مجلس جامعة طنطا يهنئ الرئيس السيسي بتوليه فترة رئاسية جديدة    ارتفاع مؤشر الدولار عالميا بعد تراجعه في الجلسة السابقة    استقرار أسعار الذهب في مصر وعيار 21 يسجل 3090 جنيهًا    رئيس وزراء بيلاروس: سننشئ مخزنا للحبوب على أرض مصر    كاتب صحفي: العلاقات بين مصر والكويت جذور تضرب بعمقها في التاريخ    نتنياهو: إسرائيل لن تستسلم لحركة حماس    الأرض تنزف حمما بركانية بالإكوادر.. «زيادة في ثاني أكسيد الكبريت»    إصابة شرطي إسرائيلي في عملية الطعن بالقدس    يلا شوت.. مشاهدة مباراة ريال مدريد وبايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا 2024 دون تقطيع    جدول ترتيب الدوري الإسباني بعد انتهاء الجولة 33    تحرير 136 محضرا تموينيا للمخابز والمحال المخالفة في 5 مراكز بالمنيا    مصرع شخص صدمته سيارة مسرعه بالتجمع الخامس    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانات الشهرية لشهر مايو غدًا    وزير الصحة يبحث مع وزيرة التعاون الدولي القطرية فرص الاستثمار في المجال الصحي والسياحة العلاجية    سوزوكي تطلق سيارتها Swace كومبي الجديدة بالأسواق.. صور    التعاون الدولي تستقبل بعثة فنية من الاتحاد الأوروبي لمناقشة آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة    خالد الغندور: إبراهيم سعيد مديرًا فنيا ل"مدينة نصر"    مصر دولة حقوقية من الطراز الأول.. "تضامن النواب" تفنِّد ادعاءات "حقوق الطفل" بالأمم المتحدة    مفاجأة تنتظر أطباء الأسنان في أول يوم عمل للنقيب العام بعد الفوز بالانتخابات    إلغاء تكليف مدير إدارة تعليمية وعودته لعمله الأصلي لهذا السبب    بسبب التوت.. مصرع طفلين وإصابة آخر في الغربية    موعدكم يوم الزينة| عيد "شم النسيم" مذكور في القرآن؟.. عالم أزهري يحسم الجدل    أحمد السقا يروج لفيلم السرب قبل عرضه غدا    رئيس مركز أبو ظبى للغة العربية: مصر لعبت دورا تاريخيا بارزا بجميع المستويات    ذكرى الخيانة.. لماذا تمنع الكنيسة القبلات والأحضان خلال ال3 أيام الأخيرة من أسبوع الآلام؟    المركزي يسحب سيولة ب667 مليار جنيه من البنوك في عطاء اليوم    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع مراكز القيادة التعبوي التكتيكي المشترك    مدبولي: العلاقات الوثيقة بين مصر وبيلاروسيا تمتد في جميع المجالات    تراجع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم الثلاثاء    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    وزير التنمية المحلية يُهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    وزير التعليم يتفقد المعرض السنوي لطلاب مدارس القاهرة (صور)    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    وزيرة البيئة تطلق المرحلة الثالثة من البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    المصل واللقاح عن "استرازينيكا": لا يوجد سبب يدعو للتخوف أو التوتر    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايتنا مع الخواجات (1)
نشر في الشعب يوم 20 - 09 - 2010


بقلم: محمد سيف الدولة

[email protected]

الحكاية الأولى

منذ حوالي 5000 سنة، أي منذ فجر الضمير كما يقولون، شاهدت هذه المنطقة حضارات كبيرة وعظيمة، مثل الحضارة المصرية القديمة، والحضارة البابلية والآشورية في العراق، والفينيقية في سوريا ، وغيرها.
ونجحت هذه الحضارات في إقامة دول وممالك كبيرة، بل وأسس بعضها إمبراطوريات. وكانت العلاقات بينها تتراوح بين الحرب والسلام، والصراع والوئام.
وعشنا كذلك حوالي ألفى سنة، إلى أن وصلنا إلى الألف الأخيرة قبل الميلاد، حيث بدأت عصور الضعف والتدهور والاضمحلال، التي كانت مقدمة لوقوعنا جميعا تحت نير الاحتلال الاجنبى الطويل.
الخواجات:
ففي عام 332 قبل الميلاد، جاءنا أول خواجة من البر الثاني عابرا البحر الأبيض المتوسط بجيوشه وأساطيله، وكان هو الاسكندر المقدوني، الذي غزانا، واستولى على معظم البلاد التي تسمى اليوم بالبلاد العربية، كما استولى على غيرها.
وعندما مات، وُرِثنا هنا في مصر إلى أحد قواده، وهو بطليموس الأول الذي أسس في مصر الدولة البطلمية والعصر البطلمي، وظل الخواجات اليونانيون يحتلوننا 302 عاما من 332 ق.م حتى 30 ق.م.
وللأسف لم ننجح في تحرير أنفسنا بأيدينا، فالذي حدث أن جاءنا خواجة ثاني من البر الثاني، ولكن هذه المرة من ايطاليا، من روما، وقام بطرد اليونانيين، والحلول محلهم، لنقع مجددا تحت الاحتلال الاجنبى.
وظل الخواجات الرومان يحكموننا ويحتلوننا 425 عاما أخرى من 30 ق.م الى 395 ميلاديا.
ومرة أخرى ، لم يكن لنا شأن بطرد المستعمر.
فالذى حدث هو أن قام الخواجة الإمبراطور ثيودوسيوسى عام 395 م بتقسيم الإمبراطورية الرومانية الكبرى بين ولديه ، فجئنا نحن في نصيب و ميراث ابنه آركاديوس الذي ورث القسم الشرقي من الإمبراطورية ، و التي أطلق عليها الإمبراطورية الرومانية الشرقية أو الإمبراطورية البيزنطية، والتي كانت عاصمتها القسطنطينية، التي هى الآن اسطنبول.
وظل الخواجات الجدد، الروم الشرقيون أو البيزنطيون يحتلوننا 245 عاما أخرى من 395 ميلاديا إلى 642 ميلاديا.
لتصل بذلك جملة سنوات احتلال الخواجات لمصر، 974 سنة متصلة، أي ما يقرب من ألف عام، عشرة قرون كاملة.
وما حدث مع مصر حدث مع باقي بلاد المنطقة مع بعض الاختلاف في التفاصيل.
هل تتخيلون معي ماذا تعنى ألف عاما من الاحتلال الأجنبي؟
لنتخيل ذلك، دعونا نتذكر معا ان الانجليز احتلوا مصر 72 عاما من 1882 الى 1954، فكانت هى الفترة الأكثر سوادا فى تاريخنا الحديث.
والفرنسيين احتلوا الجزائر 132 عاما من 1830 إلى 1962، فكانت مأساتهم هى الأكبر بين شعوب المنطقة.
والصهاينة يغتصبون فلسطين منذ 62 عاما ، وهو ما نعتبره لعنتنا الكبرى.
فما بالنا وبلادنا عاشت تحت الاحتلال الاجنبى أأأأأالف سنة متصلة.
معناها أننا لم يعد لنا وجود، وتحولنا إلى مسخ شعب بلا هوية بلا قوام، مواطنون من الدرجة الثانية والثالثة، مشاع لكل من يرغب.
وإستقر فى وجدان أجدادنا، أنه لم يعد هناك فائدة، فالأسياد هم الخواجات على البر الثاني، أما نحن فسنعيش عبيدا لهم إلى الأبد.
المعجزة :
واذ نحن على هذه الحال، تحدث معجزة لم يتوقعها أحد، يفتح الله علينا بالإسلام، يحمله لنا، رسوله الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم. ويتناقل الناس خبر ظهور نبى عربي جديد فى الجزيرة العربية يدعو إلى دين سماوي جديد.
وما هي إلا سنوات قليلة ونجد عمرو بن العاص على أبواب مصر فيدخلها عام 640 ميلادية ، ويستكمل فتحها 642 ميلادية.
قبلها كانت بلاد الشام والعراق قد فتحت، وعلى نهاية القرن السابع الميلادي كان بلاد المغرب كلها قد فتحت كذلك.
الأمة الجديدة :
ترتب على الفتح العربي الاسلامى، أن دخلت كل الشعوب والقبائل والجماعات والأقوام التي تعيش في هذه المنطقة في بوتقة واحدة، وأخذت تتفاعل وتنصهر معا، لتخرج بعد حوالي مائة عام: خامة واحدة، نسيج واحد، وطن واحد، شعب واحد، بلد واحد، أمة عربية إسلامية واحدة، هضمت كل ما سبقها وأثرته، وأثريت به، وتطورت عنه.
استطاع الفتح العربي الاسلامى أولا ان يحرر المنطقة من الاحتلال الاجنبى الذي مكث فيها ألف سنة ويزيد.
واستطاع ثانيا أن يحافظ لها على استقلالها ، وان يمنع ويصد أى غزوات جديدة من الخواجات على البر الثاني.
واستطاع ثالثا أن يصيغها أمة واحدة.
وفى مصر:
وهنا فى مصر انتقل بنا الحال من النقيض الى النقيض، فللمرة الأولى في حياتنا نكون جزء من أمة أكبر وفى القلب منها، وللمرة الأولى منذ ألف عام نتحرر من الاحتلال الاجنبى، ونصبح مواطنين من الدرجة الأولى في امة ننتمي إليها، ونتشارك فيها.
ولأول مرة منذ ظهور الحضارة، نكف عن القتال دفاعا عن حدودنا، فالحدود قد بعدت إلى اقاصى الشرق والغرب والجنوب، وبعدت معها المخاطر الخارجية. وأصبح لنا خطوط دفاع أمامية أولى وثانية وثالثة ورابعة في العراق والشام وفلسطين والمغرب والنوبة. فالأمة هي التي تدافع عنا وتحمينا، بعد أن ظللنا لآلاف السنين ندافع عن أنفسنا.
وقصص الهجمات التتارية ، والحروب الصليبية خير شاهد على ذلك.
الأمر الذي جعل من مصر المنطقة الأكثر أمانا في هذا الوطن الواحد مترامي الأطراف، والأكثر مناعة وقوة، و بفضل ذلك أصبحت هي القائد الطبيعي لأمتها، وعاصمتها السكانية والجغرافية والحربية والسياسية.
إن مصر هي بحق هبة الأمة العربية الإسلامية، هبة الإسلام والفتح العربي.
أما مصر القديمة التي قيل أنها هبة النيل، فلقد قام بالقضاء عليها هي وجيرانها، الغزو الاجنبى منذ القرن الثالث قبل الميلاد.

الخلاصة:
وصلنا إلى نهاية حكايتنا الأولى، ونستطيع أن نبلور معانيها ودروسها المستفادة في خمسة دروس أساسية:
1) الدرس الأول : أن هذه المنطقة خُلِقَت لكي تعيش وحدة واحدة وكيان واحد، وإنها عندما عاشت بلادا وحضارات وأقواما متعددة ومختلفة فى العشرين قرنا الأولى من حياتها ، تدهور بها الحال، ووقعت تحت الاحتلال الاجنبى لمدة ألف سنة ويزيد.
وعندما أعيدت ولادتها كأمة واحدة بعد الفتح الاسلامى، تحولت إلى واحدة من أقوى الأمم فى العالم على امتداد أكثر من عشرة قرون متصلة.
ومن يومها، ثبت موضوعيا وتاريخيا انه من المستحيل على مصر أو أى قطر آخر ان يتحرر من الاحتلال الاجنبى أويحافظ على استقلاله، أويتطور وينمو ويتقدم ويتنافس مع الآخرين، بصفته وحدة قومية وسياسية قائمة بذاتها.
لقد سقطت للأبد نظريات الأمة المصرية والأمة العراقية والأمة السورية ...الخ، بل إننا أمة عربية واحدة، بلد عربي واحد، مثل الصين والهند وإيران وتركيا وانجلترا وفرنسا وباقي خلق الله.
2) الدرس الثاني، هو أن الإسلام هو صانع هذه الأمة، والعنصر الرئيسي في تكوينها، ولذا فانه لا يمثل دينا للأغلبية منها فحسب، بل هو حضارة الأمة وهويتها.
ان كل عربي مسلما كان أو مسيحيا، هو ابنا بالضرورة وبالتاريخ للحضارة الإسلامية.
3) الدرس الثالث: هو ان مصر ليست أمة قائمة بذاتها، ليست بلدا قائما بذاته، بل هي جزء من أمة أكبر، من بلد أكبر.
مصر ليست الصين او الهند او انجلترا أو فرنسا.
بل هي بكين أو نيودلهي أو لندن أو باريس.
4) الدرس الرابع: ان لا حياة ممكنة لمصر بدون أمتها، ولا حياة ممكنة للأمة بدون مصر.
5) الدرس الخامس: ان الخواجات هناك في البر الثاني، موجودون متربصون منذ آلاف السنين. كانوا كذلك وسيظلون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.