اثار مقطع فيديو لسيدة تضع مولودها على الرصيف أمام مستشفى كفر الدوار بالبحيرة، بعد رفض المستشفى استقبالها غضب الرأي العام المصري، حيث لم تكن السيدة ذهبت لمستشفى استثماري أو خاص لترفضها لعدم قدرتها على دفع التأمين الخاص بالمستشفى، وإنما ذهبت لمستشفى حكومي من المفترض أنها تستقبل جميع المواطنين سواء. صراخات السيدة التي تعاني من آلالام المخاض، واستغاثة أقاربها– خلال الفيديو – واتهامهم لإدارة المستشفى بالإهمال الشديد لمنعها من الولادة داخلها، إعاد قضية تدهور المنظمة الصحية بمصر إلى السطح مرة أخرى، حيث سوء المعاملة والخدمة الطبية، فضلا عن الإهمال واستهتار الأطباء بأرواح المرضى على اختلاف مستوياتهم المادية. وتتعدد الكوارث التي تشهدها المستشفيات المصرية بين موت أطفال رضع بالحضّانات بسبب انقطاع الكهرباء عن بعض المستشفيات، وأخطاء الأطباء القاتلة فى التشخيص والعلاج والجراحات، حتى أصبح شعار المستشفيات المصرية هو “الداخل مفقود والخارج مولود”. وسوء حال المستشفيات تتمثل أيضا في الحجرات متهالكة والمبانى آيلة لسقوط، إضافة إلى القطط والفئران، بل وثعابين في أحيان كثيرة فى الحجرات التى يقيم فيها المرضى، دون أى اهتمام من جانب الأطباء والمسئولين عن الإدارة، علاوة على إهمال الأطباء بقسم الأشعة بسبب تقاعسهم عن أداء واجبهم فى سرعة استقبال المرضى خاصة الحالات الحرجة، مما يجعلهم ينتظرون لعدة ساعات. أما في المستوصفات الطبية المنتشرة بالقرى والأحياء المهمشة فكل شئ يعمل ب”البركة”، بينما تلعب الواسطة والمجاملات دورها في مستشفيات التأمين الصحي، فالمرضى يفترشون أرضيات المستشفيات انتظارًا لإخلاء الأسرة المشغولة بمرضى أخرين. وتشهد المستشفيات المصرية، بصفة متواصلة حالات وفاة للعديد من المرضى، نتيجة الإهمال الطبي الذي يلقونه، فهناك نحو 900 قضية أمام المحاكم ضد أطباء، كما أن هناك نحو 1200 شكوى تقدم لوزارة الصحة بشكل سنوي ضد الأخطاء المتكررة بحق المرضى خلال النصف الأول من العام الجاري، ووفقًا للجمعية المصرية للدفاع عن ضحايا الإهمال الطبي. ففي شهر سبتمبر، تسبب أنقطاع الكهرباء عن مستشفى القصر العيني فى وفاة 24 طفل فى حضانات مستشفى القصر العيني الفرنساوى، وسط تجاهل من المسئولين الذين حاولوا نفي الحادثة ووصفوها بالاشاعة المغرضة أطلقها أنصار الإخوان المسلمين للنيل من السلطة الحالية، بحسب تصريحات مسئولي وزارة الصحة المصرية. ولم ينف الدكتور طارق المحلاوي، رئيس الإدارة المركزية للطب العلاجي، وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة أداء المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، وجود حالات إهمال وأخطاء طبية بالمستشفيات، ومنها التابعة للحكومة، مرجعاً السبب في ذلك إلى عدم خبرة الأطباء خاصة بمجال الامتياز أو حديثي التخرج. وبعكس ما قاله المحلاوي، شهدت المستشفيات المصرية العديد من الأخطاء الطبية التي أودت بحياة المرضى على أيدي أطباء كبار ومشهورين، ولم يكونوا حديثي تخرج أو قليل الخبرة، ولم ينحصر ذلك على المستشفيات العامة والحكومية وحدها، وإنما كان للمستشفيات الخاصة نصيب الأسد منها. وكانت أشهر هذه الحالات هي المؤلفة وكاتبة السيناريو الشابة، نادين شمس، التي توفت نتيجة خطأ طبي، تسبب في إصابتها بثقب في القولون أدى إلى تلوث دمها، توفيت على أثره، بعد أن دخلت مستشفى خاصاً لإجراء جراحة بسيطة بالرحم، وفق تأكيدات زوجها نبيل القط، الذي اتهم في أقواله للنيابة المستشفى بالإهمال في حالة زوجته، ما تسبب في وفاتها. أما جليلة فايز، فقد وافتها المنية بعد خطأ طبي وقع فيه الطبيب الذي أجرى لها عملية “تدبيس للمعدة” في مستشفى المقاولون العرب، حيث تسبب في إحداث ثقب بالإثنى عشر مما أدى إلى تلوث الدم، هو ما رفض الطبيب حتى الاعتراف به في شهادة الوفاة. وكذلك الفتاة هبة العيوطي، التي تعرضت للموت بعد حقنها بمادة كاوية بدلاً من الصبغة، وكانت قد توجهت للمستشفى الخاص بناء على نصيحة من طبيبها بإجراء أشعة بالصبغة، وبعد حقنها تدهورت حالتها الصحية، وفي اليوم التالي دخلت العناية المركزة بمستشفى آخر، وتم اكتشاف حدوث غرغرينا بالمعدة، لتوافيها المنية قبل أيام. ومازال دور نقابة الأطباء قاصرًا أمام هذه الحالات، حيث لا تحرك النقابة أية تحقيقات مع المتسببين في الأخطاء الطبية إلا بعد تقديم المتضرر بشكوى رسمية للجنة التحقيق بالنقابة العامة، وذلك رغم قناعتها بإهمال الطبيب لتقوم بالبت فى الشكوى بعد جلسات عديدة، ربما لا تسفر عن شىء، فتتفرق المسئولية بين إدارة المستشفى المتسببة فى الخطأ والمتضرر ما يؤدى غالباً إلى حفظ الشكوى.