رفض لوران جباجبو السبت تهديدات دول غرب أفريقيا باستعمال القوة لإرغامه عن الرحيل من السلطة ووصفها "بغير المقبولة" وبإمكانها أن تؤدي إلى حرب أهلية جديدة. ويأتي هذا قبل يومين من وصول رؤساء دول غرب أفريقيا إلى هذا البلد لبحث تداعيات الأزمة السياسية التي تمر بها ساحل العاج منذ الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في 29 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ردا على تهديدات المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا باستخدام القوة، ردت حكومة لوران جباجبو، السبت، على ما قالت انه مؤامرة "غير مقبولة" من "المعسكر الغربي الذي تقوده فرنسا"، وحذرت من اندلاع حرب اهلية في هذا البلد الذي يعد ملايين المهاجرين.
وشهدت الازمة في ساحل العاج الناجمة عن انتخابات 28 /نوفمبر الرئاسية تحولا منذ ان هددت دول المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا في قمتها في ابوجا (نيجيريا) باستعمال "القوة الشرعية" اذا لم يتنح غباغبو عن السلطة ليتولاها خصمه الحسن وتارا الذي اعترف به المجتمع الدولي وفي مقدمه الاممالمتحدة رئيسا منتخبا.
وهذه المرة الاولى التي يقع فيها غباغبو الذي تجاهل حتى الان التهديدات والعقوبات، مباشرة تحت تهديد عملية عسكرية.
واعلن وزير خارجية بنين جان ماري اهوزو السبت ان رؤساء بنين وسيراليون والراس الاخضر سيزورون الثلاثاء ابيدجان حاملين رسالة تطلب فيها المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا من لوران غباغبو التنحي عن الحكم في ساحل العاج.
لكن معسكر جباجبو رفض التهديد وصرح اهوا دون ميلو المتحدث باسم حكومة لوران غباغبو ان التهديد "غير مقبول"، منددا "بمؤامرة من المعسكر الغربي بقيادة فرنسا".
وبعد ان اكد المتحدث لفرانس برس انه لا يصدق "اطلاقا" لجوء المجموعة الى القوة، تحدث عن خطر اندلاع "حرب اهلية" ان تم ذلك.
وقال ان "كل دول (غرب افريقيا) لديها رعايا في ساحل العاج، ويعلمون انهم ان هاجموا ساحل العاج من الخارج، فسيتحول الامر الى حرب اهلية في الداخل".
وتساءل "هل بوركينا فاسو مستعدة لقبول عودة ثلاثة ملايين من مواطنيها" من ساحل العاج الى بلدهم الاصلي؟.
واضاف ان "شعب ساحل العاج سيتجند" في وجه الضغوط التي "تؤجج وطنيته".
وقام شارل بلي جوديه وزير الشباب وزعيم "الشباب الوطني"، وهو احد اشد المدافعين عن جباجبو، بتعبئة انصاره في ابيدجان خلال الايام الاخيرة داعيا الى "معركة" من اجل "سيادة" ساحل العاج والى تظاهرة حاشدة الاربعاء في العاصمة الاقتصادية.
وفضلا عن اللجوء الى القوة، هددت دول غرب افريقيا بملاحقات دولية بحق المسؤولين عن اعمال العنف الاخيرة التي اسفرت عن سقوط 173 قتيلا حسب الاممالمتحدة بين 16 و21 ديسمبر.
وقد نزح حوالى 14 الف عاجي الى ليبيريا المجاورة منذ ما يقارب الشهر هربا من اعمال العنف بينما حاولت عناصر من القوات الجديدة (حركة التمرد سابقا) منع بعضهم من عبور الحدود، كما افادت الاممالمتحدة السبت.
وقد كانت البلاد تتطلع الى اغتنام فرصة الانتخابات لوضع حد لعقد من الازمات التي اندلعت تحديدا يوم عيد الميلاد سنة 1999 باول انقلاب في تاريخها.
من جانبه خرج الحسن وتارا المتحصن في فندق فخم تحت حماية الأممالمتحدة ومحاصر بالقوات الموالية لجباجبو الجمعة، عن صمت استمر عدة اسابيع ودعا الجيش الذي بقي وفيا للوران جباجبو الى اعلان ولائه له وحماية الشعب من "الفظائع" التي ترتكبها عناصر مسلحة من بينهم "ميليشيات ومرتزقة اجانب".
ورغم انه يفتقر الى دعم الجيش، سجل وتارا الخميس نقطة عندما قرر الاتحاد الاقتصادي والنقدي في غرب افريقيا منحه مراقبة الحسابات العاجية في البنك المركزي لدول غرب افريقيا.
ورفضت حكومة غباغبو هذا القرار واعتبرته "غير شرعي" لا سيما ان عواقبه قد تكون وخيمة عليها رغم بداية تسديد رواتب ديسمبر للموظفين هذا الاسبوع.
نزوح الالاف من ساحل العاج وترفض الاممالمتحدة طلب باغبو سحب قواتها وتعترف بحكومة وتارا
وتقول الاممالمتحدة ان حوالى 14 الف شخص فروا من ساحل العاج الى ليبيريا المجاورة في اعقاب انتخابات الرئاسة المتنازع بشأنها.
وتستعد الاممالمتحدة للتعامل مع حوالى 30 الف لاجئ في المنطقة.
ومعظم الفارين من ساحل العاج هم من انصار الحسن وتارا الذي يعترف العالم بفوزه في الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي.
وسيذهب ثلاثة من رؤساء دول غرب افريقيا الى ساحل العاج الثلاثاء لحث الرئيس المتمسك بمنصبه لوران جباجبو على ترك السلطة للرئيس الجديد، كما قال وزير خارجية بنين.
وكان جباجبو رفض دعوات متكررة من مختلف الجهات بترك منصبه مشيرا الى تزوير الانتخابات في المناطق الشمالية من البلاد.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة فاطوماتا ليون-كابا في مقابلة مع (بي بي سي) ان معظم من تركوا ساحل العاج منذ انتخابات 28 نوفمبر كانوا من قرى غربي البلاد.
وقالت انهم ساروا على الاقدام لعدة ايام هربا من التوتر الذي يحشى ان يتحول الى اعمال عنف، ولا يزال فيض اللاجئين مستمرا.
وقال لبيان لمفوضية اللاجئين "مع زيادة اعداد اللاجئين، تتزايد الحاجة للمساعدات الانسانية للاجئين واغلبهم من النساء والاطفال وكذلك للقرويين الذين يوفرون لهم المأوى".
وقال وزير خارجية بنين جان ماري ايهوزو ان رؤساء بنين وسيراليون والراس الاخضر سيزورون ساحل العاج ليبلغوا جباجبو باسم مجموعة دول غرب افريقيا "بان عليه ترك السلطة باسرع ما يمكن والا عليه ان يواجه قوة عسكرية".
ويتسق ذلك مع تحذير لجباجبو الجمعة من قادة دول غرب افريقيا باحتمال قيامهم بعمل عسكري ضد جباجبو.
وزعمت حكومة جباجبو ان التهديد غير عادل، كما ادانت قرار البنك المركزي لغرب افريقيا منح وتارا السيطرة على حياب ساحل العاج فيه.
وكان وتارا حث القوات المسلحة على حماية المدنيين من هجمات "الميليشيات والمرتزقة الاجانب الذين يسيلون دماء اهل البلاد".
ويقيم وتارا وحكومته في فندق بالمدينة الرئيسية في البلاد، ابيدجان، تحت حماية قوات الاممالمتحدة.
وطلب جباجبو من قوات الاممالمتحدة والقوات الفرنسية مغادرة البلاد، وحذر احد حلفاء باغبو من ان تلك القوات ستعامل كمتمردة اذا لم تستجب للطلب.
ورفضت الاممالمتحدة، التي لها 10 الاف جندي في ساحل العاج، طلب المغادرة.
ويقول مسئولو الاممالمتحدة ان 170 شخصا قتلوا في اعمال عنف للقوات المسلحة التي تظل موالية للرئيس المنتهية ولايته جباجبو.