أصدر النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، قرارًا مفاجئًا، بالإفراج عن الدكتور أيمن نور زعيم حزب "الغد" لأسباب صحية، بعد تمضيته ثلاث سنوات من أصل عقوبة السجن خمس سنوات في قضية اتهامه بتزوير توكيلات تأسيس حزبه، وبعد رفض أكثر من طلب لإصدار قرار بالإفراج الصحي عنه. وتم تنفيذ الحكم بالإفراج عن نور الذي حصل على ثاني أعلى نسبة من الأصوات في أول انتخابات رئاسية تعددية في مصر، وقد عاد بالفعل إلى منزله، حيث وصف قرار الإفراج عنه بأنه "مفاجئ"، وقال إنه لا يعرف حتى الآن ملابساته. لكن مراقبين ربطوا بين قرار الإفراج عن نور، ومقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قبل يومين شنت فيه هجوما عنيفا على الرئيس حسني مبارك الذي يعتزم زيارة الولاياتالمتحدة، في زيارة ستكون الأولى منذ خمس سنوات، حيث دعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى عدم الترحيب به، وطالبته بالإفراج أولا عن أيمن نور، والتوقف عن ملاحقة الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون. وفشلت محاولات نور المتعددة في الحصول على عفو صحي، بعد أن قوبلت جميعها بالرفض من محكمة القضاء الإداري، استنادا إلى تقرير من هيئة الطب الشرعي أكد أن حالته الصحية لا تستدعي خروجه من السجن وأنه يمكن علاجه داخل محبسه. واعتبر حزب "الغد – جبهة نور" قرار الإفراج عن زعيم الحزب يصب في مصلحة الرئيس مبارك في ظل سعيه إلى تحسين علاقات النظام مع الإدارة الأمريكيةالجديدة، وتحسين سجل النظام في محال حقوق الإنسان واحترام المعارضة. وأوضح المستشار مرسي الشيخ وكيل الحزب أن الإفراج عن نور يمثل صفحة جديدة من قبل النظام مع أحزاب المعارضة ومع شعب مصر بشكل عام، واعتبره كذلك إعلان حسن نوايا تجاه حزب "الغد" المنقسم إلى جبهتين، وأعرب عن توقعه بأن يؤدي إطلاق سراحه إلى إعادة الحياة إلى شرايين الحزب والعمل على التئام شمله. ولم يستبعد الشيخ أن يكون هناك رابط بين القرار ورغبة الرئيس مبارك في القيام بزيارة الولاياتالمتحدة للقاء الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما خلال شهر أبريل القادم، ورأى أن ذلك قد يكون عزز في اتجاه إطلاق أيمن نور، واصفا القرار بالإيجابي لصالح مصر على الصعيدين الداخلي والخارجي. وأشار الشيخ إلى أن الحكم القضائي الأخير القاضي بعدم الاعتداد برئاسة إيهاب الخولي لحزب "الغد" والإفراج عن نور أعادا الشرعية للحزب ووجها لطمة قوية لمن سعوا لشرذمة الحزب وتقسيمه وتحويله لأشلاء، رافضا إجراء أي مصالحة مع كل من رجب حميدة وموسى مصطفى، قائدي الجبهة المنشقة، لمسئوليتهما عن الأوضاع السيئة التي آل إليها الحزب وتبنيهما ل "أجندة مشبوهة" للقضاء على الحزب. ورجح أن تؤدي خطوة الإفراج عن نور إلى إعادة جميع الطيور المهاجرة إلى الحزب لإعادة تفعيل دوره في الساحة السياسية باستثناء المتورطين في مخطط تفتيت الحزب، مبديا تفاؤله بأن يلقى ذلك قبول النظام الحاكم، قائلا، إن له مصلحة كبيرة في إعادة فتح النوافذ مع الحزب، ولهذا فسيتعاطى بإيجابية مع أى مساع لطي صفحة الماضي والبدء في بناء مناخ إيجابي يحكم العلاقة بين المعارضة والنظام. لكن المحامي نزار غراب، أكد أنه لن يكون بوسع نور ممارسة نشاطه السياسي بشكل رسمي، لأن القانون يحظر على المدانين بجرائم جنائية العمل السياسي قبل مرور 12 عاما من انتهاء مدة عقوبته، وقال إنه يمكن له التقدم بدعوى أمام القضاء بعد مرور ست سنوات من انتهاء مدة العقوبة وليس من تاريخ صدور الحكم، لمحاولة استصدار حكم لإعادة الشرف والاعتبار له ورفع الحظر المفروض عليه لممارسة العمل السياسي. وأثار قرار الإفراج عن نور، مطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين بما فيهم الإسلاميين الصادر لصالحهم أحكام بالبراءة أو الذين انتهت فترات عقوباتهم، وأبرزهم القياديان الجهاديان السابقان عبود وطارق الزمر. وطالب غراب، محامي عبود الزمر النظام الحاكم في مصر بأن تشمل قرارات الإفراج عن جميع المسجونين السياسيين وقضايا الرأي بما فيهم موكله وابن عمه الدكتور طارق الزمر، وأضاف: إننا نرحب بقرار الإفراج عن أيمن نور، لكننا نطالب بالإفراج عن جميع سجناء الرأي بمن فيهم معتقلي "الإخوان المسلمين" الذين حوكموا أمام المحكمة العسكرية وعلى رأسهم مجموعة خيرت الشاطر، كما طالب بالإفراج عن مجدي أحمد حسين الأمين العام لحزب "العمل" الذي عاقبته محكمة عسكرية أخيرا بالسجن لمدة عامين، بسبب دخوله إلى قطاع غزة عبر الأنفاق. وهو ما أكده أيضا منتصر الزيات رئيس جماعة المحامين الإسلاميين في بيان أصدره رحب فيه بالإفراج عن نور، مشددا على ضرورة الإفراج عن سجناء الرأي في مصر سواء الإسلاميين أو من الفصائل الأخرى، ووقف جميع المحاكمات العسكرية للمدنيين والناشطين السياسيين، التي اعتبرها مخالفة للدستور وجميع الأعراف والقوانين الدولية. وأكد في بيانه أن محاكمة مجدي أحمد حسين افتقدت لكل معايير العدالة، لأنه لم يحاكم أمام القضاء الطبيعي، وقال إنه لا يجب أن يكون هناك انتقائية في تطبيق القانون أو الإفراج عن السجناء، مشيرا إلى أن هناك العديد من السجناء السياسيين خلف الأسوار رغم انتهاء مدة عقوبتهم، كما أن هناك العشرات الذين يتم اعتقالهم لمجرد الاشتباه ولم يقدموا للمحاكمة. وطالب بالإفراج عن عبود وطارق الزمر والعديد من القيادات المنتمية للتيارات الإسلامية، ومنهم خيرت الشاطر النائب الثاني لمرشد "الإخوان"، وأن يكون هناك معيار واحد للإفراج عن الجميع بحيادية ودون انتقائية أو الخضوع لأي ضغوط خارجية.