أكد كبير المفتشين الدوليين السابق علي أسلحة الدمار الشامل في العراق هانز بليكس أن الاستخدام السلمي للطاقة النووية سيزدهر في مصر خلال الفترة المقبلة مشيراً إلي أن القاهرة كانت في طريقها لإنشاء برنامج نووي سلمي ولكنه توقف إثر حادثة «تشيرنوبل». وقال بليكس في محاضرة ألقاها أمس الأول بمكتبة الإسكندرية تحت إشراف معهد دراسات السلام بالمكتبة «علي أي دولة أن تلتزم بالحذر قبل عزمها إنشاء أي برامج نووية، لكونها تحتاج إلي تكنولوجيا عالية جداً» موضحاً أن مصر تمتلك هذا القدر العالي من التكنولوجيا. وأوضح بليكس أن مصر بدأت تفكر في الرجوع مرة أخري إلي إنتاج الطاقة النووية، خاصة بعد إثارة قضية الملف النووي الإيراني، مطالباً بضرورة الابتعاد عن عملية التخصيب عند إنشاء هذه البرامج النووية. وأضاف بليكس: إن هناك جهوداً مضنية من جانب أطراف متعددة لخفض عدد الرؤوس النووية الموجودة في العالم من 10 آلاف رأس إلي ألف فقط، مشيراً إلي أن العدد الأكبر من هذه الرؤوس يوجد في الولاياتالمتحدة وروسيا. وقال: هاتان الدولتان ليست لديهما سياسات تمنع استخدام هذه الأسلحة، وسمعنا مراراً وتكراراً من واشنطن أن كل البدائل مطروحة علي الساحة، وهو ما جعل التقدم الذي كنا نشهده في نزع السلاح يتحول إلي عملية «إعادة التسليح» في العالم،مشيراً إلي أن وكالة الولاياتالمتحدة للطاقة تسعي إلي إجراء تطوير للأسلحة النووية وتقوم الآن بإنتاج ما يعرف بالقنبلة المركبة الجديدة. وشن بليكس هجوماً علي السياسة الأمريكية فيما يخص العراق، موضحاً أن هناك تقارير لمجلس الأمن كانت تفيد بأنه لا يوجد أسلحة دمار شامل داخل العراق بعد أن تم تفتيش نحو 700 موقع هناك، وبالرغم من ذلك فإن الولاياتالمتحدة تجاهلت هذه التقارير في استخفاف متعمد بالبنود الخاصة بميثاق الأممالمتحدة. وقال إن عملية غزو العراق غير شرعية، حيث كانت هناك أخطاء في المعلومات الاستخباراتية لدي بعض العناصر في إيطاليا والتي وصلت إلي بريطانيا ثم إلي الولاياتالمتحدة، وأنه حدث نوع من «التدليس والغش»، مشيراً إلي أن زوج ابنة صدام حسين والذي أجريت معه تحقيقات أكد أن العراق تخلص من أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها بإشراف الأممالمتحدة، ولكن الولاياتالمتحدة سعت إلي إيجاد حجة أخري لغزو العراق. وأضاف أن واشنطن ابتعدت كثيراً عن روح ومضمون الأممالمتحدة، ونحن نتذكر أنه في عام 1990 جاء بوش الأب إلي المنطقة لمنع غزو كان سيقع بها، ولكن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني كان يود شن الحرب علي العراق في عام 2002 فوصف عملية التفتيش التي قمنا بها آنذاك بأنها عملية فاشلة. وأكد بليكس أن هناك اتجاهاً عالمياً عاماً وأصواتاً عاقلة حتي داخل حكومة بوش ترفض الوضع الراهن بأن تكون الولاياتالمتحدة هي القوة الوحيدة أو القائد الأوحد للعالم، مشدداً علي ضرورة تقديم مجموعة من الوسائل التشجيعية للدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية حتي تتخلي عن عملية تخصيب اليورانيوم. وأشار إلي أن الضمانات الأمنية كانت هي الوسائل التشجيعية لكوريا الشمالية. وحول المفاوضات التي تجري حالياً لإنهاء الأزمة النووية الإيرانية، أشار بليكس إلي أن المفاوضات التي يتزعمها الاتحاد الأوروبي بها جانبان غائبان وهما عدم وجود ما يضمن عدم حدوث هجوم أمريكي ضد إيران، رغم أن هذا الضمان تم تقديمه في حالة كوريا الشمالية، وقال: علي المجتمع الدولي أن يؤكد لإيران أنها لن تكون الدولة الوحيدة التي تتخلي عن التخصيب، وإنما هناك دول أخري ستفعل ذلك ومنها الكيان الصهيوني مشيراً إلي أنه لا يعلم إذا كان الكيان الصهيوني يقوم بالتخصيب أم لا، وإنما يعرف أنها تقوم بتصنيع قنبلة البلوتونيوم. وأكد بليكس ضرورة السعي الدؤوب لإحداث التوازن الذي كان قد بدأ يتحقق في نزع السلاح النووي وانتشاره، موضحاً أن الدول التي ليست لديها أسلحة نووية تشعر بحالة من الإحباط وأنها تعرضت ل «الغش». وقال: أعتقد أن هذا صحيح لأن الدول التي تمتلك السلاح النووي بدأت في عملية تطوير جيل جديد من الأسلحة النووية بدلاً من استخدام بدائل أخري، مشيراً إلي أن هناك ازدواجية في المعايير لدي الغرب لأنه لا يسمح للدول الأخري بإجراء اختبارات نووية، بينما يحتفظ بحقه في إجراء هذه الاختبارات النووية. وشدد علي أهمية إعادة إحياء عملية نزع السلاح في العالم، طالباً من مسصر بأن تقوم بدورها المركزي في ذلك، خاصة أنها شاركت مع البرازيل والسويد في وضع الأجندة الجديدة الخاصة بنزع السلاح النووي من العالم.