أكد قادة قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تحتل أفغانستان ودبلوماسيون غربيون أن الحملة العسكرية التي تستهدف الاستيلاء على ولاية قندهار من مقاتلي حركة طالبان تحتاج إلى سبعة أشهر، في حين تعتزم بريطانيا تعزيز وجودها بولاية هلمند بسبب ارتفاع مستوى الهجمات التي تستهدف قواتها. وقالت صحيفة تايمز التي التقت القادة "إن الحملة العسكرية المشتركة (همكاري)، وتعني التعاون، بين قوات الناتو والأفغانية ستستخدم أكبر عدد من الجنود والشرطة في البلاد، حيث ينضم آلاف الجنود من الجيش الأفغاني العميل والقوات المساندة إلى قوات التحالف في قندهار، إضافة إلى القوات الإضافية (13 ألفًا) التي أرسلت في المرحلة الثانية من زيادة القوات الأمريكية. وتنطوي الإستراتيجية العسكرية على استخدام عدد كبير من القوات وإقامة 32 مركزًا عسكريًا حول قندهار، ومن ثم قيام القوات بطرد طالبان من المناطق النائية مثل أرغنداب وزاري وبانجوايي. وتتضمن إستراتيجية المرحلة الأولى للعملية، التي بدأت قبل أسبوعين، بعض الإجراءات مثل تسجيل الأسلحة والعربات والفنادق والمدارس الدينية. وأشارت الصحيفة إلى أن المسئولين الغربيين يحرصون على تمثيل قبلي وقروي في مجالس الشورى التي تتواصل مع المسئولين، وعلى تعزيز سلطة الحاكم توريالاي ويسا على حساب الرجل القوي فيها أحمد والي كرزاي، الأخ غير الشقيق للرئيس حامد كرزاي. ويقدر قادة الناتو أن 75% من مقاتلي طالبان في قندهار هم من السكان المحليين، ويمكن دمجهم إذا ما حصلوا على الحوافز المنشودة. حسب زعمهم. كما أن غياب المقاتلين الأجانب هو الذي يشجع قادة الناتو، فقد قال مسئول استخباراتي في الناتو لتايمز "لم نشهد أي صلة مع تنظيم القاعدة". ولفتت الصحيفة إلى أن قادة الناتو يدركون أن المهلة الزمنية حرجة، فبنهاية العام سينخفض عدد الجنود مع انسحاب القوات الهولندية، وسينصب الاهتمام السياسي بواشنطن في نوفمبر على الانتخابات النصفية الأمريكية، حيث سيذكر منتقدو الحرب الرئيس باراك أوباما بتعهده بالبدء بالانسحاب عام 2011. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي رفيع المستوى قوله "إذا كان هناك تغيير في اللعبة، وبدا الأمر في صالحنا، سيكسب أوباما بعضا من الأوكسجين السياسي". ولكن ما يثير مخاوف مخططي الناتو هو أن الحكومة الأفغانية استغرقت وقتًا طويلاً قبل تعيين ممثلين على مستوى الوزارة في منطقتين بهلمند بعد طرد طالبان منها هذا العام "فكيف بقندهار التي تمثل أربعة أمثال مساحة هلمند؟".
تعزيز القوات البريطانية من جانبها قالت صحيفة "الجارديان": "إن مسئولين بوزارة الحرب البريطانية يعدون خططًا لتعزيز القوات البريطانية في وادي سانغين، الذي يعتبر أكثر المناطق الأفغانية خطورة بولاية هلمند، عبر سحب القوات من منطقة سد كاجاكي. ويأتي هذا الإعلان بعد مقتل أحد مشاة البحرية الملكية يوم أمس في انفجار بالقرب من إحدى نقاط التفتيش التي تقيمها القوات البريطانية. ويُعد وادي سانغين مفترق طرق مهمًا ومنطقة تجارية في ولاية هملند، كما أنه يشكل مركزًا لتجارة المخدرات. وتقول الصحيفة "إن الجنود البريطانيين يتعرضون بشكل متزايد لهجمات بالأسلحة الصغيرة والقنابل البدائية من قبل المقاتلين المؤيدين لطالبان"، مشيرة إلى أن تلك الهجمات أودت بحياة 40 جنديًا بريطانيًا هذا العام. ومن العوامل التي تعرض الجنود البريطانيين أو حتى إستراتيجية الخروج الأمريكية من البلاد للخطر، حسب مصادر بوزارة الحرب البريطانية، قلة عدد القوات الأفغانية المشاركة بسبب الصعوبة في تجنيد السكان المحليين، فضلاً عن الافتقار إلى المدربين المهرة من قوات الناتو لتدريب الجيش الأفغاني.
طالبان تطلق عملية "الفتح" ضد الاحتلال من جانبها هددت قيادة حركة طالبان في أفغانستان بشن سلسلة من الهجمات ضد قوات الحلف الأطلسي الناتو والأجانب الموجودين في البلاد بشكل عام. وقال في بيان للحركة "إمارة أفغانستان الإسلامية (طالبان) تعتبر أن الجهاد المسلح هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف المتمثل في إخراج القوات الأجنبية من أفغانستان". وأضاف البيان "الإمارة الإسلامية تعلن عن شن عملية (الفتح) في الربيع ضد الأمريكيين وأعضاء الحلف الأطلسي وأعوانهم". وتابع بيان حركة طالبان "هذه العمليات ستستهدف بالخصوص الغزاة الأمريكيين وقوات الأطلسي والجواسيس الذين يدعون أنهم دبلوماسيون أجانب وخدم إدارة كرزاي وشركات الأمن الخاصة وشركات البناء الأجنبية وكل من يدعم الغزاة الأجانب". ولم تشر حركة طالبان في بيانها إلى موظفي المنظمات الإنسانية غير الحكومية العاملين في البلاد أو الصحافيين الأجانب. وتوعدت الحركة بالبدء انطلاقًا من العاشر من مايو في قطع الطرقات ومهاجمة المدن وزرع قنابل واغتيال موظفين واختطاف أجانب.
خسائر فادحة للاحتلال جدير بالذكر أن 2009، كان العام الأكثر دموية بالنسبة لقوات الاحتلال خلال ثمانية أعوام من الحرب بأفغانستان وقتل خلاله 520 جنديًا بحسب حصيلة وضعتها وكالة "فرانس برس" استنادًا إلى موقع "اي كاجوالتيز" المتخصص المستقل. ومع استمرار الهجمات التي تستهدف قوات الاحتلال بقيادة الولاياتالمتحدة، سيتم زيادة عدد القوات مع حلول الصيف، حيث يرتفع عددها من 130 ألف جندي حاليًا إلى 150 ألفًا سيشكل الأمريكيون أكثر من ثلثيهم. أعلنت قيادة أركان الجيش الفرنسي الليلة الماضية أن أربعة جنود فرنسيين أصيبوا في أفغانستان جراء انفجار لغم بسيارتهم المدرعة. وقال الأميرال كريستوف برازوغ من قيادة الأركان "أحد الجنود الأربعة تعتبر إصابته الأخطر وهو في طريقه إلى فرنسا أما الثلاثة الآخرون فقد نقلوا إلى المستشفى العسكري الفرنسي في مطار كابول الدولي". وأضاف "الحادث وقع إلى جنوب القاعدة الفرنسية في منطقة تغب بولاية كابيسا 60 كم إلى شمال شرق كابول في منطقة يسيطر عليها المسلحون منذ زمن طويل وتعمل القوات الفرنسية والأفغانية على استعادتها تدريجيًا". تغيير استراتيجية الاحتلال في أفغانستان جدير بالذكر أن صحيفة "تايمز" البريطانية كانت قد أشارت إلى أن الولاياتالمتحدة بدأت تغير إستراتيجيتها في الحرب على أفغانستان وأنها بدأت سحب قواتها من مناطق في وادي كورينغال بشرق البلاد الذي بات يدعى "وادي الموت" بعد مقتل 42 من الجنود الأمريكيين وجرح المئات منهم هناك منذ عام 2005. وأضافت تايمز أن القوات الأمريكية أنشأت قاعدة عسكرية على بعد نحو عشرة كيلومترات شمالي الوادي في محاولة لمنع مقاتلي حركة طالبان من التسلل إلى المنطقة. ومضت الصحيفة إلى أن القوات الأمريكية في أفغانستان تخلت عن سبع قواعد كانت تتمركز فيها منذ أواخر العام الماضي على طول المناطق الشرقية الأفغانية القريبة من الحدود الباكستانية. وقالت إن الخطوات العسكرية الأمريكية في المنطقة أثارت غضب باكستان التي ترى فيها تراجعًا أمريكيًا إزاء مواصلة الضغط على قوات طالبان والفصائل المسلحة الأخرى هناك وبالتالي إلقاء العبء على الجانب الباكستاني.