تحت عنوان "معركة الهوية" نشرت الجبهة السلفية منذ أيام، على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعى"فيس بوك" بيانا لها تدعو فيه الشعب للنزول فيما أسموه ب "الثورة الإسلامية" رافعين شعار "لا تراجع ولا استسلام حتى يحكم الإسلام". وجاء البيان باهت الملامح يقول فى سطوره " فقد أسفر الباطل عن وجهه صريحا قبيحا ليقود حراكا علمانيا على الثورة يهدف لاستئصال الهوية وإقصاء الإسلام عقيدة وشريعة بعدما انحازت إلى الخائن لحى مستعارة وعمائم فاجرة" وكأننا أمام خطاب من العصر الجاهلى. واستطرد البيان: أما آن لمن ثاروا ضد نظام مبارك المتصهينين ونصروا المستضعفين في أحداث مسرح البالون وأسقطوا شفيق وتضامنوا مع ضباط 8 إبريل وطالبوا بتسليم السلطة للشعب في جمعة المطلب الواحد خلف القائد الموفق، وصنعوا أحداث محمد محمود وتصدوا لبلطجة الداخلية، وتظاهروا من أجل عرض المصريات وضد كشوف العذرية وكانوا أبطال العباسية؛ أما آن لهم أن يحققوا رؤيتهم ويرفعوا رايتهم؟ أطلقوها إذن ثورة إسلامية؛ إسلامية اللحم والدم .. أطلقوها إذن نقية تنفي خبث العلمانية .. البيان يحاول بقدر الإمكان استرجاع مواقف ثورية لشحذ همم الشباب ودعوتهم للنزول, السطور التالية تستوضح الدعوة وتفسرها من خلال آراء مهتمين ومتخصصين بالشأن السياسي المصرى .. ممدوح الشيخ الكاتب والباحث فى شئون الإسلام السياسي أكد أن ما تمت الدعوة إليه يوم 28نوفمبر ما هو إلا ورقة ضغط قبل إجراء الانتخابات البرلمانية لاستدراج الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصالحة مع الإخوان, خاصة قبل استحقاق الانتخابات البرلمانية, وأضاف الشيخ أن الملايين التى خرجت يوم 25يناير لن يتكرر خروجها ثانية ولن تقوم ثورة ولن يكون هناك حشد, وأن 25يناير كانت بهذه الأعداد بسبب وجود نواة صلبة قادرة على صنع شرائح شبابية لم تكن منظورة أمام الأمن, استطاعت أن تتجمع وتخرج فى الشوارع للمطالبة بحقوقها. وأضاف الشيخ أن تصريحات على فتح الباب رئيس الأغلبية عن حزب الحرية والعدالة فى مجلس الشعب السابق تؤكد أن هناك موجة من التواءمات للسير نحو المصالحة بين النظام الحالى وبين الإخوان قبل إجراء الانتخابات البرلمانية, ورجح الشيخ أن صانع القرار فى مصر تتنازعه وجهتا نظر، الوجهة الأولى والتى يتبناها مجموعة ممن يتواجدون فى دائرة صنع القرار والتى تدفع بقوة نحو التصعيد تجاه من يمارسون أى عمل سياسي سواء إخوانا أو غيرهم بدعوى أن مصر ليست فى حاجة للسياسة الآن بل إنها فى حاجة للاصطفاف الوطنى. أما الوجهة الثانية فتنادى بامتصاص شىء من الغضب الموجود فى الشارع من خلال ممارسة قليل من السياسة حتى يهدأ الشارع وتسير الأمور ولكن حتى الآن لا نعلم أى الوجهتين سينتهى إليها الأمر. فيما وصف الدكتور أمين السعدنى أستاذ الفلسفة السياسية بكلية الآداب جامعة المنوفية الدعوة للنزول يوم 28 نوفمبر من قبل - من أسمو أنفسهم بالجبهة السلفية - بالتهييج للشارع المصرى وإعادة تذكير المصريين بالإسلام السياسي الذى خفت ضوؤه , وأصابه الوهن, وقال السعدنى إن شيئا لن يحدث فى هذا اليوم وأنهم لن يستطيعوا الحشد, فمن يريد أن يفعل شيئا لا يقول سأفعل كذا, وهؤلاء ومن خلال بيانهم على صفحتهم أعلنوا مبكرا عن خروجهم وهذا ما يؤكد أنه مجرد استعراض. وأضاف أن من دعوا للنزول فى هذا اليوم يقولون من خلال بياناتهم: إذا اضطررنا لاستخدام العنف المسلح سنستخدمه, وهذا لا يتسق مع من يدبر لعنف, فنحن نرى الجماعات التكفيرية ترتكب العمليات الإرهابية ثم تعلن عنها بعد حدوثها, مما يؤكد أن هؤلاء يرغبون فى تهييج الشارع المصرى ليس إلا. ومن جانبه أكد الشيخ إسلام النواوى خطيب وإمام مسجد نادى الصيد بالدقى أن رفع أى شعار باسم الإسلام ما هو إلا متاجرة بالدين، مشيرا إلى أن الإخوان نجحوا في استقطاب تعاطف شريحة كبيرة من المصريين البسطاء في السابق عندما كانوا يكتفون بالمساعدة في شئون الحياة، ولكن عندما بدأوا يرفعون شعارات إسلامية سقطوا وفشلوا فشلا ذريعا , لأنه تبين أنهم أبعد ما يكونون عن تطبيق الإسلام وتعاليمه, فالمتاجرة بالإسلام تفقد من يقوم بها كثيرا. وأضاف النواوى: الإسلام لا يطبق بالشعارات, وهذا ما يفعله من دعا للنزول يوم 28نوفمبر, ولكن الإسلام يطبق بالأفعال, وأشار النواوى إلى أن الإسلام يرفض الخروج غير الآمن سواء لمن يخرج ولمن يتم الخروج عليه لأن هذا الخروج سيتسبب فى إراقة الدماء, داعيا من يدعون للخروج يوم 28نوفمبر ويدَّعون اتباع نهج السلف الصالح، لاتباع سلوكيات الرسول الكريم الذى طبق دعوته على الأرض وراعى الخير فى المسلم وغير المسلم وحرص على أن الأمة لا تفترق ولا ينعت أحد آخر بأنه مسلم وآخر بأنه غير مسلم. واستشهد النواوى بما حدث من خلاف بين المهاجرين والأنصار وبدأ كل طرف فى جمع عشيرته وأهله وكادا أن يقتتلا ولكن الرسول تدخل وقال: أتفعلون ما كانت تفعله الجاهلية.. فى إشارة منه إلى أن الاقتتال ما هو إلا فعل جاهلى . وأرجع النواوى أن الدعوة للنزول يوم 28نوفمبر من قبل الجبهة السلفية لاقتراب موعد الانتخابات البرلمانية, فى محاولة للعب بالدين للمرة الثانية لكسب أصوات ومقاعد تحت قبة البرلمان, مشددا على أن الدين وجد لنشر التعاليم كالعدل والمساواة بين الناس, وليس للمتاجرة به, وهناك فرق كبير بين الدين والتدين, فالدين هو التعاليم الدينية من عدل وسلام أما التدين فهو تطبيق هذه التعاليم, على أرض الواقع والتطبيق قد تشوبه بعض الشوائب, فالإسلام لا يعترف بتسميات, الإسلام لا يعرف جبهة سلفية ولا صوفى ولا شيعى . وحذر من الانشقاقات لأنها تسمح للشبهات بالدخول إلى المجتمع وطالما دخلت الشبهات فإنها تهدد الإسلام, معربا عن حزنه لانتشار الطائفية بين المسلمين، فكل فئة لها طقوسها ومفاهيمها, وكل طائفة تطبق الإسلام لا كما نزل كدين، ولا كما تفهمه كطائفة، الأمر الذى يجعلهم يتلاعبون بالتفسيرات والتأويل لخدمة مصالحهم. من جانبه أكد عمرو عمارة مؤسس حركة إخوان بلا عنف أنهم لاينوون الخروج إلى الشارع فى تظاهرات لا سلمية ولا غير سلمية وأن الحركة تنوى خوض الانتخابات البرلمانية فى المرحلة القادمة مساندة لحزب النور السلفى, خاصة وأن المرحلة القادمة تحتاج إلى الهدوء فى الشارع حتى تستعيد مصر اقتصادها. فياض يدعو المسيحيين للنزول فيما أكد الدكتور سعد فياض، القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، وعضو الجبهة السلفية فى تصريحات صحفية أن النظام الحالي له أبعاد ترسم خريطته الفكرية والسياسية، وهو في أحد هذه الأبعاد "انقلاب" علماني ضد الموروث الحضاري والأخلاقي والتشريع الإسلامي. وأضاف أن انتفاضة الشباب المسلم أعلنت عن بداية فعالياتها باسم معركة الهوية، ونحن نقول للشعب المصري بمسلميه ومسيحييه الذين فقدوا الأمل في إصلاح الدولة ويتساءلون عن المخرج من المشهد الحالي، الشريعة الإسلامية هي الخلاص الوحيد، ولابد أن نتوحد خلفها لأنها هوية هذا البلد وتاريخه وحضارته، وهي السبيل الوحيد لكسر الهيمنة التي تضعف مقدراتنا، وهي الحل للأزمة الأخلاقية وانتشار الجريمة، وهي ملاذ الفقراء والمهمشين والمحتاجين الذين يتم طحنهم بلا إنسانية ولا كرامة". وأوضح أن البعد العلماني ل"الانقلاب" يظهر في تصريحات السيسي الصريحة عن تسخير طاقات الدولة لمحاربة الإسلام السياسي، وتصريحه المعادي لمفهوم الخلافة في الأممالمتحدة، مع الإجراءات المتتالية من تأميم المساجد وإغلاق بعضها ونشر ثقافة الرقص وتغيير المناهج والحرب على ملصقات الصلاة على الرسول والإباحية في مسلسلات رمضان وغير ذلك، مما يستوجب علينا الوقوف ضده كما نقف ضد المشروع السياسي للانقلاب". وشدّد على أن هذه الانتفاضة ليست حكراً لأحد، ولكنهم يقومون في الجبهة السلفية بواجبهم في نصب رايتها فقط، أما الحملة فهي ملك الأمة وشبابها الحر، ونحن أمامهم في مواجهة الضراء وخلفهم وقت السراء. حزب النور : الجبهة السلفية كيان لا يتجاوز العشرات أعلن المتحدث الرسمى باسم حزب النور السلفى أن مواقف حزب النور واضحة وجلية ولا تقع فى خندق واحد مع من يطلق عليهم الجبهة السلفية التى هى كيان لا يتجاوز العشرات فى بعض الأماكن، معتبرا أن كثرة البيانات التي تصدرها الجبهة لا تعبر عن كثرة الأتباع.. وأضاف أن الحزب لم يقرر النزول فى الشارع، وأنهم اتخذوا قرارا بالاستعداد للانتخابات البرلمانية القادمة ولن يلتفتوا لأى دعوات تعطل ذلك. الجبهة تتراجع عن الخروج المسلح! بعد أن قامت صفحة الجبهة السلفية على موقع التواصل الاجتماعى"فيس بوك"بنشر بيان تؤكد فيه مشروعية الخروج المسلح فى 28نوفمبر وجواز ممارسة العنف, نشرت توضيحا لتشير أنها أخطأت فى الصياغة وأنها لم تقصد العنف حيث قال التوضيح المنشور على صفحتهم: نشرت الصفحة الرسمية للجبهة السلفية نقاطا توضيحية حول انطلاق دعوة انتفاضة الشباب المسلم وجاء في النقطة ( 11 ) ما يوحي بإجازة العمل المسلح وهو ما تلقفته بعض وسائل اعلام المعادية للتشنيع على الانتفاضة، ورغم اعتذارنا عن الخطأ في الصياغة واعترافنا به إلا أنه من المهم أن نوضح ما يلي منعا للبس:- - إن البعض تصور أن انطلاقنا فق أوسع ومنطلقات أشمل من وجهة نظرنا ودعوتنا لرؤية وفعاليات مختلفة عن تلك التي يتبناها التحالف الوطني أو غيره من الكيانات، فتصور البعض أن هذا مفارقة منا للسلمية إلى حيز العنف أو استخدام السلاح وما أردنا تأكيده في النقطة المذكورة هو التزامنا كجبهة سلفية بالسلمية، رغم أن الانتفاضة تشمل قطاعات عريضة من إخواننا من شباب مصر المسلم.