توجهت السفيرة الامريكية مارجريت سكوبى والوفد المرافق لها بزيارة "مفاجئة" أمس الثلاثاء، لمقر المجلس القومي لحقوق الانسان واستقبلها المستشار مقبل شاكر نائب رئيس المجلس والسفير محمود كارم الامين العام للمجلس. وأثار انفتاح السفيرة الأمريكيةبالقاهرة مارجريت سكوبي على القوى السياسية والإصلاحية المناوئة للنظام، وسعيها لمد قنوات التواصل مع أحزاب المعارضة، مع اقتراب إجراء انتخابات مجلس الشعب في أكتوبر القادم، تحفظات جهات مصرية رفيعة، فيما ينذر باتجاه العلاقات المصرية الأمريكية إلى حلقة جديدة من حالات البرود، ما يعيد إلى الأذهان الأجواء التي كانت تشهدها العلاقات في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش. فيما اشار بيان للمجلس عن تفاصيل الزيارة، ان اللقاء تناول فى البداية شرح المستشار مقبل شاكر للجهود المكثفة والانشطة العريضة التى يبذلها المجلس وكافة وحداته ولجانه وأجهزته من أجل مواجهة التحديات فيما يتعلق بتعزيز مسيرة حقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الانسان واعلاء الرسالة .
قضية خالد سعيد كما تطرق اللقاء الذى حرص المجلس على عدم دعوة الصحفيين لحضورة او الاطلاع على تفاصيلة ، للحديث عن قضايا تمديد حالة الطوارىء واحداث الاسكندرية التى شهدت مقتل الشاب خالد سعيد على ايدي رجال الشرطة، حيث قال المستشار مقبل شاكر للسفيرة الامريكية ان قضية خالد سعيد تحت نظر النيابة العامة كما أشار سيادته الي بيان المجلس في هذا الصدد، دون ان يشير المجلس الى تأخر هذا البيانة وصدورة بعد الواقعه بثلاثة اسابيع!.
أما بالنسبة لتمديد حالة الطوارئ قال شاكر ان التوجه الرئيسي للمجلس منذ البداية هو المطالبة بانهاء حالة الطوارئ والمجلس يرحب بموقف الحكومة بقصر تمديد حالة الطوارئ على حالتي الارهاب والمخدرات معتبرين ذلك خطوة ايجابية.
وبحسب البيان الصادر عن المجلس تطرق اللقاء للحديث عن دور المجلس فى انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى،حيث شرح نائب رئيس المجلس للسفيرة جهود المجلس فى هذه الانتخابات من خلال وحدة دعم الانتخابات والتى يرأسها مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين وعضو المجلس، والتسهيلات التى قدمها المجلس بالنسبة للمنظمات والجمعيات الأهلية لمراقبة الانتخابات ودور غرفة العمليات التابعة للمجلس القومي لحقوق الانسان في مراقبة الانتخابات .
أزمة العدالة وانتخابات الشورى وتابع شاكر، أنه التقى فى هذا الاطار مع نائب رئيس اللجنة العليا للانتخابات وتم تنظيم لقاء مع الجمعيات الأهلية لشرح دور المجلس فى عملية مراقبة الانتخابات وهو تقليد جديد حرص عليه المجلس في اطار تواصله المستمر مع المجتمع المدنى والجمعيات الاهلية.
واضاف، أن المجلس بدأ فى الاستعداد للانتخابات القادمة لمجلس الشعب وهو بصدد وضع قواعد جديدة على سبيل المثال التحقيق الفورى فى الشكاوى مع الجهات المعنية ومنح المزيد من التصاريح للجمعيات الاهلية لمراقبة الانتخابات واوضح سيادته ان المجلس انتهى بالفعل من صياغة تقرير شامل.
وقال المستشار مقبل شاكر، نائب رئيس المجلس، إن سكوبى تساءلت عن دور المجلس فى مراقبة انتخابات الشورى التى جرت الشهر الماضى، وانتخابات مجلس الشعب المقبلة. وأضاف "تناول اللقاء التوصيات التى انتهى إليها المجلس فيما يتعلق بمتابعة انتخابات الشورى من خلال غرفة العمليات التى أنشأها المجلس لهذا الشأن، فضلاً عن قضايا المواطنة ودور المجلس فى هذا الشأن".
وحول الأزمة الناشبة الآن بين جناحى العدالة «القضاة والمحامين»، وتناولها خلال اللقاء مع سكوبى، قال شاكر إنها تساءلت عن موقف المجلس من هذا الشأن، مشيراً إلى أنه تم تناول الأزمة بصفة عامة وتطورات الأحداث منذ بدء الأزمة.
بوادر توتر من ناحية أخرى، أبلغت جهات سيادية مصرية السفيرة الأمريكية تحفظها على اللقاء الذي جمعها مع الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، المرشح المحتمل لانتخابات رئاسة الجمهورية، وكذلك فتح السفارة نوافذ مع القوى الإصلاحية والسياسية وجماعات الحراك السياسي، وورود أنباء عن إمكانية الدخول في حوار مع شخصيات تنتمي لجماعة "الإخوان المسلمين".
وزاد من التوتر في العلاقة بين القاهرةوواشنطن، عدم تجاوب مصر مع رغبة الولاياتالمتحدة في انتقال المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والصهاينة إلى مفاوضات مباشرة قبل حدوث تطورات إيجابية في مسار المفاوضات القائمة منذ التاسع من مايو الماضي.
وأثار هذا الموقف غضب واشنطن الوسيط في المفاوضات غير المباشرة والداعمة لانتقالها إلى مفاوضات مباشرة، كما أبلغت جهات أمريكية مصر استياءها من تلويحها بإمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن لإقامة دولة فلسطينية قبل نهاية العام الجاري في حال فشل المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والصهاينة برعاية أمريكية في تحقيق طفرة في المسار الفلسطيني الصهيوني.
وينتظر أن يتم التطرق إلى هذا الأمر في المباحثات التي سيجريها المبعوث الأمريكي الخاص بعملية السلام جورج ميتشيل خلال زيارته المرتقبة إلى القاهرة، فضلا عن احتمال قيام مسئولين مصريين رفيعي المستوى بزيارة واشنطن لبحث احتواء نقاط الخلاف في العلاقات المصرية الأمريكية.
من جهته، يرى السفير رضا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشئون الأمريكتين، أن العلاقات الإستراتيجية بين القاهرةوواشنطن لا تمنع حدوث تباينات بين الطرفين حول مسائل عدة، قد يكون من بينها تحفظ القاهرة على الانتقال للمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل تحقيق طفرة فيما يتعلق بقضايا الأمن وهو ما يتحقق حتى الآن، فضلا عن التلويح بالعودة لمجلس الأمن في حال عدم تحقيق المفاوضات غير المباشرة لنتائج وهو ما تعكسه المؤشرات الحالية.
في غضون ذلك، التقى الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية بمكتبة أمس مارجريت سكوبي السفيرة الأمريكيةبالقاهرة، تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين في إطار التعاون القائم بينهما في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، كما تناول اللقاء نتائج اعتماد المجلس الدولي لحقوق الإنسان للتقرير المصري.
أكد شهاب خلال اللقاء أن العلاقات المصرية الأمريكية تتسم بالإيجابية والحرص علي تقويه هذه العلاقات خلال التنسيق والتشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك والبعد الدولي والإقليمي وخاصة قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث تلعب فيها مصر دورا محوريا، مؤكدا علي أهمية الدور الأمريكي في تحقيق الحل السلمي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي علي أساس قرارات الشرعية الدولية.
وقال إن حركة حقوق الإنسان في مصر شهدت نموا ملحوظا في السنوات الأخيرة وإن القوانين المصرية تلتزم بما أوردته المواثيق الدولية والدستور المصري من حقوق وحريات، وحريصة علي نشر ثقافة حقوق الإنسان في المدارس والجامعات ومن خلال أجهزة الإعلام.
من جانبها، أعربت السفيرة الأمريكية عن سعادتها بالعلاقات المتميزة بين البلدين مشيرة إلى أن التعاون المصري الأمريكي في المجالات السياسية يكتسب أهمية خاصة في ضوء الدور الريادي لمصر في المنطقة، والرئيس حسني مبارك في دعم الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، ومؤكدة تقدير بلادها للجهود المصرية في مجال الإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية.
الإخوان يرحبون هذا، وقالت جماعة "الإخوان المسلمين"، إنها لم تتلق بعد أي دعوات من السفارة الأمريكية، للدخول في حوار حول قضايا "الديمقراطية" في مصر، لكنها لم تبد ممانعة للتحاور معها، بشرط أن يكون حوارًا علنيًا، وبعلم الحكومة المصرية، وهو الشرط الذي دأبت الجماعة على ترديده مرارًا، للقبول بالدخول في حوار مع أطراف خارجية، حول قضايا متعلقة بالشأن الداخلي المصري.
ونفي الدكتور محمد سعد الكتاتني، زعيم الكتلة البرلمانية للإخوان، وعضو مكتب الإرشاد، تلقي أي من أعضاء الجماعة دعوة من جانب السفارة الأمريكيةبالقاهرة، للتحاور معها حول قضايا الديمقراطية في مصر، لكنه أبدى ترحيبًا بالدخول في حوار مفتوح وعلني مع أي طرف يريد التعرف على موقفها تجاه أي قضية وتوضيح الرأي بشأنها، بشرط أن يكون الحوار معلنًا وبمعرفة الدولة، مشددا علي أن الجماعة لا تقييم لقاءات في الخفاء ولو بشكل مؤقت.
وقال إن مشاركة الشخصيات المدعوة إلى الحوار ستكون بالصفة التنظيمية وليس كما يتردد بصفتهم الشخصية، وأوضح أن من سيذهب من الجماعة ويلبي الدعوة سواء كانت الدعوة موجهه لشخصه أو لكونه عضوًا بالجماعة أو عضوًا ب "الجمعية الوطنية للتغيير" أو حتى بصفه عضوًا بمجلس الشعب فسيعبر في النهاية عن وجهة نظر الجماعة وسيوضح أفكار الجماعة تجاه القضايا المختلفة.
لكنه شدد على أن الجماعة لا تقبل بأي شكل من الأشكال أن تكون طرفًا في لقاءات سرية، مشيرا إلى أن كافة اللقاءات التي عقدت بين الجماعة والسفارة الأمريكية أو أي جهة خارجية كان يتم الإعلان عنها قبل أن تتم، وكانت دائما ما تتم من خلال التوجيه إلى أعضاء مجلس الشعب عن كتلة "الإخوان"، ودائما ما كانت في العلن، موضحًا أن "لا أحد يستطيع أن يتهم الإخوان في وطنيتهم".
تحفظ ومعاملة بالمثل واعترف المتحدث باسم "الإخوان" بأن حدوث مثل هذه اللقاءات "تثير القلق داخل النظام"، لأنه يتعامل مع هذه الأمور بحساسية تامة، مرجعًا ذلك إلى أن النظام غير واثق حتى في نفسه، واصفًا إياه بأنه "النظام الوحيد على مستوى العالم الذي يحتكر وبشكل حصري الحوار مع الخارج ولا نصيب لأي من أطراف المعارضة في مثل هذه اللقاءات مع الأطراف السياسية الخارجية".
وتساءل "لماذا تأتي إلينا رموز من المعارضة الأمريكية ومن حكومات الظل ونواب الشعب بالدول الأوربية كي تجري حوارات مفتوحة، ولا يحدث أي انزعاج لدي تلك الحكومات لكن حينما يجري أحد من أطراف المعارضة المصرية حوارات مع أطراف خارجية يتهم بالعمالة والخيانة العظمي والاستقواء؟".
غير أن الدكتور حمدي حسن، المتحدث الإعلامي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان بدا متحفظًا على الحوار مع السفارة الأمريكية، لأنه يرى أن مثل هذه اللقاءات دائما ما تدق أسافين بين أبناء الوطن الواحد، مؤكدا أن موقف الجماعة المعلن دائما في تلك الحالات، أن الحوار مع الحكومة الأمريكية أو من يمثلها في مصر، لابد أن يكون تحت مظلة الحكومة المصرية.
وأبدى رفضه لعقد تلك اللقاءات في سرية، معللا هذا بأن تلك اللقاءات تعطي للنظام فرصة كبيرة لاغتيال من يقوم بهذا معنويا ووطنيا، رغم أن النظام هو "أول من يحرص على إتمام تلك اللقاءات بسرية وهو من ابتدعها غير عابئ بفكرة التوافق الوطني ومصلحة الأمة"، على حد قوله.
وشاطر الكتاتني الرأي فيما يتعلق بالدعوات الموجهة للأطراف المشاركة في الحوار، معتبرا أن فكرة التحاور مع أعضاء الجماعة أو قيادتها بصفتهم الشخصية تفاديا لإثارة غضب النظام "لف ودوران"، على حد تعبيره، لأن من بين هؤلاء الأعضاء والقيادات من يمثلون الأمة وهم نواب عنها بمجلس الشعب، ومن حقهم الطبيعي القيام بلقاءات مع أي جهة بصفتهم نوابًا عن الشعب مع الحفاظ علي مبدأ تواجد ممثل عن الحكومة في تلك اللقاءات.
وتوقع أن يتصدى النظام بقوة لمنع عقد تلك اللقاءات، مرجعًا ذلك إلى رغبته في الاستئثار بالكعكة وحده، قائلاً إنه يريد أن يضع نفسه في مقدمة من يخدم المصالح الأمريكية وسياستها بالمنطقة ولا يشاركه أحد في ذلك.