يعد التقويم الهجري، الذي بدأ اليوم الأربعاء سنة هجرية جديدة 1437، واحدا من عشرة تقاويم تحكم العالم وهى التقويم اليابانى والرومانى والصينى والهندى (ساكا) والنبوخنصرى والقبطى واليوانانى والبيزنطى والعبرى.. والشهور الهجرية بترتيب تداولها هى المحرم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى وجمادى الآخرى ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذو القعدة وذو الحجة. وكان العرب قبل الإسلام يستخدمون تقاويم مختلفة مبنية جميعها على حركة القمر الشهرية، وارتبطت بأحداث مهمة فكانوا يؤرخون الحوادث نسبة إلى العام الذى بنيت فيه الكعبة (1855 قبل الميلاد)، ولما أصبح هذا التاريخ موغلا في القدم اتخذوا حادث انهيار سد مأرب فى اليمن فى عام ( 129قبل الميلاد ) تاريخا لهم، ثم أخذوا يؤرخون الحوادث بعام الفيل (571 ميلادية) قبل ظهور الإسلام بفترة قصيرة أخذ العرب يؤرخون بعام تجديد الكعبة (عام 605 ميلادية)، واشتهر قوم من بنى كنانة فى مسألة نسئ أو كبس الشهور (إضافة شهر كل 3 سنوات قمرية) لكى تتوافق السنة القمرية مع السنة الشمسية بما يحقق التوافق بين الشهور والفصول فتكون مواسمهم فى الفصول المناسبة لإقامتها. ومنذ فجر الإسلام وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة بدأ المسلمون الأوائل يؤرخون حوادثهم بشكل آخر، فسموا السنة الأولى للهجرة بسنة الإذن (الإذن بالهجرة)، والسنة الثانية بسنة الأمر أى الأمر بالقتال، والثالثة التمحيص، والرابعة الترفئة، والخامسة الزلزال، والسنة السادسة بالاستئناس، والسنة السابعة بالاستقلاب والثامنة بالاستواء، والتاسعة بالبراءة، والعاشرة بالوداع أى سنة حجة الوداع الأخيرة للرسول. وفى حجة الوداع نزلت آيتان كريمتان حددتا نظام التقويم وحرمت الكبس والنسئ ، وفى السنة السابعة عشر للهجرة " الموافق لعام 638 ميلادية "، فى عهد ثانى الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب كشفت مكاتباته المتبادلة مع من يوليهم أهمية وضع تاريخ يؤرخ به المسلمون رسائلهم، واختار الصحابة شهر المحرم كبداية للعام الهجرى، ولم يختاروا مولد الرسول ولا بعثته لعدم تأكدهم من وقت حدوثهما ، ولا وقت وفاته لأنها مناسبة محزنة وذكرها مكدرا، وأختاروا وقت الهجرة، وكان من بين الفريق الذى اقترح ذلك عثمان بن عفان ، وعمر بن الخطاب الذى قال إنها فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها. واتخذ المسلمون الاوائل شهر المحرم بداية للسنة الهجرية، مع إن الهجرة النبوية وقعت فى شهر ربيع الأول ، وذلك لأن شهر المحرم كان بداية السنة عند العرب قبل الإسلام، ولأنه أول شهر يأتى بعد منصرف المسلمين من حجهم الذى هو ختام مواسم أسواقها، واختلف المؤرخون فى تحديد بداية أول سنة من الهجرة بالتاريخ الميلادى ، فبعضهم زعم أنها وافقت يوم الخميس 15 يوليو عام 622 ميلادية ، والبعض ينسبه ليوم الجمعة الموافق 16 يوليو عام 622 ميلادية، وكل فريق منهما لديه ما يؤيده. ويعتمد نظام التقويم الهجرى على الشهر القمرى الذى يتمثل بالمدة الزمنية التى يستغرقها القمر فى طورة كاملة حول الأرض حيث تقاس هذه المدة من الهلال إلى الهلال التال ، وهى مدة لا تكون ثابتة نظرا للاختلاف المركزى الذى يعانى من القمر فى مداره حول الشمس، والاضطراب الواقع فى مدارى القمر والأرض ما يؤدى فى بعض الأحوال إلى اختلاف الطول الفعلى للشهر القمرى عن طوله المتوسط بمقدار 13ساعة. ومتوسط طول الشهر القمرى الذى اصطلح عليه علماء الفلك فى حساب التقويم الهجرى يبلغ 29 يوما ، و12 ساعة ، 44 دقيقة ، 9و2 ثانية ، وبذلك أوجد علماء التقويم الأسلامى 11 سنة كبيسة فى كل دورة تتكون من ثلاثين عاما، يضاف إلى كل منها يوم من الأيام الزائدة لتصبح 355 يوما بدلا من 354 يوما، واتفقوا على ضم هذه الزيادة فى نهاية السنة على شهر ذى الحجة ليصبح عدد أيامه 30 يوما بدلا من 29 يوما، وتمت بهذا تغطية هذه الفروق الحسابية كما جعلوا 19 سنة بسيطة فى كل دورة ثلاثين سنة قوام كل منها 354 يوما. وتحتضن السنة الهجرية 354 يوما شمسيا فى السنة البسيطة و355 يوما فى السنة الكبيسة موزعة على أثنى عشر شهرا ، والسنون الهجرية الكبيسة فى كل 30 عام أرقامها 29،26،24،21،18،15،13،10،7،5،2 ،فيما تحمل السنون الهجرية البسيطة فى كل 30 سنة أرقام 30،28،27،25،23،22،20،19،17،16،14،12،11،9،8،6،4،3،1 ، وعلى ذلك تم الاتفاق على اعتبار عدة مل شهؤر زوجى 29 يوما ، وكل شهر فردى 30 يوما. والتقويم الهجرى يحمل ايجابية ينفرد بها عن سائر التقاويم الاخرى، وهى أن الخطأ فى أى شهر هجرى يمكنه أن يصحح نفسه فى الشهر التالى، بالإضافة ألى عدم ثبوت مواعيد الاعياد والمواسم الدينية والعبادات الهامة بالنسبة للشهور الميلادية مما يكسر حاجز الملل فى النفس البشرية التى تسأم الرتابة 0