تظاهر المحامون المحتجون على مشروع قانون زيادة الرسوم القضائية، أمام مجلس الشعب وميدان التحرير والإسعاف وأمام مقر النقابة العامة في شارع رمسيس، وسط حصار أمني مشدد، في الوقت الذي أقر فيه البرلمان من حيث المبدأ مشروع القانون الذي يقضى بزيادة رسوم التقاضي بنسبة عشرة أضعاف الرسوم الحالية، رغم اعتراضات العديد من النواب مطالبين بإعادة مناقشته. وردد المتظاهرون، هتافات، من بينها: "فتحي سرور يا فتحي سرور القانون ضد الدستور"، "وزير العدل باطل وأحمد عز باطل ومجلس سياسات باطل"، "يا حكومة رجال الأعمال بكرة هنبيع العيال"، و"معتصمين معتصمين يا ترزية القوانين"، و"لا بنخاف ولا بنطاطي إحنا كرهنا الصوت الواطي"، و"اسحبوه واسحبوه القانون مشبوه". وكان لافتا غياب سامح عاشور النقيب السابق والمرشح للانتخابات القادمة، في الوقت الذي أكد فيه عدد من المحامين المشاركين في الاعتصام بمقر نقابة المحامين أنهم يخططون لتصعيد الاحتجاج للضغط على الحكومة لإلغاء مشروع القانون، الذي وصفوه ب "الكارثي". وقلل المستشار ممدوح مرعي وزير العدل من الزيادة في قيمة الرسوم، مشيرا في كلمة أمام مجلس الشعب إلى أن الرسوم الحالية مفروضة منذ نحو ستة عقود وأصبحت بسبب تدنى قيمة الجنيه لا تساوى شيئا فإذا ضربت في عشرة لأصبح الرسم قليلا للغاية، لافتا إلى أن الرسوم كانت تقدر بالقرش ولو ضربت في عشرة لما وصلت إلى ثمن تذكرة أتوبيس، وعلل الزيادة بأنها ستساعد على تطوير المحاكم وبناء استراحات للمتقاضين والمحامين، مشيرا إلى أن الوزارة بحاجة إلى ملياري جنيه لتحقيق هذا التطوير. وأضاف، أن القضايا التي تصل لعشرة آلاف جنيه لن يتم تحصيل رسوم عليها، بينما سيتم تحصيل ربع الرسم حتى 40 ألفا، وما يزيد على ذلك نصف الرسم، وأوضح أن 8ر48 % من المتقاضين سيعفون بصورة كاملة من الرسوم لأن القضايا أقل من عشرة آلاف جنيه و6ر21 سيحصل منهم ربع الرسم و7ر29 % سيحصل منهم نصف الرسم وبذلك يكون 6ر0% سيتم تحصيل رسم نسبى لزيادة قيمة القضايا على مائة ألف جنيه. تأتي الموافقة المبدئية على مشروع القانون المثير للجدل رغم ما شهدته اللجنة التشريعية بمجلس الشعب أمس من احتجاجات واسعة من قبل عدد من النواب ضد تمرير القانون، وتقدم عشرة نواب بطلب إلى الدكتورة أمال عثمان رئيسة اللجنة بضرورة إعادة مشروع القانون مرة أخرى للمناقشة. واستند النواب ومنهم علاء عبد المنعم ومحمود أباظة وطلعت السادات وطاهر حزين ورجب أبو زيد وصبحي صالح وأحمد ناصر ود. أحمد أبو بركة وجمال حنفي إلى المادة 73 من اللائحة الداخلية للمجلس التي تجيز إعادة المشروع مرة أخرى إلى اللجنة رغم إحالته للمجلس للمناقشة. وأيدت الدكتورة جورجيت قليني النائبة المعينة طلب النواب، وأكدت على ضرورة البحث عن طريقة قانونية لإعادة المشروع للجنة والبحث عن توازن بين ما أقرته اللجنة ومصالح الناس، فيما رفض النائب الدكتور زكريا عزمي إعادة المشروع، خاصة وانه أدرج في جدول الأعمال و"على النواب أن يقولوا ما يرونه تحت القبة". وحاولت الدكتورة أمال عثمان رئيسة اللجنة، التهرب بحجة غياب عدد من النواب الذين وافقوا على التعديلات في اللجنة، وتدخل النائب محمود أباظة رئيس حزب "الوفد" وعضو اللجنة قائلا: إن المادة 73 تجيز للجنة أن تطلب إعادة المشروع ولا يجوز القول إن الاجتماع غير مكتمل لان الاجتماع بدا صحيحا، وقال إن المسالة مبدأ وليست تفاصيل، وإن هناك رأيا يرى أن الرسوم بهذه الطريقة تمنع التقاضي ويجب أن يكون دور المشروع الموائمة بين الواقع والنصوص حتى لا تكون آلة صماء. واقترحت الدكتور جورجيت قليني أن يكون رفع رسوم التقاضي خمسة أمثال قيمتها الحالية وليست عشرة أمثال، كما وردت في التعديل، وقالت إن إعادة المشروع إلى اللجنة ضرورة لمواجهة الإضرابات التي أصبحت سائدة حاليا وأن يتم التعديل من اللجنة بدلا من قيام الحكومة بتعديل المشروع في القائمة. فيما أصر النائب طاهر حزين على إعادة المشروع للجنة، مؤكدا أن من حقها سحبه طبقا للمادة 73 من اللائحة الداخلية للمجلس، وشدد النائب رجب أبو زيد على ضرورة تعديل المادة 9 مدنية والمادة 5 أمام مجلس الدولة لتهدئة غضب وثورة الشارع والقطاع العريض من المحامين. وتنص المادة التاسعة التي يدور حولها الخلاف عدم تحصيل الرسم النسبي على الدعوى التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه وإذا زادت قيمتها على ذلك ولم تجاوز 40 ألف جنيه يحصل ربع الرسم، ويحصل نصف الرسم النسبي إذا زادت قيمة الدعوى على 40 ألف جنيه على ألا يتجاوز الحد الأقصى للرسوم النسبية المحصلة 100 ألف جنيه، ويسرى الرسم النسبي على أساس ما حكم به. من جانبهم، توعد المحامون المحتجون بمزيد من التصعيد لإثناء مجلس الشعب عن زيادة الرسوم القضائية، وأنهم سيقومون بالإضراب عن الطعام وسيوجهون الدعوة لزملائهم المحامون على مستوى الجمهورية للإضراب العام ومقاطعة جلسات المحاكم حتى يتم الاستجابة لمطالبهم بإلغاء القانون. وقال محمد طوسون المتحدث باسم لجنة الشريعة الإسلامية، إن رئيس مجلس الشعب رفض طلبا بمقابلة وفد من المحامين للتفاوض حول الموضوع، مهددا بأن هذا القانون لن يمر إلى على رقاب المحامين، على حد قوله. واتهم المحامي اليساري طارق العوضي، وزارة الداخلية بأنها تقف وراء قانون "الجباية"، لكونها المستفيدة منه، لأن من شأنه أن يوقف المطالبة بالتعويضات من قبل معتقلي الجماعات الإسلامية السابقين، من خلال لجوئهم إلى المحاكم لتعويضهم عن "سجنهم ظلما وعدوانا"، بسبب زيادة رسوم التقاضي. كما اتهم العوضي، الداخلية بأنها وراء تراجع الدكتورة أمال عثمان رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب عن مقابلة وفد المحامين داخل البرلمان بناء على اختيارها. أما المحامي أحمد قناوي، فقال إن الهدف من قانون الرسوم القضائية هو جمع الأموال اللازمة لدفعها في صورة مكافآت للقضاة، وتنفيذ الوعود التي قطعتها الحكومة للتيار الموالي لها في نادي القضاة الذي فاز في الانتخابات الأخيرة. وأشار إلى أن وزارة العدل ستقوم بتمويل زيارة مرتبات القضاة ومكافآتهم والمخصصات المالية لنادي القضاة والتي توقفت طوال الفترة الماضية، أثناء فترة الحصار التي فرضتها الحكومة على نادي القضاة. وأكد المحاميان أسعد هيكل ومحمود رضوان مؤسسي "رابطة محامون ضد الفساد" أنه تم تشكيل جبهة تم تسميتها "محامون ضد الرسوم القضائية" تتألف من محامين من كافة التيارات السياسية، وتوعدا بأن تشهد الأيام القادمة فعاليات جديدة لمواجهة القانون "المشبوه".