مجدي قرقر: شباب الثورة بعث في مصر الهرمة مصر الفتاه القماش: "الشعب" تجاوزت كل الخطوط الحمراء منذ تأسيسها شريف عبد الحميد: "التحقيق الصحفي" هو مقياس نجاح أي جريدة اختتمت اليوم الخميس الدورة التدريبية في "فنون الكتابة الصحفية, التي تنظمها جريدة الشعب, تحت رعاية الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين رئيس تحرير جريدة الشعب, وتم تكريم المشاركين وتوزيع شهادات الدورة عليهم. وتضمن برنامج اليوم الثالث والأخير من الدورة, محاضرتين الأولى عن "فن التحقيق الصحفي", وحاضر فيها الكاتب الصحفي علي القماش, أما الثانية فتحدث فيها د.مجدي قرقر الأمين العام لحزب العمل وعضو مجلس الشعب, وكانت عن "المنهج والخط السياسي للصحيفة". وفي المحاضر الأولى, بدأ شريف عبد الحميد, سكرتير التحرير التنفيذي لجريدة "الشعب", ومنظم الدورة التدريبية, حديثه عن"فن التحقيق الصحفي", مؤكداً على أن أقوى الفنون الصحفية وأهمها على الإطلاق, لأنه هو مقياس ودليل على نجاح الجريدة, وكان التحقيق الصحفي عاملاً مساعداً في نجاح جريدة الشعب, بعد أن تمكنت من كشف فسادر رجال المخلوع مبارك, أمثال يوسف والي وزير الزراعة الأسبق, صاحب قضية المبيدات المسرطنة التي أستوردها من العدو الصهيوني, وغيرها من القضايا حيث فتحت أبوابها لكافة أطياف المعارضة. وأضاف "سكرتير التحرير التنفيذي", أن التحقيق الصحفي يجمع بين عدد من الفنون التحريرية في وقت واحد، ويعد في نفس الوقت من أصعب الفنون التحريرية حيث يتطلب مقدرة وكفاءة عالية من المحرر، لذلك يعد المحقق من أهم الصحفيين في الجريدة. بعدها تحدث الكاتب الصحفي علي القماش - الذي عمل صحفياً في قسم الأخبار والتحقيقات بجريده الشعب, وتخصصت معظم تحقيقاته الصحفية في موضوعات التراث والآثار – قائلاً أن التحقيق الصحفي هو فرصة لأن يكتشف الصحفي فرصته وموهبته, ولكي يكون الصحفي في هذا القسم لابد وأن يكون ذا خبرة وتعلم وعرف كيف يحصل على الخبر، وكيف يجري الحوارات واللقاءات الصحفية، ليقدم في النهاية تحقيقاً صحفياً يوضح الواقعة أو القضية محل التحقيق. وأوضح "القماش" أن تنفيذ التحقيق الصحفي يمر بخطوات ثلاث وهي: أولاً اختيار الفكرة المراد عمل التحقيق فيها: وهي أصعب مرحلة من مراحل اعداد التحقيق, وغالباً ما تأتي فكرة التحقيق الصحفي من الساحة العامة وتكون مرتبطة بالأحداث الجارية, كالموضوعات التي تشغل بالنا اليوم كاللجنة التأسيسية لوضع الدستور, أو انتخابات الرئاسة, انهيار البورصة والاقتصاد, وكل ما يشغل بال المواطنين هي أفكار تصلح للتحقيق فيها ونشرها, فالتحقيق يبدأ بفكرة في عقل المحرر حين يرى أنها تهتم عدداً كبيراً من الجمهور، ويرى أن هذه الفكرة تحتاج إلى إيضاح وتفسير، أو إلى كشف الغموض الذي يحيط بها, وقد تعلمنا في مدرسة جريدة "الشعب", أنه لا خطوط حمراء, وهو ما ميزها منذ صدورها وحتى الآن, فكان الخط الأحمر هو ضميرنا الصحفي, لأن رسالة الصحفي سيحاسب عليها أمام الله عز وجل. وعند اختيار فكرة التحقيق الصحفي لابد وأن تتأكد أنه جديدة وليست مكررة ويأتي ذلك من خلال المتابعة الدائمة للصحف, وكافة وسائل الاتصال, كما يجب أن تضع في الحسبان مصادرك التي ستبني عليها فكرة هذا التحقيق, وهل هي متوفرة في أجندك أم ستعتمد على زملاءك في الأقسام المختلفة؟, وهنا يبرز أهمية المصادر, وأن الصحفي بدون مصدر لا قوة له, وكلما زاد عدد المصادر أصبحت أكثر شطارة, وحققت سبقاً يميزك عن غيرك, لان الصحافة هي في الأساس علاقات. والمصادر الصحفية أنواع منها ما هو متخصص وما غير ذلك, مصادر ذات صفة سيادية وأخرى صغيرة, والصحفي الماهر هو من يأتي بما وراء الاجتماع المغلق, وعلى الصحفي أنم لا يقلل من قيمة المصدر حتى ولو كان رجل شارع فأحيانا يكون هو الشاهد الوحيد على الواقعة, لان المصادر الرسمية – وخاصة الشرطية أو الأمنية - غالباً ما تخرج تصريحات إعلامية مشابهة دون التفتيش إلى ما وراء الخبر. والمعلومات الحية لا تؤخذ فقط من الشخصيات، ولكن يمكنك الحصول عليها أيضاً من خلال الوثائق والبيانات والأرقام أو التقارير الجديدة حول الموضوع، والتي لم يسبق نشرها. وعن الصور والمستندات في التحقيق الصحفي مهمة جداً, لأنها تضفي المصداقية على التحقيق ولكن عليك أن تقرا المستندات جيداً وتلخيصها والتأكد من صحتها, والصورة في الغالب تجيب على التحقيق, أو تكون في حد ذاتها تحقيقاً وهو ما أفرز نوع جديد من التحقيقات هو "التحقيق المصور", وعلى الصحفي أن يشرك مصور التحقيق في كتابة تعليق الصورة, وأحياناً يمكن تعويض الصور بالكاريكاتير, أو عمل تحقيق كامل بالكاريكاتير. ثالثاً تنفيذ التحقيق الصحفي: وهي تعني الحصول على المعلومات الحية من المصادر والشخصيات المرتبطة بموضوع التحقيق، وذلك من خلال لقاءات مع الشخصيات المختلفة الذين يمكنهم إعطاء معلومات هامة عن الموضوع، سواء من المسؤولين أو من الجمهور المرتبط بالمشكلة. والمعلومات الحية لا تؤخذ فقط من الشخصيات، ولكن يمكنك الحصول عليها أيضاً من خلال الوثائق والبيانات والأرقام أو التقارير الجديدة حول الموضوع، والتي لم يسبق نشرها. بعد أن أكملنا كل مراحل تنفيذ التحقيق تأتي مرحلة كتابة التحقيق الصحفي, وأن يتكون من ثلاث أجزاء هي المقدمة، الجسم، الخاتمة: والمقدمة هي خلاصة الموضوع وعادة تكون بسيطة وقريبة من العناوين الرئيسة لأنها تتضمن أهم ما في التحقيق أو تلخص وقائعه, ويمكن أن تكون خلفية للموضوع إذا كان التحقيق له خلفية تاريخية, أو مرتبط بموضوع سابق. ثم يأتي جسم التحقيق ويشمل تفاصيله المختلفة ويعرض فيه تلخيص ل "المستندات أو الأدلة"، ثم بعد ذلك تكتب الخاتمة التي تطرح الحل أو تلخص أهم الآراء الواردة في التحقيق, وتصف فيها التحقيق المطعن بالرأي الغير صريح بعكس التقرير الصحفي. وفي النهاية تضع العناوين المناسبة، سواء العنوان الرئيسي أو العناوين الفرعية, ويجب أن تكون جذابة ويستحب أسلوب السخرية, ولي أسلوب الاستفهام. وأكد "القماش" أنه أحياناً تطلب الجريدة من الصحفي تلخيص التحقيق أو تحويله إلى خبر أو تقرير أخباري, أو يقوم بنشر التحقيق على حلقتين, لذلك على الصحفي أن تكون لديه المقدرة عل فعل ذلك في أي وقت, وعليه أن يتقبل الأمر وبكل سهولة لأن المساحة المخصصة للتحقيق على الصفحة لا تكفي. واستقبل "القماش", بعد ذلك الأسئلة من الشباب الحاضرين, مطبقاً بأمثلة من واقع الصحافة المصرية, أو مستشهداً بتحقيق صحفي قام بتنفيذه. وبع استراحة قصيرة بدأت المحاضرة الثانية, عن " المنهج والخط السياسي للصحيفة", وقال فيها د. مجدي قرقر عضو مجلس الشعب, أننا نتمنى أن نكون تكون الدورة التدريبية حققت فائدتها المرجوة, وأضافت للكثير منكم. وأضاف "قرقر", أن جريدة "الشعب" هي لكل "الشعب", في الوقت الذي تعبر فيه بصدق وموضوعية عن حزب العمل, وهي تبتعد كغيرها من الجرائد ذات المرجعية الإسلامية, فموقفها واضحاً دائماً. وأشار "عضو مجلس الشعب", أن رسالة الجريدة هي رسالة الحزب, لذلك عندما نتحدث عن جريدة الشعب فنحن نتحدث عن حزب العمل, والحزب هو حزب مصري عربي إسلامي ونؤمن بالمنهج الإسلامي في رؤيتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, لأن الإسلام هو مفهوم الحضارة, وهي ترجمة لمقولة الإمام الغزالي "أنا مصري عربني الإسلام", فحضارة أمتنا إرث مشترك شارك في بنائه المسلمين والمسيحيين على السواء, فالعادات والتقاليد هي ممارسات من المسلمين والمسيحيين على حد السواء. وحزب العمل يحاول أن ينصر الفقراء والضعفاء, من زعامات مصر والفاسدين ممن استولوا على مقدراتها, وهو ما حققته الجريدة من إسقاط لوزراء أمثال يوسف والي وزير الزراعة, وذكي بدر وزير الداخلية الأسبق. ونحن في حزب العمل امتدادنا الطبيعي لزعيم الفلاحين أحمد عرابي وبعده عبد الله النديم وتلاميذه, والزعيم الراحل مصطفي كامل الذي تأثر به كثيراً الزعيم أحمد حسين, ومن بعده إبراهيم شكري وحلمي مراد وصولاً للأستاذ مجدي أحمد حسين رئيس الحزب. وأك "قرقر" أن جذور الأحزاب الإسلامية في مصر ترجع لباعث النهضة "جمال الدين الأفغاني" والذي جاء إلى مصر عام 1870, فكان مناضلاَ ضد الاحتلال الانجليزي واستقر في مصر وتتلمذ على يديه ثلاثة فصائل: هما سعد زغلول والشيخ محمد عبده, وأقطاب الثورة أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي وعبد الله النديم. ولتلاميذ "الأفغاني" دروس وعبر فعرابي الذي وقف أمام الخديوي توفيق في 9 سبتمبر 1881 لمواجهة طغيانه وجبروته, وتحدث في ذلك الوقت باسم الشعب, بعد أن جمع التوكيلات من كافة الأرجاء والقرى ليفوضه بأن يتحدث باسمه, وكان يوجه عرابي حديثة للخديوي ليس طالباً ثراء أو تحسين حالة معيشة أو أي أمور اقتصادية بل طالب بالديمقراطية, ولكن شاءت الأقدار أن يهزم عرابي في موقعة "التل الكبير", بعد أن تآمر الغرب والخونة من الجيش المصري وأوقعوا به, ونفى الانجليز قادة الثورة العرابية. لذلك نتحدث من الثورة العرابية, نجد الوطنية والإسلام هي المكون الرئيسي للشخصية العرابية, فكانت ثورة وطنية إسلامية, وحزب العمل هو امتداد لهذا التوجه الوطني. وتابع "قرقر": أن عبد الله النديم الذي ظل لسنوات هارباً من في قرى ونجوع مصر وتكفلت به, حتى تم القبض عليه وتم محاكمته أمام قاسم أمين, وقضى عقوبة السجن وخرج بعدها, وأكتشف أن الامل الوحيد في الشباب لنصرة الأمة وكان من بين هؤلاء طالب الحقوق مصطفى كامل الذي حمل قضية الأمة المصرية على عاتقه, وتأثر به كثيراً الزعيم الراحل أحمد حسين مؤسس حركة مصر الفتاه التي هي امتداد لحزب العمل الحالي, التي كانت الوطنية الإسلامية مكون رئيس من شخصية, وصاحب مشروع "القرش الشهير", وتحرير الصناعات المصرية من النفوذ الأجنبي, بعد أن سيطر الانجليز على معظم خامات الصناعات المصرية, فحتى الطرابيش كانت صناعة أمريكة, فله الفضل في التخلص من تلك التبعية الاقتصادية, وتنامي الصناعة المصرية بعد أن حقق مشروع القرش نجاحاً كبيراً, وعل الرغم من ذلك أبناء الأفغاني ظلموا تاريخياً. الصحفي الجيد يجب أن يشك, ويأتي بالمعلومة من أكثر من مصدر, وأن يتحرى الموضوعية, وأضاف أن بعد الثورة أصبح الأمل في شباب مصر, وكما كان يقول مصطفى كامل "أريد أن أبعث في مصر الهرمة مصر الفتاة" فإن ثورة مصر بشبابها بعثت في مصر الهرمة مصر الفتاة، واستعادت شبابها وعافيتها، فمصر في أقوى لحظاتها وقوتها وعلينا استغلال هذا الظرف الذي تمر به البلاد, فثورة 25 يناير تأثرت بمصر الفتاه فيما كانت تنادي به الحركة من إصلاح وعدل الاجتماعي. أما الشيخ محمد عبده، كان فكره دائماً العمل من داخل النظام الحاكم, وعدم الخروج عليه بعكس حركة الضابط عرابي الثورية أو عبد الله النديم أو الجماعات الإسلامية فيما بعد والتي رأت ان الحاكم حينما يفسد لابد من الخروج عليع, وفي الوقت نفسه لا يمكن أن نتهم الإمام محمد عبده بالعمالة أو التواطؤ مع الانجليز أو الخديوي. فالفرق بين عرابي أو عبد الله النديم ومحمد عبده, أن عرابي والنديم كانا أصحاب خط ثوري "تغيير من منظور شامل" وحزب العمل هو امتداد لهذا البعد الثوري, أما محمد عبده والإخوان المسلمين فهم أصحاب توجه إصلاحي ولكن دون الخروج على الحاكم أو الاصطدام المباشر معه. وقال عضو مجلس الشعب, أن مصر الفتاه قد استخدمت بعض العنف ولكن بشكل رمزي وليس كمنهج, فمن كوادر الحركة من قام بحرق بعض الخمارات, وقاوموا الاحتلال الانجليزي, في الوقت الذي لم تنسى الحركة قضية العروبة, وخاصة القضية الفلسطينية, والتاريخ قد ذكر للزعيم الراحل أحمد حسين موقفة البطولي من إعلان الصهاينة فلسطين أرض لهم في الأربعينيان من القرن الماضي, حينما صعد منبر الأزهر, وطالب الجهاد من أجل إنقاذ القدس, وفي اليوم التالي كان فعلاً في الأراضي المقدسة, وهو نفس الاتجاه الذي سار عليه مجدي حسين حينما فك حصار غزة, واصدر ضده أسرع حكم في التاريخ "في48 ساعة", وحكم عليه بالحبس سنتين, الى أن اراد الله له الخروج في الأيام الأولى من الثورة. وأضاف, أن الخط السياسي للحزب وجريدته يكمن في العديد من المحاور منها, الاستقلال ضد التبعية, سواء التبعية الاقتصادية أو السياسية, ويمكن أن يتضح ذلك في كتاب "الاقتصاد المصري من الاستقلال إلى التبعية" للزعيم الراحل عادل حسين, وحزب العمل مع الحرية وضد الاستعمار, نحن مع الشورى ضد الاستبداد, ومع طهارة اليد وضد الفساد, وليس غريب أن يكون الفاسدين في مصر هم أعوان الصهاينة على مر العصور كالمخلوع وعصابته, والحزب مع تأصيل هوية مصر العربية والاسلامية في مواجهة التغريب , وفي الاقتصاد نحن مع تحقيق العدل الاجتماعي من خلال صناعة وطنية "قطاع عام إلى جانب قطاع خاص لأنهما جناحا التنمية". وأكد قرقر على أن الحزب يرفض العلاقات الخاصة مع أمريكا في جميع المجالات, ونقاوم المشروع الصهيوني في فلسطين, وأكبر دليل على ذلك أن جريدة الشعب الأسبوعية, من أكثر الجرائد التي تناولت القضية الفلسطينية, وتفوقت على الاهرام الجريدة الحكومية الرسمية, فكانت معاركه مع الاستقلال ورفض التبعية والتطبيع مع الكيان الصهيوني, وهاجمت يوسف والي وزير الزراعة الأسبق بسبب تطبيعه مع الصهاينة واستيراد مبيدات مسرطنة من هذا الكيان مما تسبب في إغلاق جريدة الشعب فيما عرفت ب"قضية الخيانة العظمى". وأنهي "قرقر" حديثه متمنياً للشباب المشاركين بالدورة بمزيد من النجاح, واستقبل بعض الاسئلة دارت معظمها في التاريخ النضالي لحزب العمل وجريده, وبعدها تم تكريم المشاركين, وتوزيع شهادات تفيد بحضور الدورة التدريبية لجريدة الشعب.