لا يظنن أحد أنه بمجرد قيام الثورة واتساع مفهوم الحريات والحقوق العامة ، فإن من تربوا على ثقافة العبودية والقهر والمازوخية وفقه الاستضعاف , سوف يتغيرون بين عشية وضحاها !! إن هؤلاء يعيشون حالة نفسية تشبه حالة السجناء - خاصة حالات السجن الطويلة - فالدول المتحضرة تقوم بإعداد برامج تأهيل نفسي مكثفة , من أجل دمج هؤلاء السجناء في المجتمع من جديد , ومساعدتهم على التأقلم مع التطور الهائل في العادات والتقاليد والعلوم والمعارف , التي استجدت خلال فترة حبسهم . إن رفض كثير من الإسلاميين المدجنين - خاصة الأتباع دون القيادات - لمفاهيم الثورة والحرية والعدالة والحقوق العامة وغير ذلك , ليس كله نابع من عنادهم أو مصالحهم الشخصية والحزبية فقط , ولكن جزء كبير منه راجع إلى العجز على سد هذه الفجوة النفسية والمعرفية , بين مرحلة ما قبل الثورة , وما بعدها . وأنا أعترف أن التغير الطفيف الذي حدث لهؤلاء في أعقاب الثورة , قد تلاشي بعد الانقلاب , وعاد كثير منهم إلى نقطة الصفر من جديد , لأن هذه القيم والمعاني لم تترسخ في قلوبهم وعقولهم , فالطبيعي أن تزول مع أول فتنة .