تغيرت موزان القوى تماماً بين القوى السياسية بعد انقلاب 3 يوليو كما اختلفت تكتيكاتها وأيدلوجياتها وأهدافها. 6 أبريل تنهار بين مطرقة 30 يونيه وسندان رابعة رغم أن حركة 6 أبريل تعتبر من أوائل حركات الضغط في الشارع إلا أنها تعاني في الفترة الأخيرة، فبعد أن انقسمت حركة 6 أبريل إلى جبهتين أولها وأشملها جبهة أحمد ماهر والجبهة الديموقراطية بقيادة طارق الخولي في أغسطس 2011؛ لكن جبهة أحمد ماهر ظلت تعاني من الانشقاقات خاصة قبيل أحداث 30 يونيه بسبب تضارب الرؤى في الحركة بين ثلاث وجهات نظر، الأولى تدعم الإخوان في مواجهة العسكر، والثانية تدعم العسكر والثالثة ترفض الإثنان معا،ً مما أدى إلى إنشقاق بعض أعضاء الحركة لينضموا لتنسيقية 30 يونيه ومن ضمنهم محمود عفيفي أحد أبرز أعضاء حركة 6 أبريل ومتحدثها الإعلامي السابق، كما ترك البعض الحركة ليقفوا في صف أنصار المعزول في مواجهة العسكر، ليأسسوا حركة أحرار 6 أبريل ويعتصموا في رابعة العدوية قبل فضها، ومنهم سيد حافظ دسوقي علي، القيادي بالحركة، وكذلك الدكتور خالد محمد، الذي كان مسئول الحركة عن الفاعليات المركزية وأحد مؤسسي أحرار 6 أبريل. كل هذا أدى إلى تراجع دور حركة 6 أبريل في الشارع وتذبذبها في بعض المواقف مؤخراً. الاشتراكيون الثوريين ينغمسون في مشاكل العمال رغم أن حركة الإشتراكيين الثوريين كان لها دور كبير في تحريك الاحتجاجات المنهاضة لحكم الدكتور محمد مرسي الرئيس المعزول، إلا أن بعد إسقاط مرسى في 3 يوليو اختفى دورها من الشارع، ولم تتحرك إلا عندما تم إلقاء قوات الجيش القبض على هيثم محمدين القيادي بالحركة في 5 سبتمبر الماضي لتقوم ببعض الوقفات أمام مقر الأمن الوطني حتى تم الإفراج عنه، مع ظهورها بالأمس في إحياء ذكرى أحداث محمد محمود الأولى. وتكرس الحركة معظم جهودها حالياً للمشاركة في احتجاجات العمال والعمل على حلها. اختفاء تمرد والبلاك بلوك شهدت الساحة السياسية اختفاء ملحوظا لكل من "البلاك بلوك"، وحركة تمرد حيث لم يتبق من الحركتين سوى بعض البيانات، وسط اتهامات لهما من قبل القوى الثورية بتبعيتهم للأجهزة الأمنية وتلقيهم أموالا وتعليمات من رجال النظام البائد. وقال محمد علام رئيس اتحاد الثورة المصرية، أن الأجهزة الأمنية هي من تبنت حركتي تمرد والبلاك بلوك وأعطت تعليمات لرجال أعمال نظام حسني مبارك بدعمهم مادياً، لذلك نشطوا في عهد مرسي، ولكن عقب سقوطه أخذوا تعليمات بأن يوقفوا نشاطهم أو يقللوه لأن دورهم انتهى بسقوطه، بعكس حركة 6 أبريل وبعض الحركات الثورية الأخرى التي يأتي تمويلها من أعضاء الحركة –على حد تعبيره- . الداخلية تشتت " أحرار" تعاني حركة "أحرار" إحدى أكبر الحركات الثورية الإسلامية -التي تعتبر مزيج بين حركة حازمون وألتراس زملكاوي- من الملاحقات الأمنية بعد 30 يونيه، حيث قامت قوات الأمن بالقبض على 11 قيادة من الحركة، بتهم تتعلق بإنشاء تنظيمات مسلحة ومناهضة الحكم الجديد. وأدت هذه الملاحقات الأمنية المكثفة لانشقاق بعض أعضاء الحركة وإخفاء البعض حقيقة انتمائهم للحركة، مع تراجع نسبي لأداء الحركة في الشارع. وترفع الحركة راية رفض حكم كل من الفلول والعسكر والإخوان وأحد أبرز مؤسسي التيار الثالث. ظهور الحركات المضادة للانقلاب شهد الشارع المصري عقب سقوط مرسي انتشارا كبيرا للحركات التي تحمل راية مناهضة ما أسموه "الانقلاب العسكري"، والتي بدأت تحل محل حركات الضغط القديمة، ومنها حركات"طلاب وشباب وأزهريون ومهندسون وصحفيون وعفاريت ضد الانقلاب بجانب حركات ألتراس نهضاوي وشباب 18 وشباب مترو وحركة سبعة الصبح" وغيرها. وتؤكد هذه الحركات عدم تبعيتها أو تلقيها أية أموال من جماعة الإخوان المسلمين؛ ولكنها تطالب بعودة مصر للمسار الديموقراطي ورفض عودة العسكر للحكم. وقال علي إبراهيم مؤسس حركة 18، أنهم لا يتعبون أي فصيل سياسي سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها؛ ولكنها ترفع مبدأ رفض الحكم العسكري واحترام الإرادة الشبابية موضحاً أن تمويل الحركة يأتي من اشتراكات أعضائها فقط. ويضيف إسلام الشاعر المتحدث الإعلامي باسم حركة بأن فاعلياتهم لا تتكلف مصروفات كثيرة حتى يحتاجوا تمويلا من أحد، مفيداً بأن كل عضو بالحركة إذا تبرع بجنيه واحد فقط سيغطوا تكاليف فاعلياتهم، فهم غير مرشحين لانتخابات برلمانية مثلاً حتى يحتاجوا تكاليف كبيرة. وأوضح الشاعر أنهم دخلوا في تحالف مع بعض الحركات الثورية الأخرى الرافضة للانقلاب مشيراً إلى أعدادهم تخطت بضعة آلاف. تكتيكات مختلفة تحاول الحركات الشبابية الرافضة للانقلاب ابتكار تكتيكات جديدة تستخدمها في فاعلياتهم غير التقليدية، لذلك تقوم حركة 7 الصبح بالتظاهر في الصباح الباكر الساعة السابعة صباحاً، وتنهي فاعلياتها مبكراً أيضاً، كما تقوم حركة شباب مترو بالتظاهر في محطات مترو الأنفاق، وبعض وسائل المواصلات الأخرى، مثل " ألترام"، وتقوم حركة عفاريت ضد الانقلاب بفاعليات غير تقليدية تقوم خلالها بقرع الطبول والهتاف بالإيقاع بطريقة تشبه حركات الألتراس. وقال ضياء الصاوي مسئول اللجنة السياسية بحركة شباب ضد الانقلاب، عن أن الحركة تقوم بالتنسيق مع باقي الحركات الأخرى التي ترفض الانقلاب العسكري من أجل القيام بخطوات تصعيدية مشتركة ضد العسكر بحسب قوله. وأوضح الصاوي أن كل حركة تقوم بنشاط معين يميزها مثل حركة شباب مترو التي تتظاهر في محطات المترو وطلاب ضد الانقلاب التي تتظاهر في الجامعات ولكن حركة شباب ضد الانقلاب تتولى الأنشطة المركزية والفاعليات الكبرى وتنسق مع باقي الحركات للمشاركة فيها. تحالفات جديدة تميل الحركات الشبابية سواء الثورية أو الرافضة للانقلاب العسكري للتحالف فيما بينها وذلك من أجل تقوية شوكتها في الشارع. فاتحدت حركات شباب 18 مع مترو وألتراس نهضاوي وشباب ضد الانقلاب وألتراس دريم وعفاريت ضد الانقلاب وينشئوا حاليا إتحاد الحركات الثورية الذي أطلق عليه فيما بعد تنسيقية القوى الثورية. بينما تحالف كل من ائتلاف ثوار مصر وحركة 6 أبريل الجبهة الديموقراطية والجبهة السلمية للتغيير، وشباب حزب الجبهة و اتحاد شباب الثورية، لينشئوا تكتلا للقوى الثورية . من جانب آخر قال اللواء محمود جوهر الخبير الأمني، ومدير أمن قنا السابق أن اختفاء مجموعات البلاك بلوك أمر منطقي لعاملين، أولها يتعلق بانتهاء دورها، فقد كان الهدف منها أن تكون تنظيم موازي لجماعة الإخوان المسلمين، والأمر الثاني، هو القوة الأمنية الموجودة في الشارع الآن بجانب القرارات الصارمة للنيابة والقضاء في هذه الأيام، فأي شخص سيقبض عليه بتهم التخريب سيلقى عقوبات شديدة. وأوضح جوهر أن البلاك بلوك كانت تضم مجموعات كبيرة من المنشقين عن حركة 6 أبريل، وهو ما تسبب في تراجع الحركتان سوياً، خاصة أنهم لم يحققوا أي نتائج فاعلة على الأرض. وفي سياق متصل قال الدكتور محمد السعدني أستاذ العلوم السياسية، أن ظاهرة حركات الضغط تتأثر بعوامل داخلية وخارجية، فبعض هذه الحركات مرتبط ببعض القوى الخارجية ويتغير دورهم على أساس علاقات هذه القوى بمصر، ومدى استقرارها أو تدهورها مفيداً بأن هناك حركات ضغط أخرى ترتبط بقوى سياسية في مصر وتتأثر بمدى قوة أو ضعف هذه القوى، فسقوط بعض القوى السياسية يسقط حركات الضعط المرتبطة بها بشكل مباشرة أو غير مباشر والعكس صحيح. وأوضح السعدني أن حركة 6 أبريل أشهر حركات الضغط في مصر فقدت أسهما كثيرة لها في الشارع، وهو ما دفع الحركة لتنحية أحمد ماهر مؤسس الحركة الذي "حرق" ووضع وجه جديد ليكون منسقا عاما لها على أمل استرداد جزء من شعبيتها. وبين أن مجموعات البلاك بلوك كانت تهدف للإيقاع بين الشعب والشرطة والجيش وعندما فشلت في هدفها انقطع التمويل عنها من داعميها مشيراً إلى أن بعض الحركات تنصهر في أخرى لتظهر كأنها حركة جديدة بينما تكون هي نفسها القديمة.