طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، بإجراء تحقيق مستقل حول التعذيب في مصر، خاصة بعد إعلان النائب العام أن 20 حالة من حالات التعذيب التي نشرتها المنظمة خلال عام 2017 غير صحيحة، وأن عدم قضاء مصر على التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، أو التحقيق فيهما بحياد، يؤكد الضرورة الملحّة لإجراء تحقيق دولي مستقل،وبصفتها طرف في "اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب"، وعلى مصر السماح للمقرر الخاص المعني بالتعذيب، وغيره من خبراء الأممالمتحدة بزيارة البلاد، بما في ذلك مراكز الاحتجاز. وأضاف أنه ينبغي لمصر على نحو السرعة إنشاء أنظمة مستقلة للوقاية من التعذيب، تشمل السماح للمنظمات المستقلة بتفتيش مواقع الاحتجاز والسجون، وذلك بعد أن وزارة الداخلية قد طورت "خط تجميع" لارتكاب الانتهاكات الخطيرة للحصول على معلومات عن المشتبه في كونهم معارضين وإعداد قضايا ضدهم، غالبًا ما تكون ملفقة. وفي كثير من الأحيان، يُمارس أعضاء النيابة ضغطًا لتأكيد الاعتراف المُتحصل عليه عبر التعذيب، ولا يحققون أبدًا في الانتهاكات المزعومة.
ويُحال عدد قليل من الحالات على المحاكم، ولا تصدر أحكام إدانة إلا في قلّة قليلة منها. ويتعين على مصر أيضًا، التي انتُخبت رئيسة ل "الاتحاد الأفريقي" في 2019، السماح بزيارات وحدات "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب"، مثل "الفريق العامل المعني بمنع التعذيب في أفريقيا"، والمقرر الخاص المعني بالسجون وظروف الاحتجاز في أفريقيا، وفي 24 يناير بعثت اللجنة الأفريقية برسالة تضمنت نداءً عاجلا "حول الاعتقال المزعوم لأحد المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب توثيق الاستخدام المسيء للقوة في المحاكمات العسكرية وانتهاك حقوق المحتجزين الذين ينتظرون المحاكمة" في مصر.
وينبغي لمصر السماح لآليات الأممالمتحدة، مثل المقررين الخاصين المعنيين بالتعذيب والاختفاء القسري وأوضاع الاحتجاز، بزيارة البلاد، وتعديل قوانينها لتتوافق مع التزاماتها الدولية، بما يشمل التزاماتها تجاه "المبادئ التوجيهية والتدابير الأفريقية لحظر ومنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وكانت السلطات المصرية ترغب في إعادة بناء مصداقيتها المفقودة منذ عقود بسبب تسترها على الانتهاكات الجسيمة في حق المحتجزين وإنكارها، فعليها القضاء على التعذيب فورًا والترحيب بمحققين مستقلين دوليين من الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة، وليس منعهم من دخول البلاد".
هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى في العديد من حوادث التعذيب، وثّقت تورط عناصر من الشرطة والنيابة العامة في ترهيب الضحايا وتحذيرهم من مغبّة التظلّم أو الحديث عن التعذيب، وكانت هيومن رايتس ووتش قد أرسلت نتائجها إلى النائب العام ووزارة الداخلية قبل نشر التقرير بأربعة أشهر، لكنها لم تتلق أي رد. بقي تحقيق النائب العام، الذي يُزعم أنه انطلق أواخر 2017، سريا إلى حد كبير، ولم يشارك فيه "المجلس القومي لحقوق الإنسان" المدعوم من الحكومة أو أي خبراء قانونيين مستقلين أو مدافعين عن حقوق الإنسان. في الوقت نفسه أعلنت منظمة فريدوم هاوس في تقريرها السنوي أن مصر من بين الدول الأقل حرية مشيرة إلى القمع السياسي بالدولة، وذكرت منظمة العفو الدولية تسجيل 61 حالة لمحتجزين لا يسمح لهم بزيارات عائلية لفترات طويلة، إلا أن المنظمة تظن أن العدد أعلى من ذلك بكثير، جاء ذلك في بيان المنظمة على موقعها الرسمي مطالبة السلطات المصرية برفع تلك القيود والسماح لتلك الحالات بالزيارات.
وفي تاريخ مصر الحديث، يبدو أنه لم يصدر أي حكم إدانة نهائي ضد أي من عناصر الأمن الوطني، المعروف سابقا ب "أمن الدولة" والمسؤول على ما يبدو عن أغلب الانتهاكات الجسيمة، لارتكاب أي انتهاكات، وفي حالة حديثة في مايو 2018، برّأت محكمة جنايات ضابطين من الأمن الوطني، بعد أن أعيدت محاكمتهما بسبب تهم تتعلق بتعذيب وقتل المحامي كريم حمدي في قسم شرطة المطرية في 2015.
وكان الضابطان في حالة سراح في معظم مراحل المحاكمة بعد احتجازهما لفترة وجيزة في البداية، رغم خطر استخدام نفوذهما للتأثير على الأدلة. وفي أكتوبر، وثقت هيومن رايتس ووتش الاختفاء القسري والتعذيب المزعوم بحق خالد حسن، وهو مواطن مصري-أمريكي كانت السلطات قد أحالته قبل وقت قصير إلى محكمة جنايات. نفت الحكومة ارتكاب أي مخالفات، وعندما طلب محاميه فتح تحقيق رسمي وعرض إصاباته على الطب الشرعي، لم تتخذ النيابة العامة ولا القاضي أي إجراءات جادة.
ولجنة مناهضة التعذيب، قالت في تقريرها السنوي 2017 إن "إفلات مرتكبي أعمال التعذيب من العقاب واسع الانتشار، يُسهله عدم وجود هيئة تحقيق مستقلة للنظر في شكاوى التعذيب.. وعدم وجود رصد مستقل منتظم لمراكز الاحتجاز"، وفي تقرير 2017، قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للحكومة المصرية فتح تحقيق "يتفق مع الآلية الوطنية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب" للتحقيق في حالات التعذيب وملاحقتها قضائيًا وإعداد سجل خاص بها. كما أن مصر لا تسمح بأي مراقبة مستقلة للسجون وأماكن الاحتجاز، ورفضت مرارا زيارات لكيانات إقليمية ودولية مختصة بالتحقيق في مزاعم التعذيب، ومنها المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومصر هي الدولة الوحيدة التي خضعت لتحقيقين عموميين من قبل "لجنة مناهضة التعذيب" التابعة للأمم المتحدة.
واللجنة كتبت في يونيو 2017 أن الوقائع التي جمعتها تؤدي "إلى استنتاج لا مفر منه وهو أن التعذيب ممارسة منهجية في مصر"، والتعذيب مُستشر في مصر منذ عقود، لكن منذ أن أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، قمعت السلطات المعارضة، وقبضت على عشرات آلاف المعارضين، الكثير منهم اعتُقلوا تعسفا، ومنظمات حقوقية محلية ودولية، وثّقت مئات حالات الاختفاء القسري والتعذيب تحت حكم الرئيس السيسي. كما قتلت قوات الأمن مئات المتظاهرين السلميين وربما أعدمت محتجزين خارج نطاق القضاء في عدة حوادث.