مرّتْ شهورٌ طويلةٌ، وأسابيعُ ثقيلةٌ، منذُ اعتقالِ البطلِ مجدي حسين من سلطاتِ الانقلابِ الإرهابيّ الدّمويّ للمجرمِ المدعوّ السّيسي. يقينًا نحنُ لا ننسى أبطالنا البتّةَ، ولا يمكنُ أنْ نتقاعسَ في الدّفاعِ عنهم مطلقًا. صحيحٌ أنّ الانقلابيّينَ يقومونَ الآنَ بإرهابِ الشّعبِ الأعزلِ، مرّةً بالاعتقالِ، ومرّةً بالقتلِ، ومرّةً بالتّعذيبِ، ومرّةً بالتّرهيبِ. لكنّنا - نحنُ الشّعبَ الحرّ - نردّدُ معَ المتنبّي البيتَ الجميلَ المعبّر والقويّ: «أيّ محلٍّ ارتقي - أيّ عظيمٍ اتّقي - وكلّ ما قد خلقَ اللّهُ وما لَمْ يخلق - محتقرٌ في همّتي - كشعرةٍ في مفرقي». بالمناسبةِ قد يتساءلُ البعضُ عن مغزى قولِهِ: «وما لم يخلق»، قائلًا: «أليسَ اللّهُ خالقَ كلّ شيءٍ؟» والإجابة بسيطةٌ هي أنّ العربَ في عصرِ المعتزلةِ بالذّاتِ كانوا يتجادلونَ حولَ مسألةِ «الظّلم والقبح»، فقالتِ المعتزلةُ إنّ اللّهَ لا يريدُ الظّلمَ ولا يخلقه، وبالتّالي شاعَ هذا الرّأي القائل بأنّ اللّهُ لا يخلقُ الظّلم ولا يريده. البطلُ مجدي حسين ساهمَ بقوّةٍ في تنويرِ المصريّينَ في عصر الظّلامِ والتّضليلِ، وكانَ له دورٌ عظيمٌ، من خلالِ كتاباته الثّوريّةِ في إسقاطِ الطّاغيةِ حسني مبارك. أتذكّرُ أنّني سمعتُ في الأيّامِ الأولى لثورة مصر المجيدةِ سنة 2011م عن إطلاق سراح مجدي حسين من معتقله، فسارعتُ اتّصلُ به، فإذا به يردّ عليّ متعجّبًا: «كيف عرفتُ أنّني خرجتُ من المعتقلِ؟»!! الملفتُ أنّ البطل مجدي حسين خرجَ بملابس السّجنِ إلى ميدانِ التّحريرِ مباشرةً!! وعندما لاحظتُ أنّ المخلوعَ مبارك متشبّثٌ بالكرسي، ويحاولُ تضليلَ النّاسِ من خلالِ إلقاءِ خطابٍ مملوء بالأكاذيبِ والأضاليلِ، طمأنني البطلُ مجدي حسين قائلًا بسخريّة: «المخلوع بن علي هربَ بعدَ إلقاءِ ثلاثةِ خطبٍ. صاحبنا ألقى خطبةً واحدةً. مازالَ عليه أنْ يلقي خطابينِ آخرينِ، قبلَ الفرارِ»!! كانَ البطلُ مجدي حسين متفائلًا بمستقبلِ الثّورةِ. وكانَ يحرصُ على التّنسيقِ مع القوى الإسلاميّة المختلفةِ، من أجل إنجاحِ الثّورة.. لكنّ كعادة الإخوانِ، للأسفِ، لم يعترفوا بجهودِ البطل مجدي، ولم يقدّروا كفاحه، فجعلوا يساومونه في وضعِ أعضاء حزبه (حزب العمل وقتئذٍ) على قوائم الانتخاب الخاصّة بهم، وقد تكرّرتْ هذه التّجاربُ المريرةُ مَعَ الإخوان، وجعلته يفكّر في شقّ طريقٍ آخر، سمّاه «الطّريق الثّالث»، أي الطّريق المستقلّ عن العسكر، ومكابري الإخوان. إسهاماتُ البطلِ مجدي حسين في فضحِ سياسة المجرم حوستي مبارك لا يعرفها إلّا النّقّاد المتخصّصون، والقرّاء المتابعون. فهو الّذي فضح مبارك قبل اندلاع ثورة 2011م بسنواتٍ، عندما بيّن للنّاس وشرح لهم أنّ مبارك صهيونيّ قحّ، وهو ما أكّده بنو صهيون أنفسهم لاحقًا، عندما سقط مبارك، فقال بعضهم عنه إنّه كانَ كنزًا عظيمًا لإسرائيلَ!! البطل مجدي حسين فضح أيضًا المدعوّ يوسف والي، وعلاقاته الحميمة ببني صهيون، وحرصه على إفساد الزّراعة المصريّةِ، وسرطنة الأرض والعباد. وبإحساسه المرهفِ، وشخصيّته الوطنيّة، وأخلاقه النّبيلة، كان يرفضُ دائمًا حصار قطاع غزّة، دون أن يدركَ أنّ هذا نتيجة طبيعيّة لاتّفاقيّة العار «كامب ديفيد». وكانتْ زيارته لقطاع غزّة عبر الأنفاقِ فرصةً ذهبيّة لعصابة حوستي للانتقام منه، والحكم عليه ظلمًا وعدوانًا بالسّجن لعدّة سنواتٍ. أشاركُ البطلَ مجدي حسين رفقه بالحيوانِ، وإدراكه لعظمة البارئ تعالى من خلال تأمّل عظمة القطّة. كتبَ البطلُ مجدي حسين قصّة معبّرة جميلة عن موت قطّته في السّجنِ. تأثّرت بقصّته هذه، وقمتُ بالرّدّ عليه من خلالِ كتابةِ بعض ذكرياتي عن القطط في أسبانيا. وعندما هبطَ علينا المدعوّ البرادعي من السّماء، وكأنّه المسيح المخلّص، المبعوث من بني صهيون، شعرتُ باستياء شديد عندما شاهدته ينضمّ إلى جبهة الخراب، ولا يكفّ عن شتم الإسلاميّين، ومهاجمة الرّئيس مرسي. فكتبتُ دراستي «تأمّلات في الأخونة والبردعة»، ودعوتُ البطلَ مجدي حسين إلى عمل عدد خاصّ من جريدة الشّعب المطبوعة عن هذا الموضوع. لكنْ تعذّر تنفيذ الفكرة للأسف، فتمّ نشر مقاطع من هذه الدّراسة في وسائل إعلام أخرى. وبعدَ الانقلاب المقيت على الشّرعيّة في مصر، كنتُ أخشى من بطش المجرمين، وقيامهم بالقبض على البطل مجدي حسين. فعرضتُ عليه السّفر إلى أوروبّا، والإقامة فيها، حتّى ندحر الانقلابيّين، ونطهّر مصر من سرطاناتهم. لكنّه للأسف لم يحبّذِ الفكرة، وجعلَ يقاومُ الانقلابَ بكلّ ما أوتي من قوّة، حتّى سارع المجرمون بالقبض عليه واعتقاله. أيّها النّاس، لا تتقاعسوا عن نصرة البطل مجدي حسين. إنّ مصر بحاجة إلى أبطالها، وبحاجة إلى ثوّارها، وبحاجة إلى مفكّريها، وبحاجة إلى قادتها وزعمائها. فلا تناموا، ولا تهدؤوا، حتّى تجدوا حيلة ومخرجًا لإطلاق سراح البطل مجدي حسين. لا تسكتوا، فلا سكوتَ بعد اليومِ، ولا تنسوا أنّكم الأكثريّة القويّة، وأنّ المجرمين أقليّة ضعيفة، مهما كانوا مدجّجين بالسّلاحِ. فالسّلاحُ ليس ينفعُ الخصيانَ ولا المخنّثين. لابدّ من إطلاق سراح البطل مجدي حسين بقوّة القانون أوّلًا وأخيرًا.