- نائب رئيس جامعة القاهرة: مظاهرة واحدة تلغي تسكين الطالب وتحيله لمجلس تأديب - السيسي ونظام حكمه المستبد يتمنيان التخلص من الحركة الطلابية لتنفيذ مخططاته مازالت الجامعة صامدة في وجه الديكتاتوريات ترفض الانكسار وتقاوم الكوادر المصطنعة التي سطت على الجامعات في غفلة من الزمن. وقد رصدت إيمان رضوان ظاهرة الحركة الطلابية وشهاداتها وما قدمته من تضحيات على مدى عصور وإن كان الثمن الأشد في عهد السيسي الذي لقبوه بعدو الطلاب الأول فقالت: لا يخشون السجون أو التنقل بين الأقسام ومراكز الاعتقال؛ لأنهم يقودون أمة نحو التحرر والصمود في وجه سلطات غاشمة استولت على المناصب بانتخابات مزورة. كان العام الماضي من الحركة الطلابية مليئا بما يكفي ليثبت أننا في مرحلة من الحكم العسكري الديكتاتوري، الذي يعتقل الآلاف من معارضيه من الطلاب ويزج بهم في السجون، ويقتلهم بالمئات داخلها وخارجها، إلى التهم التي تُلفق بالمجان سواء إن كنت تعبر عن رأيك بالتظاهر أو ترفع لافتة أو تحمل كتابًا أو حتى ترتدي شالاً، علاوة على فصل من يتجرأ ويتضامن من زملائه والتنكيل به. أضحت معاركنا اليوم هي التنقل بين أقسام الشرطة لمعرفة من اُعتقل ومن اُستشهد، أو حتى للبحث عن جثمان شهيد قُتل على يد قوات الداخلية أو الجيش.. لتحل علينا الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير في فترة مؤلمة ومرهقة من تاريخ الحركة الطلابية. انتهاكات العسكر منذ أن تولى الديكتاتور عبد الفتاح السيسي الحكم عقب انقلاب يوليو 2013، قُدر عدد الطلاب الذين استشهدوا في المظاهرات، وفقًا لمرصد "طلاب الحرية"، 213 طالبًا، أما من استشهدوا داخل الحرم الجامعي 19، و2087 اعتُقلوا أثناء المظاهرات ومن منازلهم. وقد بلغ عدد الطلاب المفصولين من الجامعة 639، والذين طعنوا في قرارات فصلهم وقرر القضاء إعادتهم إلى كلياتهم 42. هذا إلى جانب ما مر به الطلاب من إجراءات القمع والتنقل بين أقسام الشرطة والحبس الاحتياطي والغرامات المالية الكبيرة. محاولات كسر الحركة الطلابية بدأ العام الجامعي الجديد بإجراءات قمعية لحصر أية محاولات احتجاجية من جانب الطلاب، وسط ما كان يعانيه الطلاب من اعتقالات عشوائية واستشهاد البعض وتلفيق قضايا بتهم عديدة، بداية من الاتهام بالانتماء لجماعات إرهابية وصولاً إلى التعدي على المنشآت العامة من مباني الجامعة، والاتهام بقتل زملائهم، والتظاهر دون إخطار، وحتى الاتهام بنشر صور ورسومات على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة. استغلت إدارات الجامعات ذلك وقامت باتخاذ عدة قرارات من شأنها التضييق على الأنشطة الطلابية وتحويل الطلاب للتحقيق، وما يتبعه ذلك من إجراءات تأديبية على خلفية ممارسة نشاط سياسي بالجامعة، وفي حوار له في إحدى الجرائد، صرّح جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بأن من يمارس العمل الحزبي في الجامعة "هنديله فوق دماغه". إلغاء الحرس الجامعي من ناحية أخرى، بعد إلغاء الحرس الجامعي بحكم قضائي، التفت المؤسسة الأمنية على القرار وأعادت الحرس من باب آخر، إذ تعاقدت مع شركة أمنية تولاها رجال المؤسسة السابقون من أجل "حفظ الأمن في الجامعات". أما عن اللائحة الطلابية، ففي منتصف أكتوبر 2014، أقر المجلس الأعلى للجامعات لائحة، دون الاستفتاء عليها من جانب الطلاب. وبعد شهرين صدرت اللائحة الجديدة بشكل رسمي في منتصف ديسمبر 2014. نصت اللائحة على إجراء الانتخابات خلال الأسابيع ال6 الأولى من العام الدراسي الجاري، مما يعني أن الموعد الرسمي فات قبل إقرار اللائحة. لائحة تمزق الصفوف وتنص لائحة المجلس الأعلى للجامعات على حق أي طالب الترشح لعضوية الاتحاد من دون أن يتم شبطه، وخلال مرور اللائحة إلى مجلس الوزراء تغير هذا البند، وخرجت الصيغة النهائية لتسمح بشطب المرشحين الذين صدرت بحقهم عقوبات تأديبية، ويقول نشطاء إن العقوبات التأديبية تنقسم إلى ثلاثة عشر نوعًا، من بينها "التنبيه" و"الإنذار"، وهو ما قد يؤدي إلى توقيع أي عقوبة ولو كانت بسيطة على المرشحين الذين لا ترغب الجامعة في نجاحهم، ومن ثم شطبهم من قوائم المرشحين. الطلاب في السجون في الوضع المأساوي للسجون المصرية والمكتظة بعشرات الآلاف من المعتقلين، كعادتها استمرت قوات الشرطة في التعدي على الطلاب بتقليص مساحات التنفس لديهم؛ حيث منعت الكثير من الطلاب المعتقلين على ذمة قضايا مُلفقة من أداء امتحاناتهم، إضافةً إلى الوضع المزري للسجون والزنازين ذات الأسقفة المنهارة والآيلة للسقوط وتكدس الأعداد الكبيرة بداخلها، وشهادات الوفاة التي تُكتب يوميًّا وتُدوّن الأسباب طبقًا لأهواء القتلة. كما تصاعدت الانتهاكات وطالت الكثير من الطالبات المعتقلات بالضرب جسديًّا، كمعتقلات الأزهر، أو بالاعتداء جنسيًّا. إضافة إلى الحبس الاحتياطي غير المحدد والعقوبات التي تصل إلى الإعدام والحبس المؤبد والحبس الغيابي. المدن الجامعية: سلاح العسكر ضد الطلاب استمرار لمسلسل الانتهاكات ضد المدن الجامعية بشكل خاص، قامت عدة جامعات بوضع عدد من الضوابط لإمكانية الحد من تنظيم التظاهرات، شملت تلك الضوابط شروطاً جديدة كتوقيع الطالب وولي أمره على تعهد بعدم التظاهر، وحرمان الطالب المخالف للتعليمات من السكن في المدينة الجامعية فورا بدلا من الانتظار إلى العام التالي كما جرت العادة. كما قرر المجلس الأعلى للجامعات رفع رسوم الإقامة هذا العام في المدن الجامعية من 65 جنيها إلى 165 جنيه سنويا. ففي جامعة القاهرة على سبيل المثال صريح عز الدين أبو ستيت، نائب رئيس الجامعة والمعنى بشؤون الطلاب "إن الجامعة وضعت شرطا جديدا ينطوي على استبعاد أي طالب وحرمانه من السكن الجامعي إذا كان قد سبق وتم توقيع جزاء تأديبي عليه خلال الأعوام الماضية، وأنه في حالة تسكين طالب وثبوت قيامه بأعمال تظاهر سيتم إحالته لمجلس تأديب فوري". كارثة.. تعهد الطلاب بعد التظاهر شرط السكن أما جامعة عين شمس قررت إدارة الجامعة أيضًا حرمان الطلبة الذين تم توقيع جزاءات عليهم العام الماضي، من السكن داخل المدينة الجامعية. إلا أنها أضافت شرطًا جديدًا وهو أنه على الراغبين في السكن بمدينتها الجامعية ضرورة أن يوقع الطالب وولي أمره تعهدا مكتوبا ينص على الالتزام بنظام الجامعة وعدم المشاركة في أية تظاهرات ويذكر أن النظام المتبع خلال الأعوام السابقة في معاقبة طالب المدينة الذي يرتكب مخالفات، كان يتمثل في إحالته للتحقيق، وفي حالة ثبوت الادعاء عليه يتم حرمانه من السكن الجامعي العام الذي يليه، إلا أن الجامعة غيرت هذا الأمر بحيث أنها جعلت العقوبة فورية على أن يتم التحقيق مع الطالب وإحالته لمجلس التأديب وإذا ثبت ارتكابه مخالفة اللوائح والقوانين فيما يمس المدينة الجامعية فقط يتم حرمانه فورا من السكن، وإذا تعدى الأمر إلى المساس بالكلية التابع لها، تكون العقوبة أكبر وربما تصل للاستبعاد من الكلية، وهذا يتوقف على نتائج التحقيق". جامعة أزهرية.. وإدارة قمعية أما عن جامعة الأزهر، والتي تعد من أكثر الجامعات التي تعرضت لأشد أنواع القمع الوحشي، فقد صرح مجلس إدارة الجامعة أنه تسلم تقريرًا من لجنة هندسية أكد أن هناك مبنيين في المدينة الجامعية بمدينة نصر غير صالحين للسكن، وأن أعمال الصيانة تحتاج لوقت كبير، كما أضيف صيغة جديدة على لوائح وضوابط قبول التسكين في مدن الأزهر بالتحديد، وتتمثل تلك الإضافة في وضع عبارة على ظهر المظروف الذي يقدم الطالب من خلاله بياناته للسكن في المدينة، تنص على أنه "ممنوع التظاهر داخل حرم المدينة، والقيام بأعمال تظاهر وتوزيع منشورات ومن ثبت أن قام بذلك سيُحرم من السكن.. وعليه أن يوفر سكنا لنفسه". يتوقع السيسي ونظام حكمه المستبد، أنه من الممكن التخلص من الحركة الطلابية كخصم له أو إزاحتها من طريقه لتنفيذ مخططاته ولكن إن تمكنت الثورة المضادة من كسب جولة من صراع طويلة فهذا لا يعني النهاية، تنتظرنا معارك طويلة ومرهقة، وبقدر صعوبتها فإننا لن نستسلم لهذا العدو، وعلينا التحضير للجولات المقبلة.