إن تم إجراء عملية مسح، في هذا الوقت وضمن الظروف والتطورات الأخيرة، حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي؛ فالنتيجة سوف تُظهر أن نسبة دعم انضمام تركيا ضئيلة جدًّا، فخلال الشهر الماضي قام “يوروباروميتر” – وهو عبارة عن قسم يقدم سلسلة من الدراسات الاستقصائية يجريها بانتظام نيابة عن المفوضية الأوروبية منذ عام 1973، فينتج تقارير مستسقاة من الرأي العام حول بعض المسائل المتعلقة بالاتحاد الأوروبي في الدول الأعضاء- بتقديم تقرير أوضح – بحسب نتائجه- انخفاض نسبة الدعم لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي؛ والتي وصلت إلى 28%، في حين كانت السنة الماضية 38%. نبض الأمل كان حاضرًا في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في فترات من الزمن، ولكن بعد عمليات الاعتقال التي قامت بها أجهزة مكافحة الإرهاب، والتي طالت إعلاميين في صحيفة الزمان ومجموعة قنوات صمن يولو، زادت هذه الأحداث من التوتر، وأثرت على نتائج المسح. وقد صرح وزير الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية “فولكان بوزكير” تصريحًا مغايرًا لنتائج هذا المسح، وشكك بنزاهته. وقال لو طرح مسح حول موضوع انضمام الاتحاد الأوروبي إلى تركيا؛ فأتوقع أن النتائج ستخرج بنسبة أقل من سابقتها. فلا عجب أن الرأي العام التركي لم يندهش من نتائج هذا المسح؛ بسبب الإحباط الذي عايشه طيلة 4 عقود من المفاوضات بين تركيا والاتحاد، إضافة لردود أفعال المسؤولين الأتراك ضد التصريحات والبيانات التي كانت تصدر عن الاتحاد الأوروبي، والتي كانت تنتقد سياسات الحكومة الداخلية، خاصة بياناتها عن عمليات الاعتقال الأخيرة ضد الصحفيين التي طبعت صورة ذهنية لدى الأتراك عن مدى كراهية الاتحاد الأوروبي لتركيا. والقضية الرئيسة هي: ما مدى تأثير عمليات الاعتقال تلك على علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي على المستوى الرسمي؟ على سبيل المثال: تعليق المفاوضات بين الجانبين حول اكتساب العضوية أو تجميد فصول أو بنود تم الاتفاق عليها قبيل البت في العضوية. وبحسب تصريح السفير التركي في العاصمة بروكسل “سليم ينال”، الذي أكد على أن الطرف الآخر لا يريد تضخيم المسألة أكثر من اللازم، وأن يظل حل هذا الموضوع بين الجانبين والانتهاء منه بسهولة وسلاسة، كما أكد على عدم ترك المسؤولية على طرف دون الآخر. ورغم الأسلوب القاسي الذي استخدمه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في ردود أفعاله ضد بيانات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بعمليات الاعتقال الأخيرة، إلا أن أنقرة لا تنوي قطع حبال علاقاتها وتعاونها معه. وعلى الرغم من أن أردوغان قال في تصريحه إن كان الاتحاد الأوروبي لا يريدنا عضوًا في الاتحاد، فهذا لا يعني أنه يقطع علاقات دولته معه أو وقف المفاوضات أو رغبتها في إدارة ظهرها لأوروبا، وكما قال الوزير بوزكير: “إن موقف ورؤية تركيا حول انضمامها للاتحاد الأوروبي هو هدف استراتيجي لتركيا، ورئيسها دائمًا يفَعِّل هذه الرؤية”. وقال الوزير إن الحكومة التركية ملتزمة بالحفاظ على اتصالاتها مع الاتحاد الأوروبي، ولن يتم إجراء أي تغيير حول جدول زيارة رئيس الوزراء التركي “أحمد داوود أغلو” إلى بروكسل في شهر يناير المقبل، والزيارة الرسمية لأردوغان في شهر نيسان/ أبريل القادم. وهكذا، ورغم تصاعد التوتر في التصريحات بين الجانبين في الآونة الأخيرة على المستوى الرسمي، يبدو أنه لن يكون هناك أي تغيير في السياسة الأساسية لكلا الطرفين. وفي النهاية، نعم هناك تذبذبات سلبية على مستوى الرأي العام، ولكن بصراحة، هي نتيجة التصريحات الرسمية التي صدرت من كلا الجانبين.