جاءت الذكرى السادسة على قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش باحتلال دولة العراق، وسط تأكيدات من الرئيس الجديد باراك أوباما بأنه سيسحب قواته من هناك خلال أشهر معدودة، وهو ما يعني خروج المحتل دون تحقيق أي نجاح يذكر، اللهم إلا ضحايا بالآلاف بين شهداء وجرحى، ومنازل هدمت وبنية أساسية دمرت بالكامل. وفي تقرير نشرته وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ" جاء فيه، أنه بعد مرور ست سنوات على احتلال العراق توشك هذه الحرب المجرمة على الانتهاء ويعود الجنود الأمريكان إلى وطنهم، ولكن دون تهليل بإحراز النصر، بعدما أعلن أوباما، بشكل محترف خالٍ من البهجة ومن دقات الطبول، نهاية المغامرة العسكرية التي خاضتها بلاده، إذ ستعود قوات الاحتلال من العراق بحلول أغسطس من العام المقبل. ويقول التقرير: إن الشعور تغير تمامًا الآن عنه قبل ست سنوات، حيث لم يتبق من هذه الحرب الإجرامية اليوم لدى ملايين الأمريكيين سوى غصة ومرارة وسؤال لاذع، هو: "لماذا؟". ويضيف التقرير، أن أوباما يتجنب غالبًا استخدام كلمة "نصر" أو كلمة "هزيمة" ولكنه مع ذلك لا يشكك مطلقًا في أن نجاح المهمة كان محدودًا إذ قال: إن "الوضع في العراق ليس آمنًا حتى الآن.. ثمة أوقات صعبة قادمة.. سيتواصل العنف كجزء من الحياة اليومية في العراق". وكم كانت الصور مختلفة عندما ذهبت القوات الأمريكية إلى العراق قبل 6 سنوات، حيث قالت حكومة الرئيس الأمريكي السابق آنذاك: إن الأمر يتعلق بأسلحة دمار شامل "مزعومة" وبصلة أيضًا "مزعومة" بين بغداد وتنظيم القاعدة، وكان الحديث وقتها يدور حول "استبدال نظام حاكم" وسقوط صدام حسين بدعوى أنه يسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل وهو ما ثبت كذبه لاحقًا. وأيد 73% من الأمريكيين وقتها الحرب التي قادتها بلادهم في العراق، مع ملاحظة أن الكثير من أفراد الشعب الأمريكي كانوا آنذاك لا يزالون في مرحلة الصدمة التي أعقبت هجمات 11سبتمبر 2001. وعلّقت مواطنة أمريكية (62 عاما)، على حرب العراق بعد الأعوام الست قائلة: إن معارضة الحرب كان مسألة صعبة في تلك المرحلة التي كانت البلاد فيها "تحت وطأة ضغوط أحداث 11 سبتمبر"، واستعادت أحداث تلك السنوات موضحة أن حالة من الخوف والذعر كانت تسيطر على الولاياتالمتحدة حينها، كما أن بوش كان يمارس دون انقطاع سياسة "من ليس معنا فهو ضدنا". وأجادت حكومة بوش، أيضًا، مسألة استخدام وسائل الإعلام، إذ كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الكثير من "الخبراء العسكريين" الذين كانوا يظهرون على شاشات التلفاز للتعليق على الحرب كان يتم "إعدادهم" لذلك مسبقًا من قِبل البنتاجون والحكومة. ولعل كلمات عملاق الإعلام روبرت ميردوخ التي قال فيها: "لا يمكننا التراجع وتسليم الشرق الأوسط بأكمله إلى صدام" هي أبلغ دليل على تأثير الإعلام على سير تلك الحرب. ويمتلك ميردوخ محطة "فوكس نيوز" التي أيدت التدخل العسكري الأمريكي في العراق. أما صحيفة "نيويورك تايمز" الرائدة في الإعلام الأمريكي، فاعتذرت للقراء بعد الحرب، مشيرة إلى أنها نشرت "الكثير للغاية" من تصريحات وتأكيدات مصادر حكومية كما هي دون التحقق منها ومراجعتها. وكتبت الصحيفة في أحد أعدادها بعد بدء الحرب: "نتمنى لو كنا طرحنا تلك التأكيدات للتساؤل والتشكيك بشكل أكبر".