رجحت مجلة "تايم" الأمريكية أن تكون المواجهات الأخيرة التي حدثت الجمعة (12-3)، بين الفلسطينيين والشرطة الصهيونية نذيرا لاندلاع انتفاضة ثالثة، في ظل الجولة الأخيرة من عملية السلام التي تتمثل في المحادثات غير المباشرة. وقالت إن الهدف المشترك الذي يجمع الفلسطينيين والصهاينة في "المحادثات غير المباشرة"، التي أطلقتها إدارة الرئيس باراك أوباما، لا يتضمن التوصل إلى اتفاقية نهائية حول حل الدولتين، بل تجنب اللوم على فشلهم.
وذكرت المجلة أن حقيقة أن الطرفين، بعد عقدين من بداية عملية أوسلو، لم يعودا يتفاوضان بشكل مباشر بل عبر "الوسيط" الأمريكي، لهي إشارة واضحة على مدى كآبة الآفاق لتحقيق سلام عبر المحادثات الثنائية.
وتابعت أن الطرفين يهدفان من المشاركة في النسخة الأمريكية الأخيرة لعملية السلام إلى إثبات تلك النتيجة.
فبالنسبة للفلسطينيين والداعمين العرب الذين منحوا عملية السلام أربعة أشهر لتحقيق نتائج، فإن الهدف هو إظهارهم للولايات المتحدة بأن السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاقية سلام تفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة مع حكومة الصقور بتل أبيب، هو ممارسة الضغط على الكيان الصهيونى.
وتشير "تايم" إلى أن وضع الشروط وتحديد مواعيد زمنية هما وسيلتا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للتعويض عن الضرر السياسي الداخلي الذي لحق به إثر مشاركته في جولات لا تنتهي من المفاوضات غير المثمرة.
غير أن ما يساعد رئيس السلطة هذه المرة أن تلك المفاوضات مدعومة عربيا.
أما بالنسبة للصهاينة، فإنهم يسعون لإظهار حسن النية وإلقاء اللوم على الفلسطينيين في غياب أي اتفاقية سلام.
و لم يتوانى المسئولون الصهاينة في الكشف عن نيتهم بحاجتهم للمضي في التركيز على أولويتهم، وهي أن استئناف المفاوضات، حسب مسئول صهيوني لصحيفة يديعوت أحرونوت، ربما "تساهم في خلق مناخ بالعالم العربي والمجتمع الدولي يسمح بالتركيز على التهديد الحقيقي وهو إيران".
ولفتت المجلة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحدث عن حل الدولتين، الذي رفضه من قبل، عقب توليه الحكم، ولكنه حدد في نفس الوقت شروط الدولة الفلسطينية التي لا يمكن للسلطة قبولها.
كما أن نتنياهو رفض علنا جميع الاقتراحات التي قدمتها الحكومات الصهيونية السابقة، وأوضحت حكومته الأسبوع الماضي أن المحادثات الأخيرة لن تبدأ من التفاهمات التي تم التوصل إليها مع أي من أسلافه، بل من الصفر، وهو ما رفضه الفلسطينيون.
وهنا تساءلت المجلة قائلة "كيف يمكن لعرض أدنى من اقتراحات سبق ورفضها عباس، أن تكسر الجليد بين الطرفين".
ولكن نتنياهو سيقول إن حكومته مستعدة للحوار المباشر دون شروط، وبالتالي يستخدم الرفض الفلسطيني ذريعة لإلقاء اللوم عليهم في الجمود.
وبما أن عملية السلام تتطلب نظريا من القائمين عليها اتخاذ خيارات صعبة، فإن "المحادثات غير المباشرة" ستضع خيارات صعبة على الطاولة في البيت الأبيض.
فبعد مرور أربعة أشهر أو أكثر، سيتضح أن الفجوة بين فلسطين والكيان الصهيونى عصية على التجسير عبر المحادثات، ومن ثم فإن السؤال الذي سيطرح "هل الولاياتالمتحدة على استعداد لدفع القضية عبر تقديم وجهة نظر بشأن تسوية مقبولة والبدء بالضغط على الطرفين للقبول بها؟".
وفي الختام لفتت المجلة إلى أن الطرفين، بالتزامن مع الزيارات المكوكية للمبعوث الأمريكي جورج ميتشل، يصعدان من المواجهة على الأرض حول التوسع الاستيطاني والمواقع الدينية، مما ينذر بنشوب انتفاضة ثالثة.