بقلم: مفيد عواد بصرف النظر عن المحاولات اليائسة التي تجري في الكيان الإسرائيلي منذ انتهاء العدوان على جنوب لبنان في يوليو عام 2006 وحتى الآن حيث ترمي إلى معالجة الهزيمة المدوية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي في ذلك العدوان فإن هذه المعالجة على الطريقة الإسرائيلية ومهما بلغت من شدة إتقان في قلب الحقائق واختيار الطلاء المناسب في إخفاء الانهيارات التي عصفت بكل أركان الكيان جراء هذا العدوان .. فإن ذلك كله لن يلغي مفاعيل الهزيمة ولن يلغي العواقب الإستراتيجية الخطيرة التي جرها هذا العدوان على الكيان الإسرائيلي. بعد ثلاث سنوات من العدوان أخذت الجوقة الإسرائيلية بجميع أبواقها تنفخ في مكاسب متخيلة حققها الجيش الإسرائيلي جراء العدوان .. لدرجة أن هذه الأبواق أخذت تردد بجرأة مستهجنة أن هذه المكاسب هي التي سعت إليها إسرائيل لتحقيقها من وراء عدوانها وتتمثل في .. أولاً وقف ما سمي بالإرهاب من الحدود السياسية للبنان نحو إسرائيل .. وثانياً: تحقيق مسؤولية لبنان عن الحكم في جنوبه، وثالثاً: المس بقدرة حزب الله والمقاومة ..! إن أي تلميذ مبتدئ في علم السياسة والاستراتيجية يضحك من أعماقه على هذا الغباء الإسرائيلي المكشوف الذي يخدع نفسه لأنه لم يؤد فقط إلى كشف المزيد من مفاعيل الهزيمة الثقيلة على الكيان الإسرائيلي بل يحدد بدرجة دقيقة جداً عامل الفشل الرئيسي ومحاولة الإقناع المتهاوية .. بأن إسرائيل بإمكانها تجاوز ما جرى معها في عدوان 2006. الغريب أن إسرائيل حشدت لذلك حزمة مصنوعة من الأكاذيب والادعاءات على هيئة مكاسب موهومة حققتها من وراء العدوان والأغرب من ذلك أن هذا الدور تقوم به نفس الجهات التي قالت عند انتهاء العدوان أن ما تعرض له الجيش الإسرائيلي في تلك الحرب هو هزيمة نكراء إن لم يكن إخفاقاً مدوياً لكل المقاييس. لقد فتحت هذه الجهات في حينه بازاراً لفظياً إسرائيلياً لوصف حالة الجيش الإسرائيلي الذي خرج مسحوباً من ناصيته يجر ذيله بين رجليه من جنوب لبنان إلى آخر تعابير الإحباط والفشل والهزيمة التي ضربت ليس المؤسسة العسكرية فحسب بل أركان الخليط الاجتماعي الإسرائيلي بأكمله. ويبدو أن مركز البحوث العسكرية للأمن في الكيان الإسرائيلي أخذ على عاتقه مسح واقع الفشل الذريع الذي مني به الجيش الذي لا يقهر في عدوان 2006 وذلك من خلال ما ذكره غابي سيبوني رئيس المركز في صحيفة يديعوت أحرنوت في الثاني عشر من الشهر الجاري من خلال مكاسب استراتيجية موهومة وسياق دفاع فاشل أدى إلى انكشاف خطط الكيان العدوانية المستقبلية وذلك في خضم تبريرات عاجزة أوردها المركز بعد ثلاث سنوات حشد فيها كل تخيلاته بأن الجيش الإسرائيلي حقق نصراً استراتيجيا وذلك بتركيب أرجل خشبية مستعارة لهذا الجيش الذي أغفل فيه المركز الحقائق الدامغة المناقضة تماماً لادعاءاته إلى حد أنه قفز في تبريراته الفاشلة عن تقرير لجنة ( فينو جراد) الإسرائيلية التي حققت في عوامل اندحار الجيش الإسرائيلي وعجزه حتى عن تحقيق حفظ ماء وجهه في ذلك العدوان الذي كان من أهم نتائجه المدمرة أنه أدخل وللمرة الأولى الجبهة المدنية داخل الكيان لأنها شكلت جزءاً أساسياً من جبهة قتال نشطة وحقيقية لأول مرة منذ انشئ هذا الكيان وهو الحريص دائماً على التفاخر بأن جيشه هو فقط الموكول له القيام بالعدوان الإستباقي خارج الكيان لتدمير مكامن الخطر الداهمة على العمق الإسرائيلي. إلا أن إسرائيل اكتشفت أن قوة مقاومة كبيرة وحقيقية بنيت على حدودها الشمالية لن تسمح لها بالعربدة مجدداً والقيام بحملات تلفزيونية لجيشها بين الحين والآخر يدمر ويقتل المدنيين العزل لأن الوقت قد جاء كي يذوق المدنيون الإسرائيليون هول ما أذاقته عصاباتهم للآمنين العرب في أغلب الأقطار العربية المجاورة للكيان الغريب.