كعادتهم منذ ألاف السنين ، بضمير مقتول ، وإنسانية زائفة ، وأهدافٍ حقودة مسمومة أُشعلت حرب شعواء بلا هوادة شنتها قوات الاحتلال الصهيوني في ليل السابع من يوليو عامٍ 2014 على الشعب الفلسطيني المحاصر المكلوم في قطاع غزة، لتركيع إرادة شعب ومحاولة يائسة لم تكن الأولى لإذلال القطاع وأهله وإعلانه هو الأخر منطقة صهيونية تقع تحت وطئة الاحتلال. كانت هذه الحرب هي الأعنف في تاريخ الشعب الفلسطيني المعاصر حيث استخدمت قوات الاحتلال الصهيوني آلاف الأطنان المتفجرة والمسرطنة والقاتلة، وصبتها حميم غضب على الأطفال والنساء والشيوخ والبيوت والمساجد، فقد تفجر الحقد الإسرائيلي، بركانًا على المظلومين المحاصرين، لكنهم قد واجهوا إعصارًا من ثأر ولهيبًا من انتقام جعل جل قادتهم السياسيين فى مأزق لا يحسدون عليه الآن. بدأت الحكاية بخطف الطفل محمد أبو خضير وقتله حرقًا على يد ثلاثة من قطعان المستوطنين المتطرفين في مدينة القدسالمحتلة، وازدادت وتيرة التصعيد بتزايد الاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وتشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وباشتداد العربدة الإسرائيلية على الفلسطينيين، بدأت الدماء تسيل والأشلاء تتطاير ورائحة البارود تفوح في أجواء فلسطين وخاصة في غزة، حصن المقاومة وعرينها الصامد. غزة لن تنكسر كان لابد للمقاومة الفلسطينية، أن تكون لها كلمة، ضد كل هذه الاعتداءات الإسرائيلية، بحق الشعب الفلسطيني، فرغم قلة الإمكان إلا أنها أبدعت أمام آلة الحرب الإسرائيلية المدمرة. ونفذت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عمليات نوعية أوجعت الاحتلال وكبدته خسائر فادحة على المستويين البشري والمادي فقد أدت الحرب الى مقتل 140 ضابطًا وجنديًا صهيونيًا، وفق إحصائية لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" فيما اعترف الاحتلال بمقتل 71 منهم، واعترف الاحتلال ب 1620 جريحًا صهيونيًا، و500 خرجوا من الحرب بإعاقة. خاب رهانهم ولقد راهن الاحتلال المجرم على سقوط غزة من الضربات الأولى وإخضاع المقاومة الفلسطينية لكنه فشل فشلا ذريعًا أمام ضربات المقاومة، وعملياتها النوعية، وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام، التي نفذت عمليات نوعية للغاية، فضربت مدينة تل الربيع المحتلة، منذ الضربة الأولى، وضربت حيفا والقدس ومناطق عديدة من فلسطينالمحتلة، وخرج رجال المقاومة الفلسطينية، من تحت الأرض عبر أنفاق الموت لجنود الاحتلال، الذين دُب في قلوبهم الرعب، واجتاحهم الخوف والفزع، فباتت المتسللون عبر الأنفاق، يشكلون لهم كوابيس مرعبة، فتقدمت المقاومة وضربت وأوجعت وقتلت وأسرت عديدًا من الجنود الإسرائيليين، وخاصة شرق غزة ورفح. نتائج كارثية استمرت الحرب الإجرامية نحلا 51 راح ضحيتها 2310 شهيدًا، و10626 جريحًا فلسطينيًا، وتدمير 13217 منزلًا، وتشريد 100 ألف فلسطيني، ومسح 90 عائلة فلسطينية من السجل المدني أغلبهم من المدنين الأبرياء العزل. وأما عن الخسائر في قطاع الصحة، فقد تم استهداف 36 سيارة إسعاف، و13 مستشفى حكومي، وأخرى غير حكومية بلغت 17 مستشفى، هذا إلى جانب استهداف 23 مركزًا صحيا، 4 منها دمرت بشكل كامل. ولم تسلم دور العبادة من الإجرام الصهيوني، فقد دمر الإحتلال 73 مسجدًا بشكل كامل، و197 بشكل جزئي، بالإضافة إلى كنيسة استهدفها بشكل جزئي، كما تم استهداف 10 مقابر إسلامية وواحدة مسيحية، وتدمير 6 مقرات للجان الزكاة، وشهدت مدرسة الأوقاف الشرعية وكلية الدعوة الإسلامية تضررًا جراء القصف، ناهيك عن تضرر 36 عقارًا وقفيًا. وانتصرت غزة بقيت المقاومة في غزة، واستمرت حتى اللحظة الأخيرة في إطلاق الصواريخ، رغم تخاذل العرب والمسلمين أمام واجباتهم تجاه إخوانهم في غزة، وصمد الشعب رغم الآلام والجراحات، وانتصر أطفال غزة على آلة الدمار الشامل الإسرائيلية، وفشلت أهداف الاحتلال في احتلال غزة أو إخضاعها. ورغم الموت والقتل والدمار إلا أن غزة عادت إلى الحياة تزف البشريات للعالم، ولكل المظلومين أن الظالمين إلى زوالِ ولو بعد حين، فلا مجال للخوف من البعبع الإسرائيلي الذي أرعب العالم بسلاحه وغطرسته، لكن غزة أوقفته وجعلته يفكر ألف مرة في اجتياحها بعدما سمعت القيادة الإسرائيلية، روايات جنودها المهزومين المدحورين على تخوم غزة.