أظهر الكاتب الصحفي فهمي هويدي تخوفه من قلب الحقائق في مقتل محمد رضا طالب الهندسة ومحاولة توجيه الاتهام للطلبة و تبرئة الداخلية . وقال هويدي لا أستبعد فرض الأمن قراءته علي مشهد حادث جامعة القاهرة في إطار مواجهته مع قراءة الجامعة التي وصف هويدي موقفها بالمفاجئ بخلاف مواقفها السابقة التي كانت تأتي دائما متسقة مع المواقف الأمنية في حين هذه المرة ادانت الجامعة في بيانها وزارة الداخلية وقوات الشرطة وألقت بالمسئولية عليها قائلا "كما أن كلام الدكتور جابر نصار وضعنا أمام قراءتين لأحداث الجامعة واحدة تبناها هو ومعه أساتذة الجامعة، وأخرى أمنية تحدث بها وزير الداخلية ونفت مسئولية الشرطة عن جريمتى القتل والاعتداء على حرمة الجامعة، فان المشهد تكرر على صورة أكبر وأخطر مع تقريري تقصى الحقائق. وأضاف في مقاله اليوم بجريدة الشروق بعنوان "صراعنا الخفي حول الحقيقة و التاريخ "قائلا: لا أعرف ما الذى ستسفر عنه المواجهة بين قراءتي الجامعة والأمن فى أحداث كلية الهندسة، لكنى لن أستغرب إذا فرض الأمن رؤيته ليس فقط لأن له سابق خبرة فى قلب الحقائق وإعادة تشكيلها على النحو الذى يشتهيه، ولكن أيضا لأنه بنفوذه الكبير فى مجال الإعلام بات الآن فى الموقف الأقوى الذى يتجاوز بكثير ما كانت عليه الصورة قبل سنة أو اثنتين.. وتابع من شأن استمرار ذلك الموقف ان يفلت قتلة محمد رضا وعبدالغنى حمودة من الحساب والعقاب، ولا تسأل عن الشهداء الذين قتلوا فى فض اعتصام رابعة أو النهضة أو غيرهم من أبناء الشعب الآخر الذين لا بواكى لهم واوضح هويدي: أن حدث جامعة القاهرة مهم في ذاته و في دلالته لأن غضب الجامعة لانتهاك حرمتها والعدوان على استقلالها، وجرأة رئيس الجامعة وأساتذتها وطلابها فى مواجهة القمع الذى مارسته المؤسسة الأمنية، هذا المشهد مهم فى حد ذاته لما اتسم به من غيرة وجرأة. فى الوقت ذاته فإنه يستدعى إلى الأذهان سجل الأحداث التى تلاحقت أثناء الثورة وبعدها، والتى تم تناولها من خلال قراءتين لا تختلفان كثيرا عن الكيفية التى تم بها التعامل مع ما جرى فى كلية هندسة جامعة القاهرة. ذلك أننا فى الحالة الأخيرة صرنا بإزاء شهادتين إحداهما جامعية تتهم الأجهزة الأمنية والأخرى أمنية تبرئ الداخلية وتتهم الإخوان، وذلك بالضبط، جرى مع الأحداث التى تلاحقت أثناء ثورة 25 يناير وفى أعقاب نجاحها. وقال هويدى دليلى يتمثل فى الجهد الكبير الذى بذل لتقصى حقائق تلك الأحداث، والذى أشرف عليه نفر من أهم وأبرز رجال القضاء والقانون فى مصر، الذين استعانوا بفريق من المحققين والخبراء. وقام هؤلاء بتوثيق تلك الأحداث فى مرحلتين. مرحلة الثورة التى امتدت من 25 يناير إلى 9 فبراير من عام 2011 وقد رأس اللجنة التى تولت تقصى حقائقها المستشار الدكتور عادل قورة الرئيس الأسبق لمحكمة النقض وجاء تقريرها فى 400 صفحة سلمت ثلاث نسخ منه يوم الاثنين 18 أبريل عام 2011 إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الحكومة آنذاك الدكتور عصام شرف والنائب العام الدكتور عبدالمجيد محمود. واضاف قائلا: المرحلة الثانية هى التى تولى فيها المجلس العسكرى السلطة، وقد وقعت فى ظلها أحداث عنف عدة، أصدر الرئيس محمد مرسى قرارا بتشكيل لجنة لتقصى حقائقها برئاسة المستشار محمد عزت شرباص رئيس الاستئناف السابق، فى شهر يوليو عام 2012، بعد أسابيع من تنصيبه، وقدمت اللجنة تقريرها الذى جاء فى نحو 700 صفحة فى شهر يناير عام 2013. والتقريران يتضمنان كما هائلا من الوثائق والتسجيلات والشهادات. لكن أهم ما كشفا عنه كان توثيق ضلوع أجهزة الأمن فى أهم إن لم يكن كل تلك الأحداث، وتم ذلك بتفصيل تجاوز العبارات التى تحدث بها رئيس جامعة القاهرة فى توصيفه لما جرى فى كلية الهندسة. ولفت الى انه كما أن كلام الدكتور جابر نصار وضعنا أمام قراءتين لأحداث الجامعة واحدة تبناها هو ومعه أساتذة الجامعة، وأخرى أمنية تحدث بها وزير الداخلية ونفت مسئولية الشرطة عن جريمتى القتل والاعتداء على حرمة الجامعة، فان المشهد تكرر على صورة أكبر وأخطر مع تقريرى تقصى الحقائق، ذلك أن القراءة القانونية لوقائع المرحلتين ووجهت بقراءة أخرى أمنية برأت ساحة المؤسسة الأمنية وأخلت مسئوليتها عن أحداث تلك الفترة. لأن المؤسسة المذكورة هى الطرف الأقوى فإنها نجحت فى فرض رؤيتها بعدما مارست ضغوطها القوية لتجاهل كل ما توصل إليه القانونيون والمحققون. واستطرد هويدى ليس ذلك فحسب وإنما نجحت أدوات وأصابع الأجهزة الأمنية فى كتابة تاريخ تلك المرحلة على نحو مختلف تماما عما توصلت إليه قراءة القانونيين. وترتب على ذلك أن تمت تبرئة ساحة الأجهزة الأمنية، وألقيت مسئولية ما جرى على أطراف أخرى فى مقدمتها البلطجية والإخوان وحركة حماس وحزب الله.... وهو ما دفعنى إلى القول ذات مرة بأن تلك الأجهزة لم تعد تصنع التاريخ فى زماننا فحسب، وإنما باتت تكتبه أيضا