، كانت هناك حفلة غنائية فى إحدى القواعد العسكرية، جمعت قادة القوات المسلحة حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين. حتى إن بعض القادة لم يستطع الوصول إلى مكان عمله عندما بدأ العدوان لأن الطيران أصبح محظورا بسبب العمليات الإسرائيلية!. وعندما كان القادة يحاولون الإفاقة من النوم كان سلاح الطيران قد أُبيد، وبدأت مذبحة إسرئيلية لقواتنا البرية المنسحبة من سيناء بقرار أحمق.
غريب هذا التماثل بين الحدثين رغم اتساع المسافة بينهما فى الحجم؛ ففى لحظة ارتكاب أغرب مذبحة فى تاريخ العسكرية حيث يقتل الجنود بدون مقاومة، بل تشير معلومات خاصة إلى أنه تم تثبيت الجنود وإطلاق الرصاص عليهم وهو ما يعنى أن الأسلحة كانت بعيدة عنهم. فى هذه اللحظة كان رئيسا المخابرات العامة والحربية فى مأدبة إفطار مع كل رؤساء قبائل سيناء!! أى فى اللحظة التى يتصوران فيها أنهما يحسنان صنعا وأنهما متصلان بقلب سيناء كانت أكبر جريمة فى حق الجيش المصرى ترتكب فى واحد من أهم مواقع رفح العسكرية. وعندما علمت بهذه الحقيقة المذهلة ذات الدلالة فى لقائنا مع السيد الرئيس مرسى وفى حضور وزير الداخلية ومدير المخابرات الحربية حرصت خلال عرض وجهة نظرى على توضيح ضرورة عدم الانخداع بنفوذ رؤساء القبائل؛ لأن هذا النفوذ أصبح منحسرا، وأن الشباب لا يخضعون لهم، بسبب استخدام الحزب الوطنى وأجهزة الأمن لهم بصورة أضرّت بهيبتهم.
لم يكن الهجوم على كمين رفح مفاجئا، بل كنا جميعا نعرف من خلال الإعلام بالتحذير الإسرائيلى لمواطنيها بالانسحاب من سيناء، وعلمنا فيما بعد أن إسرائيل حذرت وذكرت بالاسم منفذى العملية قبل وقوعها، وعلمنا يقينا من رئيس المخابرات المخلوع أنه قدم هذه المعلومات للجهات المعنية (وهى الجيش أى وزير الدفاع أى طنطاوى!). خاصة وأن هذا التحذير يأتى فى إطار سلسلة من الهجمات على مواقع الشرطة والجيش لم تنقطع طوال السنة الماضية. وعندما زرت العريش وجدت المحافظ عبد الوهاب مبروك يدير المحافظة من خارج مبنى المحافظة بسبب حصارها من الجماهير المطالبة بالإفراج عن المعتقلين والذين كانوا يهددون بحرق مبنى المحافظة، وقد وفقنى الله فى إنهاء هذه الحالة، وإقناع الغاضبين بفك الحصار عن مبنى المحافظة، ولكن الأمر لم يقتصر على ذلك ورغم بداية وصول وحدات من الجيش كان المساجين فى سجن العريش على وشك تدمير الأسوار والهروب، وكان السيد المحافظ يتابع الحدث بالتليفون. وعندما زرت العريش للمرة الثانية بعد الثورة كانت الهجمات بالديناميت على الأضرحة. وتم رصد عشرات الهجمات على كمائن الجيش والشرطة. وحدث فيما بعد الهجوم الكبير على قسم شرطة العريش.
وفى ظل كل هذه الأجواء لا تأخذون التحذيرات على محمل الجد، إنكم إذن قوم لاهون. وأخيرا تم عرض شرائط فيديو عن جماعات مسلحة تتدرب فى سيناء. إنكم إذن قوم مسرفون. إننا نطالب بعزل المشير طنطاوى الذى يتدخل فى السياسة هو وأعوانه وإلى مدى أبعد من الإعلان الدستورى المكمل ويترك مهماته الأصلية فى حماية الوطن وبذلك يكون قد خان الوطن مرتين.
[email protected]
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.