قال موقع مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي للكاتب يوهانس تحت عنوان "شراكة البابا المحفوفة بالمخاطر": "تأييد تواضروس لنظام السيسي يحمل مخاطرة؛ حيث يأتي على حساب قدرة المجتمع القبطي على المدى الطويل في الدفاع عن حقوقه". ويضيف الموقع: عشية الكريسماس في 6 يناير 2015، حضر السيسي قداس الكنيسة في هذا اليوم المقدس للأقباط، وانفجر المصلون في التصفيق. وعبر البابا تواضروس الثاني، الذي تقلد منصبه في نوفمبر 2012 عن دعمه الراسخ للسيسي، داعيا أتباعه إلى دعم النظام. كما ادعى رجال دين بارزون مثل الأب مكاري يونان أن السيسي "مرسل من السماء". ولكن ليس كل الأقباط من المؤيدين لموقف البابا الموالي، بالرغم من تلك الميول المحافظة للقيادات الكنسية. افتقاد البابا للحيادية ودعمه للنظام قد يحد من قدرة الكنيسة على حماية حقوق المجتمع القبطي. وهيمنت البابوية السياسية على الأنشطة السياسية للأقباط منذ خمسينيات القرن المنصرم، بعد أن حل عبد الناصر المجلس الملي المؤلف من علمانيين أقباط. لكن تلك الهيمنة البابوية لم تحسن كثيرا من حظوظ المجتمع القبطي. وتلقى المسيحيون وعودا بعد الانقلاب على مرسي في يوليو 2013 مفادها أن الحكومة ستلغي كافة عقبات بناء الكنائس، بما يمثل انفراجة طال انتظارها، لكن الأمر ظل كما هو دون حل. وغالبا ما يُفسَّر دعم البابا للنظام العسكري بمبررات أمنية للمجتمع القبطي، لكن سجل الدولة في حماية الأقباط يتسم بالتشويش. فعلى سبيل المثال، كشفت وثائق استحوذ عليها محتجون بعد مداهمتهم لمقار أمن الدولة خلال ثورة 2011 الدور الذي لعبته الأجهزة الأمنية تفجير الإسكندرية (كنيسة القديسين) الذي أسفر عن مقتل 23 مصليا مسيحيا. ووفقا لوثائق نشرتها اليوم السابع، فإن الأجهزة الأمنية أسست وحدة سرية، وجندت عناصر من الجماعة الإسلامية، وجماعات متطرفة أخرى لتنفيذ الهجوم. وتعهدت السلطات فيما بعد بإعادة تشييد الكنائس التي لحقت بها أضرار، لكن معظم تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح أيضًا. وبالنسبة للنشطاء الأقباط، فإن هذه الحوادث الأمنية تؤكد حاجة البابا تواضروس الثاني إلى عكس مسار دور الكنيسة في السياسات المحلية؛ حيث لم يفعل البابا إلا القليل في طرح القضية على الأجندة السياسة، ولا يتجرأ سوى القليل من رجال الكنيسة على توجيه انتقادات صريحة للنظام جراء هذا الخمول. تأييد البابا لنظام السيسي يحمل مخاطرة؛ حيث يأتي على حساب قدرة المجتمع القبطي على المدى الطويل في الدفاع عن حقوقه. ومن بين أبرز منتقدي البابا الأب فلوباتير جميل عزيز، الذي أدان الجيش مرارًا وتكرارًا على خلفية قتلى ماسبيرو، لكنه اتهم بالمقابل بالتحريض على العنف ضد القوات المسلحة، وفرضت عليه محكمة عسكرية حظر سفر عام 2012. وعلاوة على ذلك، دافع الأب ماتياس، على نحو متكرر، عن التمثيل العادل للأقباط في السياسة، كما انتقد فشل القضاء في حماية أكبر أقلية في مصر. ونسق كلا الرجلين مع "اتحاد شباب ماسبيرو" الذي تأسس عام 2011 في أعقاب مذبحة ماسبيرو التي فتحت فيها الشرطة العسكرية النيران على متظاهرين مسلمين ومسيحيين، بما أسفر عن مقتل 28 متظاهرًا. ووجهت الكثير من الانتقادات تجاه البابا لادعائه أن الإخوان المسلمين وراء مذبحة ماسبيرو، ودعمه لبراءة حسني مبارك، بالإضافة إلى أشياء أخرى. اتحاد شباب ماسبيرو يمنح النشطاء الأقباط منصة هامة للتعبير عن متطلباتهم، ويخدم كنموذج للنشاط القبطي خارج السياسة البابوية. ولكن بالرغم من وجود تلك الأصوات المعارضة، ما زالت البابوية هي القوة السياسية المركزية للمجتمع القبطي. ويؤيد العديد من الأقباط البابا بدافع الشك من المؤسسات العلمانية كالمجلس الملي، وخوفهم من أن تتسبب المعارضة في المزيد من التهميش للمجتمع القبطي. ولكن من أجل مخاطبة التمييز الكائن ضد الأقباط، سيتعين على المؤسسة البابوية عاجلا أو آجلا احتضان مطالب الإصلاح التي ينادي بها المجتمع المدني القبطي. ومن أجل تحقيق هذا السيناريو ينبغي على البابا التراجع عن سلطاته الدنيوية، ومنح الأقباط دورا حيويا، وتشجيعهم على المشاركة في المجتمع والمطالبة بحقوق مواطنة متساوية.