بقلم: شوقي حافظ هكذا يتساءل نزار قباني في قصيدته الشهيرة: هوامش على دفتر النكسة، ومبررات هذا التساؤل الاستنكاري في القصيدة البيان السياسي متعددة منها الاكتفاء بالجلوس في الجوامع والدعاء بالنصر من عنده تعالى دون ان يقترن ذلك باعداد متطلباته من قوة ومن رباط الخيل، ولأننا كائنات خرساء مقطوعة الألسنة، يسكنها الخوف فلا تنطق بالحق ولا تقول للأعور أنت أعور في وجهه، ولان من يمتلك الشجاعة والقدرة على البوح تطارده (كلاب مفترسة) تمزق رداءه وتستجوب زوجته وتدوّن أسماء أصدقائه و.. القصيدة لا تكتفي برصد الظواهر السلبية التي تجعلنا ماضيا خيرا لا حاضر أو مستقبل له، وليس مضارعا مستمرا يحمل بين جوانحه بذور الخير للحاضر والمستقبل كما في قوله تعالى: (كنتم خير أمّة أخرجت للناس..) بل انها تضعنا أيضا على بداية الطريق الصحيح للتواصل مع ماضينا الخيّر وربطه بحاضر ومستقبل يعلو بنيانه على أسس قوية راسخة، من خلال نظم ديموقراطية تعترف بالآخر وتكفل حقوقه وتوظف التعددية في نسيج قومي متجانس موحد الرؤى والأهداف، وبالعلم والبحث العلمي وتطبيقاته، وبالربط المحكم بين ايمان القلب والسلوك وما بين القول والعمل. رصاص الاسرائيليين المصهور الذي ينصب الآن على جراح غزة يعيد طرح هذا التساؤل القباني مرة ثانية، بتحديد الاسباب التي تقود الى الهزيمة وكيف يمكن تحقيق شروط النصر، فمن يجترحون المعجزات على ارض غزة في مواجهاتهم الدموية غير المتكافئة مع حثالة العالم، انما يدفعون نصل السكين بعيدا عن كل الرقاب العربية المهددة بالذبح في توقيت يتفق مع مصالح الملأ في عالمنا، ولا سبيل كما تقول القصيدة سوى بتحقيق اشتراطات النهضة والتقدم والانتصار إخلاص الدعاء لله تعالى بأن ينصرنا، فهو جل شأنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..لابد من دعم من يقتلون كل لحظة بالإنابة عنا بما هو اكثر من الدعاء، اما شياطين القتل والتدمير والشعور الأجوف بالتميز، فليس لهم منا إلا الرجم.