تظهر بوادر خلاف في تونس بين مؤسستي الرئاسة والحكومة حيال ملف مصر . وعلى الرغم من التحفظ الشديد في التصريحات بين المؤسستين، ومحاولة تأجيل تصدير هذا الاختلاف إلى الساحة الوطنية، فقد برزت، خلال الأيام الأخيرة، إشارات واضحة توحي بأن تأجيل المواجهة لن يدوم طويلاً، وأن المؤسستين مجبرتين على تنسيق مواقفهما بشأن السياسة الخارجية. ويبدو الملف المصري أبرز هذه الملفات، التي تنذر بتفجير الوضع بين الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة، مهدي جمعة، الذي وجه تهانيه إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقرر إرسال وزير خارجيته، منجي الحامدي، لحضور مراسم التنصيب، اليوم الأحد، في القاهرة. في هذا الوقت، كشف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، عدنان منصر، أن المرزوقي لن يحضر حفل تنصيب السيسي، وأنه سيتجاهل الدعوة التي وصلت إلى رئاسة الجمهورية التونسية في هذا الصدد. وعلى الرغم من حذر منصر في عدم ذكر وجود أي خلاف بين جمعة والمرزوقي، إلا أن الخلاف واضح في الموقف بشأن الوضع المصري، إذ قال الأمين العام لحزب المرزوقي، "المؤتمر من أجل الجمهورية"، عماد الدايمي، على الصفحة الرسمية لحزبه على "فيسبوك": "نحن في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، لا نتدخل في الشأن الداخلي لدولة شقيقة، لكن ثورتنا علّمتنا ألا نرضى بنصف الموقف، وألا نخضع لحكم الأمر الواقع"، ليخلص بوضوح قائلاً: لن نرسل باسم المؤتمر رسالة تهنئة للمشير السيسي، ولن نكون شهود زور، بل سنهنئ الشعب المصري الشقيق عندما يعود المسار الديموقراطي في المحروسة إلى سكته التي رسمتها جماهير ثورة 25 يناير المجيدة. ولم يكن حزب "المؤتمر" وحيداً في هذا الموقف، إذ إن حركة "النهضة" كانت قد أعربت عن موقف مماثل إزاء ما يحدث في مصر. وعلى عكس هذه الأحزاب، جاء موقف حزب "نداء تونس"، الذي يقوده الباجي قائد السبسي، مخالفاً، إذ وجه تهنئة إلى السيسي بعد فوزه في الانتخابات التي وصفها ب"النزيهة". ويرى مراقبون أنه إذا كان من الممكن "استحسان" درجة التحفظ العالية في التصريحات بين مؤسستي الرئاسة والحكومة، إلا أن هناك مَن يخشى من أن هذه الحالة لن تدوم طويلاً، وخصوصاً من طرف الرئيس، الذي عُرف عنه أنه لا يحبّذ أنصاف الحلول.