انتقدت حركة المقاومة الإسلامية حماس الضغوطَ الأمريكية التي تُمارَس على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وحمَّلت الحركةُ- في بيان لها- وزيرةَ الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مسئوليةَ المواقف الجديدة التي أطلقها عباس خلال زيارته للولايات المتحدة بضرورة اعتراف حكومة الوحدة الوطنية بالكيان الصهيوني. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية قد صرَّحت بأنَّ الإدارة الأمريكية تنتظر ظهورَ جناح سمته "أكثر اعتدالاً" في حركة المقاومة الإسلامية حماس من الجناح الذي زعَمت أنه "جناحُ دمشق"، في إشارةٍ إلى القيادات السياسية لحماس والتي تُقيم في دمشق، ومن بينها رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، وقد ردَّت حماس في بيانها على تلك التصريحات قائلةً إنها تكشف الأسباب التي أدَّت إلى تغيير رئيس السلطة الفلسطينية لمواقفه.
وكان محمود عباس قد أعلن خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة أن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ستعترف بالكيان الصهيوني، وذلك على الرغم من عدم وجود أيِّ بندٍ في وثيقة "الوفاق الوطني"- التي تستند إليها مفاوضات تشكيل الحكومة- يدعو الحكومة القادمة إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني.
من جانبه جدَّد وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور محمود الزهَّار تأكيدَه أن موقف الحكومة الفلسطينية ثابتٌ، مشيرًا إلى أنها لن تعترف بالكيان الصهيوني ولن توافق على الاتفاقيات التي شدَّد على أنها "شكَّلت عبئًا كبيرًا على كل مناحي الحياة الفلسطينية"، كذلك أكَّد الزهَّار أن الحكومة الفلسطينية لن تتخلى عن سلاح المقاومة، وقال في هذا السياق: "إن الحكومة لا يمكن أن تقبل بأن تُترَك يدُ الاحتلال تضرب وتبطش بكل اتجاه بينما نعتمد نحن المفاوضات فقط".
وفي مؤتمر صحفي مع السفير البرازيلي في قطاع غزة أمس الثلاثاء 26 سبتمبر أكد الزهَّار أن العلاقات مع رئيس السلطة الفلسطينية "ليست موسميةً أو مرتبطةً بأجندة معينة" مشيرًا إلى أن زيارة عباس إلى غزة تم تأجيلُها ولم يتم إلغاؤها، ونفى الزهَّار وجود أية قطيعة مع رئيس السلطة.
وكان عباس قد ألغى زيارةً إلى غزة كانت مقرَّرةً أمس للتفاوض مع قيادات حركة حماس حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية؛ بدعوى عدم رضاه عن رفضِ حركة حماس اعترافَ الحكومة القادمة بالكيان الصهيوني، موفدًا ممثله الشخصي روحي فتوح، إلا أن رئيس الحكومة إسماعيل هنية أكد أن حماس لا تزال تنتظر حضور عباس للتفاوض معه، ومن المتوقَّع ألا يحضُر هنية الاجتماعات التي ستعقدها قياداتُ حماس مع فتوح.
وفي سياق متصل جدَّد النائب عن حركة حماس مشير المصري رفْضَ الحركة الدعوات التي أطلقتها بعضُ الجهات الفلسطينية بإجراء انتخابات تشريعية جديدة، وقال في تصريحاتٍ لقناة (الجزيرة) الفضائية إن تلك الدعوات تنمُّ عن "جهل شديد بالنظام الأساسي الفلسطيني"، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني.
وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والقيادي في حركة فتح ياسر عبد ربه قد دعا أمس الأول إلى إجراء انتخابات تشريعية جديدة؛ بدعوى أن ذلك هو المخرج مما دعاه "الأزمة الفلسطينية الحالية".
وبالتوازي مع تلك الضغوط السياسية الأمريكية تواصلت الانتهاكاتُ الصهيونيةُ ضد الفلسطينيين، فقد نقلت وكالات الأنباء عن مسعِفين فلسطينيين قولَهم إن طائرةً حربيةً صهيونيةً قصَفت منزلاً في قطاع غزة في الساعات الأولى من فجر اليوم الأربعاء 27 سبتمبر فدمَّرته؛ مما أسفر عن استشهاد فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا كانت تقيم في مبنى مجاور وجرح 10 أشخاص آخرين، وذكرت وكالة (رويترز) أن مدير مستشفى رفح الدكتور علي موسى أكد أن الفتاة استُشهدت عندما سقطت كتلةٌ من المنزل الذي تعرَّض مرتَين للقصف على مبنى مجاور؛ مما تسبَّب في انهياره، وأضاف أن 10 أشخاص آخرين- معظمُهم من النساء والأطفال- أصيبوا في القصف بكسور في العظام ورضوض وجروح ناتجة عن شظايا.
وفي تعليق متكرر ادَّعى الجيشُ الصهيونيُّ أن المنزل كان يُخفي أحد الأنفاق التي تستخدمها المقاومةُ الفلسطينيةُ لتهريب الأسلحة من الأراضي المصرية إلى داخل قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه حذَّر ساكني المنزل قبل القصف، لكن الوقائع تشير إلى أن الشهيدة سقطت في منزل مجاور للمنزل الذي تعرض للقصف.
ويشنُّ الصهاينة حملةً عسكريةً على قطاع غزة؛ بدعوى محاولة العثور على الجندي جلعاد شاليت، الذي أَسَرَتْه المقاومة الفلسطينية في 25 يونيو الماضي ووقْف عمليات إطلاق الصواريخ الفلسطينية من القطاع، إلا أن حجم العملية يشير إلى أنها تهدف إلى ضرب الحكومة الفلسطينية وإرهاب الشعب الفلسطيني ومنعه من تقديم المعونة لعناصر المقاومة، لكنَّ الأهداف الصهيونية المعلَنة والخفية لم تتحقَّق حتى الآن.
إلى ذلك استُشهد فلسطيني وأصيب آخران في غارة نفَّذها جيش الاحتلال الصهيوني فجر اليوم في مدينة نابلس بالضفة الغربية، وقال مصدرٌ في جيش الاحتلال الصهيوني إن الجيش كان يحاول اعتقال أحد الفلسطينيين عندما وقع تبادلٌ لإطلاق النار أدى إلى تلك الخسائر الفلسطينية، ونفَى المصدر وقوعَ أية إصابات في صفوف قوات جيشه.