انتبه من فضلك السعودية ترجع إلى الخلف.. أكبر حقل نفط على وشك النضوب.. هكذا يمكن تلخيص الكارثة التي نوهنا عنها في العنوان. الكارثة كانت محاطة بسياج شديد من السرية من قبل العائلة الماكلة في السعودية، ولا يُسمح لأي مسئول أن يتطرق إلى الحديث عنها، حتى أن أحد المسئولين أطيح به بمن منصبه، بل ومن السعودية نفسها بسبب تصريح عن مستقبل النفط في المملكة! سداد الحسيني في العام 2007 م، كان الدكتور سداد إبراهيم الحسيني، وهو جيولوجي سعودي من أصل سوري. كان يشغل منصب النائب التنفيذي لرئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، لشئون الاستكشاف، كما كان عضو مجلس ادارة أرامكو. "الحسيني" من المؤمنين بنظرية قمة هبرت لإنتاج النفط. وفي أكتوبر 2007، قال إن السعودية قد وصلت لأقصى انتاج لها في 2006. مما أدى إلى فصله من أرامكو. كان تصريح الحسيني صادما، فمملكة النفط الأولى في العالم بلغت ذروة النفط في 2006، وذروة النفط المقصود بها (الذروة النفطية Peak oil) هي نقطة زمنية يصل فيها استخراج النفط إلى أقصى معدل انتاج عالمي، وبعدها يدخل هذا معدل الانتاج في هبوط نهائي. كارثة تصريح الحسيني لم تقتصر على ذلك الأمر، بل إن الرجل أكد أن كثير من الاحتياطيات المؤكدة هي مجرد مكامن غير مؤكدة. وقال إن احتياطيات العالم [من النفط] مشوشة، وفي الحقيقة، مبالغ فيها. فالعديد مما يسمى احتياطيات هي مجرد مصادر. وهي ليست محددة، ولا يمكن الوصول إليها، لا هي متاحة للانتاج. وحسب تقدير الحسيني، 300 بليون برميل (64×109 م3) من احتياطيات العالم المحققة البالغة 1,200 billion barrels (190×109 m3) يجب إعادة تصنيفهم كمصادر تخمينية. كانت تصريحات سداد الحسيني صادمة وكارثية في آن، فكان العقاب على قدر الصدمة، فطردته العائلة المالكة من أرامكو ومن السعودية. نضوب أكبر حقل نفطي الحديث هنا عن حقل الغوار، وهو حقل نفط في المملكة العربية السعودية. ويقع على بعد 100 كم غرب بجنوب غرب مدينة الظهران في المنطقة الشرقية. ويبلغ اتساعه 280 x 30 كم، وهو أكبر حقول النفط في العالم وبفارق شاسع عن الحقل التالي له. بعد تشغيله واستخراج النفط منه تم تأميمه في صيغة شركة أرامكو. وصفت وكالة أنباء بلومبرج حقل “غوار” بأنه سر المملكة العربية السعودية ومصدر ثرواتها، كما أنه حقل هام للدرجة التي قادت المخططين العسكريين الأمريكيين إلى التفكير ذات مرة في كيفية الاستيلاء عليه بالقوة، في حين أنه كان مصدر تكهنات لا نهاية لها بالنسبة لتجار البترول. ومع ذلك، أصبح السوق يدرك أخيرا أن الطاقة الإنتاجية لحقل “غوار”، وهو أكبر حقول البترول التقليدية في العالم، تنخفض كثيرا عن توقعات أي شخص. وأوضحت “بلومبرج” أن شركة “أرامكو السعودية” كشفت الأسرار التي تحيط بحقولها البترولية الضخمة بإعلانها عن أرباحها للمرة اﻷولى على الإطلاق منذ تأميمها منذ نحو 40 عاما، فقد أوضحت البيانات الصادرة مؤخرا قدرة حقل “غوار” على ضخ 3.8 مليون برميل يوميا كحد أقصى، وهو ما يقل بكثير عن الطاقة الإنتاجية السابقة المقدرة ب5 ملايين برميل يوميا. وقال فيرندرا شوهان، رئيس قسم الإنتاج لدي “إنرجي أسبكتس”، إن انخفاض الطاقة الإنتاجية لحقل الغوار بشكل مفاجئ يعد أبرز ما أوضحه تقرير أرامكو، خاصة أنه يعد من أكبر الحقول البترولية في السعودية. وقدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية حجم الطاقة الإنتاجية لحقل “غوار” ب 5.8 مليون برميل يوميا في عام 2017، كما قالت أرامكو، في عرض قدمته في واشنطن عام 2004 عندما حاولت دحض نظريات “الذروة البترولية” للمصرفي الأمريكي المتخصص في مجال البترول ماتيو سيمونس، إن الحقل السعودي يضخ أكثر من 5 ملايين برميل يوميا. وقال سيمونس، في كتابه “الشفق في الصحراء”، إن السعودية ستناضل لتعزيز إنتاجها البترولى، نظرا لعدة عوامل، من بينها نضوب حقل “غوار”، مضيفا -في إشارة منه إلى تأميم أرامكو- أن تقارير الإنتاج الخاصة بكل حقل أحاطتها حالة من الغموض خلال العقدين الماضيين. وأثبتت البيانات الجديدة الخاصة بحقل “غوار” أحد النقاط التي طرحها سيمونس، ولكنه أخطأ في التغييرات الأخرى المتعلقة بالتكنولوجيا التي سمحت للسعودية ومنتجي البترول الصخري اﻷمريكي بتعزيز الإنتاج بشكل كبير، مع وصول الإنتاج العالمي إلى ذروته. ولم توضح “أرامكو” سبب انخفاض الطاقة الإنتاجية لحقل “غوار” بمقدار الربع مقارنة بما كان عليه الوضع منذ أقل من 15 عاما، خاصة أن هذا الانخفاض كبير بالمقارنة بأي حقل بترول آخر، كما أنها لم توضح ما إذا كان هذا الانخفاض سيستمر بنفس المقدار في المستقبل. وأوضحت “بلومبرج” أن اﻷرقام الجديدة تدل على خسارة حقل “الغوار” للقب أكبر حقل للبترول في العالم، لصالح حقل “بيرميان” الأمريكي، الذي وصلت طاقته الإنتاجية إلى 4.1 ملايين برميل يوميا في مارس الماضي، مشيرة إلى أن “غوار” حقلا هاما للغاية بالنسبة للسعودية، فهو يستحوذ على أكثر من نصف إجمالي إنتاج البترول الخام في البلاد. وبالإضافة إلى حقل “غوار” المستكشف في عام 1948، تعتمد السعودية اعتمادا كبيرا على حقلي بترول آخرين، وهما حقل “خريص”، الذي تم اكتشافه عام 1957 والذي يمكنه ضخ 1.45 مليون برميل يوميا، وحقل “السفانية”، الذي تم اكتشافه في عام 1951 والذي يعد أكبر حقل بترول بحري في العالم بطاقة إنتاجية تقدر ب 1.3 مليون برميل يوميا. سبب كشف السر العالم المصري نايل الشافعي علق على إزاحة الستار عن إحصائيات حقل الغوار رغم عقود السرية المفروضة على الأمر. وقال "الشافعي" في منشور عبر صفحته على "فيسبوط" إن حقل الغوار السعودي انخفض انتاجه من 5.8 مليون برميل يوميا في ديسمبر2017 إلى 3.8 في مارس2019. وقفز انتاجه في الأزمات إلى 8مليون برميل يوميا، ولعل ذلك ما عجل بالنفاد. وفسّر "الشافعي" الكشف عن إحصائيات حقل الغوار بقوله: "بعد70سنة من السرية، أرامكو تضطر للإفصاح لطرح سندات اقتراض 70مليار$." وأضاف أن الغوار هو أكبر حقل نفط في العالم، باحتياطي 48.2 بليون برميل وإجمالي احتياطي السعودية 226 بليون برميل. المشكلة هي أن 20% من حقول السعودية تجاوز الاستخراج 40% من محتواها. وصناعة النفط العالمية تجد صعوبة بالغة في انتاج أكثر من نصف الاحتياطي المؤكد. وختم "الشافعي" منشوره بالإشارة إلى أن هذا الإفصاح يخلي ساحة "سداد الحسيني"، نائب رئيس أرامكو الذي صرّح في 2007 أن السعودية بلغت ذروة النفط في 2006.