نشرت صحيفة "ديلي ميرور" البريطانية التي تحمل عنوانى نحو أكبر في الخمس السنوات المقبلة. وترسم الدراسة المسحية التي تعد الأكبر من نوعها حول الفقر في تاريخ المملكة المتحدة على الإطلاق والتي أعدها ستيورات لانسلي الخبير الاقتصادي وجونا ماك الأكاديمية، صورة غاية في الكآبة لبريطانيا الحديثة والحالة اليائسة التي يعيش فيها الكثير من الأسر في البلاد. وأظهرت الدراسة التي اعتمدت على المقابلات الشخصية التي تمت وجها لوجه مع آلاف المواطنين أن واحدا من بين كل ثلاثة بريطانيين يعيش دون مستوى المعيشة المقبول عالميا، مردفة أن ثلاثة ملايين ونصف مليون شخص بالغ يضطرون إلى الإمساك عن الطعام عمدا حتى يتمكنوا من إطعام أطفالهم. وأضافت الدراسة أن واحدا من كل خمسة أطفال يعيش في منزل عرضة للبرودة القارسة والرطوبة الشديدة، في الوقت الذي يفتقر فيه واحد من كل عشرة أشخاص في بريطانيا إلى الملابس التي تقيه من برودة الطقس. وقال لانسلي الذي يكافح ضد الفقر طيلة حياته: "الدراسة ترسم صورة مروعة عن مستويات الحرمان في ربوع المملكة المتحدة وأيضا صورة عن الطريقة التي تُحرم بها الأجيال من فرص الحياة الكريمة". وأضاف لانسلي: "من الصادم والمروع لي أنني أعيش في مجتمع تتزايد فيه مستويات الفقر بتلك الوتيرة السريعة. إنه مجتمع غير عادل بالمرة، حيث تقوده أيديولوجية سياسية خاطئة". وتابع: "إننا نمضي في الطريق الخطأ، ونحن بحاجة إلى تغيير الاتجاه السياسي. إننا بالفعل بحاجة إلى سياسات تحولية من النوع الذي رأيناه في بريطانيا بعد الحرب". وأشارت الدراسة إلى أن أسعار الغاز والكهرباء قد تضاعفت خلال العقد الماضي، في الوقت الذي تراجع فيه مستوى الرواتب. وتعني تلك التأثيرات المروعة أن 21% من الأشخاص يغرقون في الديون، كما أن ثلث الأشخاص غير قادرين على توفير أية أموال على الإطلاق. وحذر مؤلفو الدراسة من احتمالية أن يتفاقم الوضع في الوقت الذي زجت فيه مسألة خفض إعانات البطالة التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2013 الكثير من الأشخاص إلى مستنقع الفقر. ووفقا للدراسة، فإن أكثر من نصف الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر متضمنين في القوى العاملة من بينهم 39% منهم يعلمون بنظام الدوام الكامل و13% يعملون بنظام الدوام الجزئي. وفي المقابل، فإن 12% فقط من الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر عاطلون عن العمل، في حين أن 11% منهم يعاني من المرض أو العجز. ويشار إلى أن منظمة "سيف ذي تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) البريطانية غير الحكومية كانت قد أعربت في السابق عن بالغ قلقها من ارتفاع عدد الأطفال الفقراء في بريطانيا الذي بلغ 3,5 ملايين طفل في العام 2013، ومن المحتمل أن يصل إلى 5 ملايين طفل بحلول العام 2020. وجاء في التقرير الصادر عن منظمة "سيف ذي تشيلدرن أن "الوضع الاقتصادي يتحسن، غير أن وضع الأطفال الفقراء يزداد سوءا"، علما أن عدد الأطفال الفقراء ارتفع سنة 2013 بمعدل 700 ألف طفل بالمقارنة مع العام 2010. وأكدت دراسة حديثة أن عدد الأطفال البريطانيين الذين يعانون من فقر مدقع تجاوز الثلاثة ملايين شخص، وأن أغلبهم يعاني من سوء التغذية ومن مخاطر صحية جمة، بسبب عدم امتلاكهم ما يكفي من الطعام. وكان معهد الدراسات المالية في لندن حذّر في تقرير سابق من تفاقم معدلات الفقر بين أوساط الأطفال والبالغين في العامين المقبلين جراء أزمة النفط وانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني والاضطرابات الصناعية واحتمال قيام صندوق النقد الدولي بإنقاذ الاقتصاد البريطاني من الانهيار. وأضا المعهد أن التقديرات السابقة لخفض معدلات الفقر المدقع بين أوساط الأطفال في بريطانيا بنسبة 5 % بحلول العام 2020 من المحتمل ألا تتحقق.