بمرور شهرين على الانقلاب العسكرى الدموى يبدو قائده متخبطاً فى ظلمات التيه بعد أن سقطت حساباته السياسيةالتى سوقها لسادته فى واشنطن وتل أبيب ونال بها الدعم المادى من شركائه الخليجيين ، فالواقع يؤكد للانقلابيين فشل رهاناتهم العسكرية الارهابية التى ظنوا أنها كفيلة بتركيع فريق من المصريين مع تغييب الفريق الآخر عبرحملات الدعاية الاعلامية السوداء تحت الشعار الامريكى( الحرب على الارهاب) ضد جميع المعارضين للانقلاب طبقاً لمقولة جورج بوش(من ليس معنا فهو ضدنا ). - راهنوا أولاً على استسلام الجميع لانقلابهم فى ظل خروج جماهيرى كرنفالى فلولى مع غطاء دينى كهنوتى قام به شيخ الازهر وحزب النور ، فكانت المقاومة التى تبلورت فى اعتصامى رابعة والنهضة ، و أصبح شيخ لجنة جمال مبارك مثالاً فجاً لعلماء السلطة المبغوضين شعبياً ، أما عن الحزب السلفى فقد انفض عنه أنصاره و أضحى منبوذاً متأرجحاً بين تصنيفين فهو إما فصيل تسيطر عليه أجهزة الامن لشق الصف الاسلامى وتمرير الانقلاب أوأنه مثال جلى للخذلان و للحمق ( أحمق الناس من باع دينه بدنيا غيره). وفى ظل تسليم الإعلام بالكامل للعلمانيين المتطرفين المبشرين بفرض الهوية العلمانية على مصر( فيديو النمنم وتهانى الجبالى غيض من فيض) ، و ممن يبثون نزعة عنصرية سياسية ضد التيار الاسلامى الشعبى ، مما أدى لاستنفار الاسلاميين و محيطهم المجتمعى الواسع .
- ثم راهنوا على فض الاعتصامات رغم سلميتها التى شهدت بها وفود الاتحادين الافريقى والأوروبى ومندوبى الصحافة العالمية و مثلت دليلاً دامغاً على معارضة شريحة واسعة من الشعب المصرى للانقلاب ، فكان الثبات البطولى لمن خرجوا طلباً للشهادة و ارتكب العسكر مذبحة وحشية تورعت عن ارتكابها جيوش الاحتلال الفرنسى والبريطانى، مجزرة وصفتها ( هيومن رايتس ووتش) بأكبر جريمة قتل جماعى فى تاريخ مصر الحديث ، والنتيجة: استقال البرادعى وأدت المذبحة الى كشف دموية ووحشية الانقلاب أمام المصريين مما وسع من حجم المعارضة الشعبية المتنامية فى كافة أرجاء المحروسة.
- راهنوا على سياسة القهر والارهاب العسكرى بذبح المسالمين فى الميادين وحرق الموتى والأحياء ، ثم أطلقوا النار على المسيرات فى رمسيس والاسكندرية وغيرها كى يرتدع الأحرار عن النزول الى الشوارع ، ثم اعتقلوا المحتمين بالمساجد ، قبل ارتكابهم محرقة سجن أبى زعبل التى استشهد فيها 38 معتقل حرقاً ، ورغم ذلك ما زال مئات الالاف يواصلون التظاهر فى مسيرات بطولية تحت ارهاب البلطجية والشرطجية ، وهو ما دفع السيسى وعصبته لإعلان حظر التجول ليلاً لمدة شهر مع اغلاق المساجد الكبرى والميادين أيام الجمعة منعاً لظهور حجم الرفض الشعبى للعسكر بالتوازى مع التضليل الاعلامى الذى يغطى الشمس بالغربال.
- على الصعيد الخارجى راهنوا على الدعم الاقتصادى من الخليج ، فى ظل انهيار اقتصادى متسارع حدا بحكومة الانقلاب لالغاء علاوات الموظفين فى شهر يوليو والحد من السلع التموينية و تسجيل أعلى معدل اقتراض فى ال3 سنوات الماضية فى يوليو2013 بقيمة 81.5 مليار جنيه من ودائع المصريين فى البنوك ، وهو ما تطور بالحد من سحب المصريين لودائعهم من البنوك ، وفى ظل حظر التجول والكساد وانحسار الاستثمارات وموت السياحة يبدو لكل ذى بصر أن الانقلاب يدمر الاقتصاد المصرى. - راهنوا على أن اعتقال قيادات ورموز العمل الاسلامى والمعارضة سيكسر شوكة الثورة ويعصف بالعمل التنظيمى المعارض ، والآن يتوسعون فى اعتقال الآلاف من الشرفاء طمعاً فى نفس الهدف ، ولكنهم يتجاهلون أن حجم الحراك الشعبى أوسع من ان يتم قمعه والا فليعتقلوا عدة ملايين من معارضى الانقلاب ، و لذا فهم يخسرون الرهان يوماً بعد الآخر بتوالى وتصاعد خروج المسيرات ضد الانقلاب مستهينة بحظر التجوال و بالقمع العسكرى.
- والان يراهنون على تضاؤل فعاليات كسر الانقلاب مع مرور الوقت ، ويتناسون أن بدء الدراسة يمثل نذير شؤم عليهم ، رغم قرارهم الذى باركه المدعو حسام عيسى بمنح الضبطية القضائية لأمن الجامعات وهو ما يوضح مدى رعبهم من الحراك الطلابى خاصة أن الطلاب بطبيعتهم أكثر جرأة وأكثر استعداداً للتضحية كما أن حراك طلاب ضد الانقلاب سيصعب من مهمة اعلامهم الساقط فى وصف المتظاهرين بالارهاب أو العنف أو تعميم انتمائهم جميعاً للاخوان وهو ما ينذر بتصاعد ضخم لفعاليات كسر الانقلاب فى الشارع المصرى مع بدء الدراسة فى الجامعات المصرية.
- والرهان الاخير للسيسى يبدو على الدعم الصهيونى المهيمن على القرار الأمريكى وهنا يتضح الغرض من الزيارة الأخيرة لوفد من أعضاء اللوبى الصهيونى فى الكونجرس الأمريكى ضم: لوى جوهمرت و ستيف كينج و ثالثتهم ميشيل باكمان ( الشهيرة بعنصريتها ضد العرب والمسلمين) الذين التقوا السيسى وعدلى منصور والبابا تواضروس ثم خرجوا للاعلام يفركون أيديهم فرحاً بكنز اسرائيل الجديد ، ويجاهرون بخطاب عنصرى بغيض مطالبين أمريكا بدعم الانقلابيين للقضاء على الاخوان المسلمين وحلفائهم ممن وصفوهم بالارهاب. وثالثة الأثافى تبدو فى قيام السيسى بما تورع عنه مبارك نفسه من تدمير لكافة الانفاق مع استمرار غلق معبر رفح لخنق الحياة تماماً فى قطاع غزة، مع تدمير للمنازل بمسافة تتجاوز 500م من الخط الحدودى فى رفح ، بل الأدهى أن أبواقه الاعلامية المتصهينة تشن دعاية سوداء ضد حركة حماس تمهيداً لما سربوه عبر التليفزيون الحكومى حول ضرب غزة بالطيران المصرى ، ثم غزوها برياً ليعود عملاء الصهاينة فى فتح إلى كرسى الحكم فى غزة على الدبابة المصرية!! و لا يبدو الأمر شاقاً على رجل ارتكب فى حق شعبه مذبحة ومحرقة وضعته على قدم المساواة مع هتلر وستالين وموسولينى ، لذا فمن أجل تعزيز مكانته لدى الصهاينة والغرب قد يزج بالجيش المصرى الى عدوان غاشم جهول على المقاومة فى غزة ، وهو عارٌ لن يمحوه التاريخ لرجل يطبل له الساقطون منتشين بنصر زائف على شعبهم و كأمثاله تماماً من الطغاة يمضى قُدماً فى طريق ملطخ بدماء آلاف الأبرياء صاعداً مع جنوده وأذنابه إلى درك الهاويه.