تمر مصر الآن بمنعطفٍ تاريخيٍ حاد ينتشر فيه جو من الانقسام والفرقة بين أطراف المجتمع واختفي أسلوب الحوار الهادف البناء الذي يمكن من خلاله الخروج من الأزمات التي نعيشها . وقد دعت مؤسسة الرئاسة إلي حوارٍ مفتوح لكنه جاء متأخراً وفي مرحلةٍ كان يصعب فيها علي الجميع البدء في حوارٍ بلا أساسٍ وفي وقتٍ ضيقٍ قبل استفتاءٍ أري أنه مصيري ، أما والآن وقد حسم الأمروسيقول الشعب كلمته إما بنعمٍ أو لا فيجب علي جميع الأطراف البدء فوراً في عملية منهجية للحوار لرسم مستقبل ما بعد الاستفتاء سواء بنعمٍ أو لا ووضع احتمالات يمكن تنفيذها للعبور بسفينة الوطن خارج منعطف الأزمة. وقد بدأنا بأنفسنا نفتح باباً مع طرفي الأزمة ونستطلع توجهاتهم ومبادراتهم للخروج منها وقد أبدت الأطراف استعداداً جيداً للدخول في حوار يشتمل علي محاورعديدة تتمثل في كيفية انتخاب الجمعية التأسيسية الجديدة في حالة رفض الدستور ، كيفية انتخاب مجلس الشعب الجديد في حالة قبول الدستوروآلية انتقال التشريع لمجلس الشوري الحالي في فترة انتقالية حتي انتخاب مجلس الشعب وقانونية استمرار مجلس الشوري في ظل الحكم المرتقب من المحكمة الدستورية. والبدء في حوار مجتمعي ورقابة شعبية علي سياسات الحكومة في ظل غياب مجلس الشعب وخاصةً في الموضوعات الهامة التي تمس المواطن كالأسعار والضرائب تفادياً للالتباس في فهم مشروعات التنمية والخطوات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة. ثم عمل آلية للمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بعد أن رأينا قرارات متضاربة وتراجع مستمر عنها مما يعزز جو عدم الاستقرار ويحول دون تدفق الاستثمار المحلي والدولي.وإعادة النظر في سياسة الدولة تجاه الإعلام حيث أثبت الإعلام أنه أحد أدوات صناعة الأزمة وتضخيمها ومع هذا تستمر الدولة بالتعامل مع الإعلام بسياسات تزيد من تفاقم الأزمة والشقاق داخل المجتمع، وفي هذا المحور نقترح فتح النقاش علي آليات إتاحة المعلومات تلقائياً.وإدماج المرأة والشباب في الحياة الاجتماعية والسياسية.والتوصل للاستقلال الحقيقي للسلطة القضائية وتحفيز أعضائها للرجوع للعمل بجدٍ وإخلاص. وفي النهاية يجب أن يتم الحوار علي عدة مراحل تبدأ أولها بمحادثات منفردة مع كلا الفريقين لطرح النقاط واختبار الاستعداد لهذا التوافق وكذلك القدرة علي الالتزام بمخرجات الحوار ، ثم لقاءٍ مغلقٍ يضم نخبة من الفريقين علي المستوي السياسي يتناقشون فيه حول هذه المحاور بهدوء وبعيداً عن الانشقاق وبعدالاستقرار علي مواقفٍ مشتركة يتم إدماج ممثل عن مؤسسة الرئاسة داخل الحوار للوقوف علي مدي إمكانية الالتزام بمخرجات هذا الحوار، وأخيراً تبدأ مرحلة عرض مخرجات الحوار المتفق عليها علي الرأي العام من خلال ممثلي الأطراف المعنية ، تلك رؤيتي للحوار وإسهاما مني في أن نصل بمصر إلي بر الأمان في مرحلة تحتاج فيها لجهود أبنائها.