بينما يواصل مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" إسقاط مدن العراق في مشهد يثير شكوكا حول مدى قدرات جيش الرافدين الذي أنفقت عليه الولاياتالمتحدة ملايين الدولارات من أجل إعادة تأهيله، بدا الرعب مسيطرا على حكومة المالكي التي تتضارب تصريحاتها بين الفينة والأخرى بشان قدرتها على صد زحف قوات داعش التي تنتهج منهجا أكثر تطرفا وحدة من تنظيم القاعدة. وتحدث تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية حول المكاسب التي حققتها الجماعة في الأيام الأخيرة واصفة سيطرتها على عدد من المدن العراقية بالنصر "المثير للجدل" على جانبين أولهما مشهد تخلي قوات الأمن العراقية عن مواقعها في الموصل في الوقت الذي انتشر فيه أفراد ميليشيا داعش للسيطرة على قواعد الجيش والبنوك وهو ما يطهر ضعف "مثير للشفقة" للقوات العراقية التي دربتها الولاياتالمتحدة. أما الجانب الأخر فيلقي الضوء على السرعة الرهيبة التي سقطت بها تلك المدن دون اي مقاومة تذكر وهو ما يعزز فرضية وقوف أجهزة استخباراتية وراء داعش وفقا لتقرير المجلة البريطانية. وقالت المجلة في تقريرها أيضا أن الجماعة استولت على نحو ست طائرات هليكوبتر من طراز بلاك هوك و500 مليار دينار من العملات المطبوعة حديثا. أما صحيفة "الجارديان البريطانية" فتساءلت أيضا في تقرير لها عن سبب القوة التي تتمتع بها في حين أن الجماعة أعداد مقاتليها يتراوح ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف مقاتل. وأضافت الصحيفة في تقريرها "قد تكون تلك الجماعة ظاهرة استخباراتية بالأساس ولكن لا يمكن اختزالها في في ممارسات بعينها من الممكن أن تكون أداة يستخدمها النظام السوري فى ترجيح كفته ودعم موقفه السياسي وهو ما ظهر بوضوح في جنيف 2 فقد كان التركيز كله منصبا على أن بشار يواجه الجماعات الإرهابية المتمثلة في داعش". أما "بي.بي.سي" فقد رأت في المكاسب التي تحققها الجماعة على الأرض في سورياوالعراق ما يثير القلق والمخاوف بشأن القدرات القتتالية التي تتمتع بها الجماعة ويطرح تساؤلا هاما حول الجهات التي تعمل على تمويل تلك المنظمة الإرهابية. ويضيف التقرير إن "داعش" تعمل على نحو مستقل عن الجماعات الجهادية الأخرى في سوريا مثل جبهة النصرة، الفرع الرسمي للقاعدة في البلاد، وبينها علاقات متوترة مع المسلحين الأخرين. ووفقا للتقرير أيضا، يعتقد بيتر نيومان، من جامعة كينجز كوليدج لندن، أن نحو 80% من المقاتلين الغرب في سوريا انضموا إلى الجماعة. فيما قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن ظهور داعش على الأرض أفاد النظام السوري واعطاه القدرة على تشويه الثورة السورية وأضعف كثيرا من الموقف التفاوضي للمعارضة، وقوض الإنجازات العسكرية لها على الأرض، وهو ما يعزز وفقا للصحيفة إمكانية وقوف الاستخبارات السورية وراء تلك المنظمة. ويضيف التقرير أن الانتصارات التي تحققها داعش على الأرض في العراق لم يكن وليد الصدفة فقد استولت على الفلوجة خلال النصف الثاني من العام الماضي وسيطرت على أجزاء من مدينة الرمادي ويفجر مقاتلوها كل يوم في بغداد. فيما يرى تقريرا أعدته شبكة "سي.بي.إس" الأمريكية أن قرار داعش توسيع عملياتها من العراق إلى سوريا بهذه السرعة يطرح فرضيات اخرى حول دخول عناصر أخرى في اللعبة لإحراج الولاياتالمتحدة التي طالما تعهدت بتجفيف منابع الإرهاب في العراق. وتكونت "داعش" عام 2013 وخرجت من عباءة تنظيم القاعدة في العراق، ومنذ ذلك الحين تنصلت الجماعة من القاعدة، وأصبحت واحدة من الجماعات الجهادية الرئيسية التي تقاتل القوات الحكومية في سوريا كما حققت مكاسب على الأرض في العراق. وحقق التنظيم نجاحات عسكرية كبيرة، ففي شهر مارس 2013 سيطر على مدينة الرقة السورية، التي أول عاصمة إقليمية تسقط في قبضة المعارضة السورية المسلحة. وفي يناير 2014، استفاد التنظيم من تنامي التوتر بين الأقلية السنية في العراق والحكومة التي يقودها الشيعة من خلال السيطرة على مدينة الفلوجة ذات الأغبية السنية في محافظة الأنباء غربي البلاد. كما استولت على قطاعات عريضة من مدينة الرمادي، وانتشرت في عدد من المدن القريبة من الحدود التركية والسورية. وقالت الولاياتالمتحدة إن سقوط ثاني أكبر المدن العراقية في قبضة "داعش" يشكل تهديدا على المنطقة بأكملها. ويقود الجماعة أبو بكر البغدادي، ولا يعلم عنه أي شئ سوى الاعتقاد في أنه ولد في سمراء، في شمال العاصمة العراقيةبغداد، عام 1971 وانضم إلى المعارضة المسلحة التي اندلعت في العراق بعد وقت قصير من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003.