"قدامكم مهلة يومين.. وبعدكده هنفذ قرارات الإزالة".. كانت هذه رسالة حي مصر القديمة إلى ملاك وعمال أكثر من 77 مدبغة و150 مصنعا للغراء في منطقة سور مجرى العيون. تضم منطقة المدابغ ورشا ومصانع لدباغة الجلود، والغراء والجلاتين، ومحال ومقاهى لخدمة المنطقة التى يعمل فيها نحو 60 ألف عامل وبدأت عملية نقل الورش إلى الروبيكى نهاية عام 2017، وتعانى منطقة «المدابغ» من تهالك شبكة الصرف الصحى والكهرباء وارتفاع نسب التلوث ما يضر بسكانها. وتصل مساحات المدابغ والمصانع والمخازن من ألف إلى 2000 متر مربع ولدى ملاكها سجلات صناعية ومستندات ملكية، وتم حصرها ضمن حصر المدابغ التى سيتم نقلها إلى منطقة الروبيكى فى مدينة بدر «مدينة صناعات الجلود»، وتم إبلاغ الملاك بأنه تم تخصيص ورش بديلة لهم فى الروبيكي. "مش عايزين تعويض" غير أن أصحاب المدابغ اكتشفوا أنه تم إرجاء عملية التسليم إلى المرحلة الثانية لمدينة صناعات الجلود، فتمسكوا بالبقاء فى المنطقة للاستمرار فى العمل، ولكن إدارة حى مصر القديمة أبلغتهم بأنه سيتم إزالة المدابغ وأن بإمكانهم الحصول على تعويض مالى. أصحاب المدابغ ومصانع الغراء والعمال والمستأجرون رفضوا التعويضات مقابل ترك المدابغ وطالبوا المسؤولين بتوفير الورش البديلة أولاً فى الروبيكى لنقل معداتهم إليها، وأرسلوا شكاوى إلى مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية للمطالبة بوقف الإزالة، وردت إدارة الحى بالإعلان عن المهلة. تجدر الإشارة إلى ان التفكير فى نقل المدابغ خارج القاهرة بدا الحديث عنه منذ تسعينيات القرن الماضى، حيث صدر قرار بذلك عام 1992 ولكن لم يتم تنفيذه ثم أصدر حاتم صالح، وزير الصناعة الأسبق، قراراً بنقل المدابغ إلى منطقة الروبيكى بمدينة بدر الصناعية، التي تبعد 45 كيلومترا من القاهرة. ويرفض ملاك ومستأجرى ورش المدابغ ومصانعها الحصول على تعويض مادى، إذ تتلخص مطالبهم فى الحصول على ورش ومصانع بديلة، وكل ما يريدون مكاناً بديلاً للاستمرار فى مهنتهم والصناعة التى يعرفونها. تحديث الورش وقطع الكهرباء جزء من أزمة أصحاب المدابغ أنه بعد تأكدهم من نقلهم إلى الروبيكى سارعوا بشراء معدات جديدة لتطوير ورشهم ومصانعهم إلا أنهم فوجئوا بتأخر هذه الخطوة وأن المرحلة التى كانت ستضم ورشهم ومصانعهم لم يصدر لها قرار بالإنشاء بعد والبديل الحالى تعويض هزيل لا يتناسب مع قيمة المدبغة الأصلية حيث تصل قيمة التعويض الحكومى ل2310 جنيهات للمتر المربع. وكان أصحاب المدابغ المتبقية تقدموا بطلبات لوزارة الصناعة لتوفير مكان بديل لهم فى الروبيكى على مدار ال3 سنوات الماضية وحصلوا على تخصيص مبدئى لوحدات بديلة وتم نقل الجانب الأكبر من المدابغ والبدء فى عمليات الهدم ثم اكتشف بعضهم أنه لن يتم نقلهم ضمن هذه المرحلة. ويقول بعض أصحاب المدابع إن إدارة الحى تتعمد قطع المياه والتيار الكهربائى عن المنطقة لإجبارهم على قبول التعويضات وترك المدابغ وهو ما يتسبب فى إتلاف بضائعهم. 60 ألف عامل فى منطقة سور مجرى العيون حوالى 150 مصنعا لإنتاج الغراء والجلاتين من بقايا الجلود التى يتم استخدامها فى عدد من مصانع الأثاث والغذائية وغيرها، وتعد هذه من أكبر مناطق إنتاج الغراء فى الجمهورية، إلا أنه لم يتم التخطيط لنقلهم إلى الروبيكى حسب تأكيدات عدد من أصحاب المصانع المنتظر هدمها، وفى هذه الحالة ستحدث أزمة بيئية شديدة لعدم وجود من يعيد استخدام هذه المخلفات. يعمل فى كل مدبغة أكثر من 20 عامل وفى حال الهدم سيصبحون عاطلين. تضم منطقة المدابغ ورشا ومصانع لدباغة الجلود، والغراء والجلاتين، ومحال ومقاهى لخدمة المنطقة التى يعمل فيها نحو 60 ألف عامل. أصحاب المدابغ والمصانع قدموا شكوى إلى مجلس الوزراء والتقوا أحد المستشارين فيه- أكد أنه لم يتم هدم أى وحدة قبل استلام البديل وعندما نقلوا هذا الحديث إلى رئيس الحى، رد بأنه لا يتعامل إلا من خلال قرارات رسمية مكتوبة وليس بأوامر شفهية مشيراً إلى أن المنطقة قيد التطوير. وأشار أحد أصحاب المدابغ إلى أن أغلب المدابغ المتبقية تعود لمنتجى الجلود المستخدمة فى المنتجات الشعبية وفى حالة الهدم ستختفى سلع عليها طلب كبير من المواطنين العاديين والذين لن يكون أمامهم سوى شراء إنتاج المصانع الكبيرة وبسعر أعلى.