إن المشاركة البريطانية في الغزو على العراق عام 2003 سببت جدلًا كبيرًا بين البريطانيين وتباينت الآراء حوله، ولاقت تلك المشاركة الحربية معارضة جماهيرية كبيرة هناك ،ولأن بريطانيا تعد نفسها من البلاد الديمقراطية وإرضاء لتلك المعارضة عندها كلفت لجنة تحقيقيات لتقف على أسباب اتخاذ ذلك القرار التي تسبب في خسائر بشرية أهم منها حربية على بريطانيا وتوضيح تلك الملابسات في تقرير لها، وقد تم تأجيل إعلان تلك النتائج من قبل اللجنة المكلفة بذلك. لجنة التحقيق البريطانية إن اللجنة المكلفة بالتحقيق بشأن الحرب على العراق، تُعرف بلجنة "تشيلكوت"، وهو اسم القاضي الذي تولى إدارة جلسات الاستماع التي كانت في معظمها علنية، وتهدف اللجنة إلى إجراء تحقيق شامل في الأسباب التي أدت إلى مشاركة بريطانيا في قوات التحالف الدولي، التي أزاحت نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وتمتد الفترة التي يدرسها التحقيق الفترة ما بين عامي 2001 وصيف عام 2009، بهدف تقييم الأوضاع خلال الفترة التي سبقت الحرب، وفترة شن الحرب وما تلاها. وتكلفت اللجنة حتى الآن أكثر من 13 مليون دولار، واستجوبت أكثر من 150 شخصا. وكانت لجنة مشابهة في هولندا وجدت أن الحرب "لم تستند إلى أي أساس في القانون الدولي". وقد شاركت بريطانيا في غزو العراق في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولاياتالمتحدة وتزايد العداء لنظام صدام حسين، ظل المزاج العام في بريطانيا رافضًا بشكل حاسم لغزو العراق. وتجسد هذا الرفض في مسيرة حاشدة مناهضة للحرب، جرت في لندن في الخامس عشر من فبراير. وتخبطت التقديرات حول عدد من شاركوا في تلك التظاهرة، فبينما قالت الشرطة أن عددعم نحو 750 ألف شخص، قال المنظمون أن العدد يصل إلى مليون شخص وربما أكثر. وقد تم انتقاد قرار رئيس الوزراء البريطاني حينئذ توني بلير بالمشاركة في الحرب، باعتباره تجاهلا للإرادة الشعبية، لكن بلير حظي بدعم غالبية أعضاء البرلمان حينما عرض الأمر للتصويت. نتائج لجنة التحقيق فقد حظي بلير بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان على قراره بالمشاركة في الحرب بعد استجواب الشهود، كان يجب أن تنشر لجنة التحقيق تقريرها، وهو ما تم تأجيله إلى ما بعد الانتخابات العامة في بريطانيا، المقررة في مايو المقبل. ونفيت صحة تقارير، التي عزت التأجيل إلى الخلاف حول نشر مضمون المحادثات بين بلير والرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش. وأعلنت لجنة التحقيق على موقعها الإلكتروني الرسمي أنها ستقدم "تفسيرا موثوقا للأحداث يسهم في استخلاص الدروس، والاستفادة منها في صناعة قرارات السياسة الخارجية مستقبلا". هل تسوي مثل هذه التحقيقات هذه القضايا؟ ليس مفاجئًا أن تنتهي نتائج تحقيقات الرسمية، التي تفتح للفصل ما بين وجهات النظر المتضاربة والأدلة، إلى نتائج مختلف حولها بشكل كبير أحيانًا. إذ وجد تقرير أعده مجلس الشيوخ الأمريكي حول المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إلى امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، أن بعض الأدلة تمت المبالغة فيها، وأخرى تم تجاهلها. لكن بعض السياسيين قالوا إن لجنة مجلس الشيوخ انتقت أدلتها بطريقة غير موضوعية. كما قالت لجنة تيركل الإسرائيلية، التي حققت في اعتراض القوات الإسرائيلية لأسطول كان متوجها إلى قطاع غزة عام 2010، إن إسرائيل تصرفت بشكل قانوني. لكن تقريرا منفصلا أصدرته الأممالمتحدة اتهم قوات البحرية الإسرائيلية الخاصة باستخدام القوة المفرطة. ولا تزال تداعيات غزو العراق، وتبعات عدم العثور على أسلحة دمار شامل، قائمة حتى الآن. حيث يدعي العديد من المحللين أن الغزو أسهم في اتجاه بعض الإسلاميين في أوربا "للتطرف" مما أدى لوقوع هجمات مسلحة في كل من بريطانيا وفرنسا وغيرها. من جانب آخر يرى آخرون إن هذا "الغزو الغربي على العراق" أدى إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط، و صعود تنظيم الدولة الإسلامية، وبالنسبة للديمقراطيات الغربية، ثمة اعتقاد راسخ بأن السياسيين قد لا يعلنون الحقيقة الكاملة أمام شعوبهم.