قانون الإرهاب يطلق توجيه التهم.. وعقوباته تبدو ثأرية دون تعريف محدد له الرفض القانونين جاء من مؤيدى الانقلاب قبل معارضيه لإحساسهم بالخطر جاء الإعلان من جانب سلطة الانقلاب عن الاتجاه إلى إصدار قانونى التظاهر والإرهاب ليعكس مدى إمعانها فى تكميم الأفواه ومنع حرية التعبير والتظاهر بل والتآمر على هذا الشعب لقتله وإعدامه بحجة الإرهاب والتهم التى ستواجه هذا الشعب المنتفض بحجة الإرهاب والاعتداء على المنشآت العامة؛ فلم يكتف هذا الانقلاب الدموى بالقتل والحرق والترويع بل أراد أن يقنن هذه الإجراءات ويشرعها حتى يفلت من المعاقبة على جرائمه التى لن تتركه مهما طال الزمن لأن ما ارتكبه من جرائم لا تسقط بالتقادم فإذا أفلت من عقاب الشعب داخليا مؤقتا فهناك المحكمة الجنائية الدولية التى تجرى على قدم وساق من أبناء هذا الشعب المجاهد فى الداخل والخارج والمتعاطفين معه لتجهيز الأدلة والوثائق التى تدين هؤلاء الانقلابين القتلة، وربما اكتملت هذه الوثائق وجار الآن رفعها إلى الجنائية الدولية لتحديد موعد لهذه المحاكمة وإصدار قرار من جانبها لمحاكمة هؤلاء وضبطهم وإحضارهم وإبلاغ الإنتربول الدولى للقبض عليهم إذا تحركوا خارج مصر الأمر سيحيلهم إلى جبناء قابعين داخل حدود الدولة التى اغتصبوها من شعبها ورئيسها الشرعى. ورغم كل هذه المحاولات فإنه لا يسعنا هنا إلا قول الله سبحانه وتعالى: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)؛ ففى الوقت الذى حولت هذه السلطة القمعية توقيف الفصيل المعارض ومنعه من التظاهر وكيل التهم بأنه شعب إرهابى ويهدد الدولة ومؤسساتها من خلال قانونهم المزعوم الذى سُرب مؤخرا فى محاولة لتقنين سحق هذا الشعب وإبادته فى هذا التوقيت، أراد الله سبحانه وتعالى أن يعاقبهم بطريقته، فسلط عليهم أنصارهم الذين فوضوهم لقتل الأحرار فى شوارع مصر ورابعة والنهضة، ليقفوا لهم بالمرصاد ويرفضون قوانينهم؛ ليس فقط الرفض، بل التظاهر فى الشوارع، وهو ما قامت به 6 إبريل وجبهة "طريق الثورة" التى تضم الفصائل الثورية التى أيدت هذا الانقلاب فى 30 يونيو وانضم لهم أحزاب أخرى سواء مؤيدة للانقلاب مثل حزب المؤتمر وحزب النور والوفد وغيرها من الأحزاب الأخرى أو التى تراجعت عن تأييده مثل حزب مصر القوية ولم ترفض هذه الأحزاب تلك القوانين حبا فى الإخوان أو مرسى ومعارضى الانقلاب، بل استيقظت من سباتها وشعرت بأن الخطر سيطالها هى الأخرى وتتحقق نظرية: "لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، ولم يكن أمامها إلا رفض هذه القوانين وهو الأمر الذى اضطر سلطة الانقلاب إلى التراجع عن قانون التظاهر تحت ستار الحوار المجتمعى، لكن فى الوقت ذاته أخرجت ورقة أخرى من أوراقها لكن هذه المرة هى ورقة الإبادة والقتل والإعدام بما يسمى قانون الإرهاب، فى محاولة لتقنين إبادة هذا الشعب؛ الأمر الذى أصاب الجميع بالذهول فى حالة من الاستغراب من غباء هذا الانقلاب الذى لا يدرك أن من رفض قانون منع التظاهر ومنع حرية التعبير سيقبل بقانون يجيز القتل والإبادة، خاصة بعد تسريب مشروع القانون والكشف عن بنوده التى ذلك بوضوح. وإذا نظرنا إلى بنود القانون المسرب سنجد أن هناك نية متكاملة الأركان للقتل والإعدام بحجة الإرهاب: أولا المادة الأولى فيه والتى تعرف الإرهاب جاء التعريف فضفاضا للغاية، وربما يكون هذا مقصودا حتى يسهل تكييف التهمة الموجهة قانونا ووصفها بالإرهاب للخلاص من معارضى الانقلاب أو أى شخص غير مرضى عنه أيضا المادة التى تقول وجود أكثر من ثلاثة أشخاص يجتمعون معا للتخطيط لعمل إرهابى أولا وجود ثلاثة أشخاص معا ليس تبريرا ولا دليلا على أن هذا تنظيم، ثانيا لو أن هؤلاء لثلاثة كانوا يعون لتظاهرة وكتبوا شعارات مناوئة للانقلاب مثلا هل معنى هذا أنه عمل إرهابى خاصة أنه لا يوجد تعريف محدد للإرهاب فى القانون كما أشرنا هناك العقوبات التى تبدأ بالسجن 10 سنوات إلى 20 أو 25 سنة انتهاء بالإعدام جراء ما يراه القانون عملا إرهابيا هذه العقوبات المغلظة تكشف نوايا هؤلاء الانقلابيين تجاه خصومهم السياسيين الذين يصفونهم بالإرهاب من الآن وقبل صدور القانون؛ لكونهم اعتصموا سلميا أو تظاهروا سلميا. إذن التهم جاهزة أو قل: سابقة التجهيز فقط نحن بصدد غطاء قانونى. وهذا ما تريده حكومة الانقلاب، لكن لا يمكن تمرير هذا القانون بشكل أو بآخر خاصة المؤيدين لهذا الانقلاب هم أول من يرفضونه قبل المعارضين؛ لما فيه من نوايا خبيثة وتحيز وتربص بمعارضى الانقلاب أو حتى مؤيديه الذين فقط يرفضون أو يحتجون على مسلك الانقلابيين. أما قانون التظاهر الذى تعللوا فيه بمشروع قانون للتظاهر أيام د. مرسى، فقد فنده المستشار أحمد مكى وزير العدل السابق، عندما قارن بين مشروع القانونين؛ إذ أكد أن مشروع القانون الأول كان لحماية وتنظيم التظاهر لا لمنع التظاهر، كما يبدو من القانون الحالى، كما أن الإخطار لم يكن إجباريا فى مشروع القانون الأول، فضلا عن أنه لم تحدد مسافة للتظاهر أمام الأماكن والمصالح والمؤسسات الحكومية؛ إذ حددها القانون الحالى ب100 متر، مشيرا إلى أن الشارع الذى توجد فيه المؤسسة لا يزيد عن 40 مترا؛ فكيف يكون التظاهر على بعد 100 متر، كما أن القانون السابق لم يجرم الاعتصام كما أنه لم يجعل الداخلية هى الحكم والخصم فى الوقت نفسه بجعلها جهة الإخطار فى القانون الجديد. أما بالنسبة إلى قانون الإرهاب فحدث ولا حرج من الثغرات التى تتخلله التى تجعله قانونا مهترئا، بداية بالعجز عن تعريف دقيق للإرهاب، مرورا بالتهم الواردة فيه للأشخاص والجماعات، وانتهاء بالعقوبات التى تبدأ بأحكام كبيرة بالسجن، وتنتهى بالإعدام، فضلا عن إجماع معظم فقهاء القانون على أن قانون العقوبات الحالى به مواد تعالج قضايا الإرهاب ولا داعى أصلا لقانون جديد، لكن فقط الجدية فى تطبيق المواد الحالية فى قانون العقوبات والإصرار على هذا القانون فى هذا التوقيت يعطى انطباعا بأن هناك ما يمكن وصفه بالتربص بفئة معينة من الشعب لا بغرض مكافحة الإرهاب كما يدعى. وقد رفض عدد من الخبراء مشروع قانونى التظاهر والإرهاب وأكدوا أن هذه القوانين ضد مكاسب ثورة 25 يناير ومحاولة للتآمر على معارضى الانقلاب وتقنين قتلهم وملاحقتهم". ففى هذا السياق يقول اللواء حسن بهجت إن هذه القوانين كلها تأتى فى سياق واحد؛ هو تحصين الانقلاب لنفسه، بمعنى أنه يحاول وقف معارضيه بطريقة أو بأخرى؛ حتى يحافظ على وجوده فى السلطة، وعندما فشل بالقتل والاعتقال وجرائمه فى رابعة والنهضة وتعرض لانتقادات داخلية وخارجية عديدة، أراد هذه المرة تقنين أعمال القمع لمعارضيه حتى يفلت من العقاب سواء داخليا أو خارجيا كما أنه يريد أن يتحايل بهذه القوانين لأنه يريد أن يقمع بشكل أعنف مما سبق. من هنا يحاول إيجاد الغطاء القانونى أولا لكنه لن يتحقق له ما يريد سواء بالموافقة على هذه القوانين خاصة أن مؤيدى 30 يونيو هم من انتفضوا لرفض هذه القوانين، وحتى فى حال تمريرها لن يستطيع أن يقمع إرادة شعب مهما كانت الأساليب الأمنية والقمعية. الشىء الآخر -كما يضيف لواء بهجت- أن مكافحة الإرهاب ليست بحاجة إلى قوانين جديدة؛ لأن قانون العقوبات به كثير من المواد تعالجه. الأمر الآخر أن القبضة الأمنية وحدها لا تستطيع مهما بلغت من عنف أن تقضى على الإرهاب وحدها. وهذا ما قلناه ونقوله دائما؛ فالفكر لا يجابه إلا بالفكر، ولعل ما يحدث بسيناء يؤكد ذلك بوضوح؛ فرغم الحملات المستمرة هناك فإن العنف من الجماعات الموجودة هماك تزداد عنفا، ومن ثم من إعادة النظر فى مثل هذه الأساليب التقليدية فى مكافحة أعمال العنف التى لم تعد مجدية. أما جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فيقول إن مصر ليست فى حاجة إلى إصدار مثل هذا القانون؛ لأنه يوجد بالفعل قانون ينظم التظاهر، وهو المعروف بالقانون رقم 13 لسنة 1923، الذى وضع إبان فترة الاحتلال الإنجليزى لمصر. أما القانون المزمع إصداره فهو قانون يكبل حريات المصريين صادر عن حكومة تزعم أنها تنفذ مبادئ ثورة يناير. وأضاف عيد نحن نعرف منهج وزير العدل الحالى عادل عبد الحميد ومساعده المستشار عمر الشريف، فهما يعرفان تماما ما تريده وزارة الداخلية فيقومان بتفصيل القانون وفق رغبتها، وهما معاديان للديمقراطية، فمنذ أن تولت الحكومة الحالية مسئولية البلاد وهما لا يمرران سوى تشريعات سيئة السمعة، مثل قانون تمديد الحبس الاحتياطى، وقانون توسيع مفهوم الإرهاب وقانون الضبطية القضائية وغيرها.