كشفت مصادر قضائية، أن نيابة الأموال العامة بدأت التحقيق فى بلاغ يتهم سوزان ثابت، زوجة الرئيس المخلوع، وأنس الفقى وجمال وعلاء مبارك، وأحد الناشرين البارزين، بالاستيلاء على أموال الدعم الأجنبى لمشاريع تنموية وثقافية على رأسها مهرجان القراءة للجميع. وبدأت النيابة تحقيقات موسعة فى بلاغات قدمها مصطفى بكرى، عضو مجلس الشعب السابق وعدد من العاملين بجمعية الرعاية المتكاملة، يتهمون فيها المسؤولين القائمين على مشروع مهرجان "القراءة للجميع" وعلى رأسهم سوزان ثابت، زوجة مبارك، وأنس الفقى وفاروق حسنى بارتكاب العديد من المخالفات المالية والإدارية وإهدار المال العام.
وقالت البلاغات إن هؤلاء المسئولين تلقوا مبالغ مالية طائلة على سبيل التبرعات من جهات ومؤسسات محلية ودولية، علاوة على منح من جهات ودول خارجية، استفادوا منها لأنفسهم بصورة شخصية، وصرفوا بعضها لغيرهم دون الخضوع لأى جهات رقابية سواء الجهاز المركزى للمحاسبات، أو هيئة الرقابة الإدارية. وأضافت أنه تم تحويل أموال طائلة لإحدى دور النشر، بعد اختيار مالكها للعمل عضواً بلجنة مشروع القراءة للجميع، التى كانت ترأسها سوزان.
وأضافت البلاغات أن دار النشر الشهيرة كانت تتولى نشر كتب الأطفال الخاصة بالمشروع، وحصلت على قروض بأموال طائلة من بعض البنوك بزعم تمويل طباعة المطبوعات الخاصة بمشروع القراءة للجميع، غير أن الدار استثمرت القروض فى عمليات السمسرة والمضاربات المالية لصالح شركات يساهم فيها جمال وعلاء مبارك نجلا الرئيس السابق.
وحصرت نيابة الأموال العامة العليا جميع البلاغات المتعلقة بمشروع القراءة للجميع، لاستدعاء المشكو فى حقهم للتحقيق معهم. وأفادت مصادر قضائية بأن هذه أولى القضايا الجنائية ضد سوزان ثابت. وإذا ثبتت إدانتها وعلاء وجمال من خلال التقارير الرقابية فسيتم استدعاؤهم للتحقيق.
الأموال المجمدة لمبارك وأسرته وفى سياق متصل، أكد المحامى فى البنك المركزى السويسرى، بيير لارس، أن مبلغ ال410 ملايين فرنك سويسرى، الذى أعلن البنك تجميده مؤخراً "لا يخص الرئيس مبارك وحده، وإنما أفراد عائلته، بمن فيهم أحفاده"، موضحاً أن تجميد هذه الأموال إجراء احترازى، وليس دليلاً نهائياً يمكن من خلاله إعادتها للحكومة المصرية".
وقال لارس "إن استعادة هذه الأموال تحتاج إلى توافر 3 شروط أساسية، أولها التقدم بطلب رسمى من الخارجية المصرية، والثانى الإثبات وبدليل لا يقبل الشك أن تلك الأموال خرجت بطريقة غير قانونية، فضلاً عن صدور حكم قضائى بذلك، والدليل الذى لا يقبل الشك هنا هو الحكم القضائى النهائى غير القابل للاستئناف والصادر من محكمة مدنية مختصة وليست عسكرية، وبعد محاكمة عادلة وشفافة".
وحذر لارس من أن عملية استعادة الأموال من الخارج مسألة فى "غاية التعقيد وتحتاج إلى سنوات طويلة لضمان الحيادية الكاملة"، مشيراً إلى أن ما يتم استعادته فى الغالب "لا يتعدى ال20٪ من جميع الأموال، لاسيما فى الحالات المماثلة للديكتاتوريات العربية".
وأكد الخبير القانونى عدم تأثر استعادة الأموال بوفاة أو حياة الشخص المجمدة أمواله لدى البنوك السويسرية، لافتاً إلى أن الفاصل الوحيد هو "شرعية تلك الأموال".
وحول تصريحات مبارك الصوتية التى قال فيها إنه لا يملك أرصدة فى الخارج، أوضح لارس أن مبارك ربما كان محقاً فى معظم ما قال، لاسيما أن الأموال فى غالبية الدول الأوروبية فى شكل شركات واستثمارات وليست أموالاً سائلة باسمه.
وأضاف أن معظم الأموال السائلة المجمدة فى سويسرا ليست باسم مبارك الشخصى، وإنما باسم ولديه وزوجتيهما وأحفاده ومقربين منهم إضافة إليه شخصياً، لكن ذلك لا يعفيه من المسئولية أو يعنى عدم استرجاع الأموال، لأن القانون هنا صريح ويعتبر الأموال غير الشرعية التى خرجت من مصر سواء لنفس الشخص أو للغير يجب أن ترد.
فى سياق متصل، أصدر أمس جهاز الكسب غير المشروع بياناً حول الأموال التى أعلنت عنها سويسرا، وجاء البيان على لسان المستشار عاصم الجوهرى، مساعد وزير العدل، للكسب غير المشروع، وأكد أن هذه الأموال لا تخص مبارك وأسرته فقط، وإنما تخص 18 مسؤولاً سابقاً، قامت النيابة العامة بتجميد أموالهم، ومن بينهم مبارك وأسرته، وأكد الجوهرى أن الخارجية السويسرية أعلنت عن إجمالى المبلغ ولم تحدد قيمة ما يمتلكه كل مسئول، وأن اللجنة القضائية قامت أمس بالتنسيق مع مكتب المحاماة السويسرى لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية أمام المحكمة الفيدرالية المختصة للكشف عن سرية هذه الحسابات.
فيما طالب خالد أبوبكر، عضو الاتحاد الدولى للمحامين فى باريس، بضرورة تفويض محامين دوليين لرفع دعاوى قضائية لضمان استمرار تجميد حسابات رجال النظام السابق، قائلاً إن القرارات الأوروبية فى هذا الشأن لن تصمد طويلاً أمام القوانين الداخلية لكل دولة، والتى لا تجمد أموالاً لأشخاص دون أسباب واضحة أو سقف زمنى.