في استضافة الصالون الأدبي للكاتب والمؤرخ يوسف زيدان بساقية الصاوي دار النقاش حول مأسي الحلاج حيث علق زيدان على المجريات المصطخبة التي حدثت على الساحة كالإنتخابات واحداث العمرانية باتت معروفة لدى كثير من الناس مما شجعني اليوم ان اتحدث عن شخصية تاريخية وهو الحلاج بن منصور وماواجهته من مأسي .و أطلت البدايات الأولى للتصوف في منطقة تدعى فارس تحديداً والمتصوف في مصر لم ينطق به كما نطق به الفارسيين .ووضح زيدان ان السبب في ذلك يرجع للطبيعة الخلابة والموروث القديم لفارس مما جعل النفوس مؤهلة للأفاق الصوفية بما فيها من عمق .وارتبط بإيران ظهور هؤلاء المبكرين منهم أبو يزيد البسطاوي حيث اشتهر بشطحاته التي مرت بسلام وعاش وتوفى ومازال قبره للزيارة والشطحات عبارة عن مصطلحات تشبع قارئها غير مبتورة الظاهر انما معناها باطني .وعن تجربة صلاح عبد الصبور الشعرية وصفها زيدان بانها تجربة شعرية مختلفة حيث اشتهر في ثقافتنا المعاصره بمسرحيته الشعرية مأساة الحلاج وهو منصور بن حسين الحلاج ولد في بلدة فارسية سها البيضاء وقتل في بغداد عام 309 هجرياً , ووصفه عبد الصبور في مسرحيته كشاعر ومصلح اجتماعي اتهمته منصة القضاء بالزندقة حيث اظهر عبد الصبور الصورة البشعة لمحاكميه وهم بن ثري و حامد العباسي .تمثلت مأسي الحلاج في صور عديدة الأولى عندما وفد إلى بغداد للدراسة على يد المشايخ منهم أبو اليقيد الجويد يلقب بشيخ الطائفة حيث تطاول عليه باللفظ فخرج الحلاج من بغداد متجهاً إلى الهند ومكه حتي صار اويثياً نسبة إلى أويث بن عامر وقد اتخذ من اسمه وصفاً للأولياء الذين لم يكن لهم شيخاً وتلك كانت بدايات مأسي الحلاج لأنه اعتنق الصوفيه دون شيخ يرشده فيقول :من ظن ان البشرية تمتزج بالإلهوية قد كفر فقد فصل هنا بين الذات الإلهوية وبين البشر .والمأساة الثانية للحلاج هي ارتباطه بالقرامطه عام 82هجرياً والقرامطه جماعات دينية لها عمق تاريخي وتمثل العنف الديني ليس علي مستوي الفكر بل التطبيق وتجمعوا في حركة سياسية وهي الدين ضد الدولة لدرجة تصل إلى تحريك الحجر الأسود من مكانه لكنه عاد بعد تدخل كبار رجال الدولة .في تلك الفترة تأثر من حوله بكلامه مما أثار خوف الدولة من أن يكون الحلاج له شأن في الدولة مقابل كلماته التي يتأثر بها العامه حينذاك وتعتبر هذه هي المشكلة الثانية له مع السلطة لكن سوء حظ تواجده مع القرامطة هو ما أثار العداء بينه وبين الدولة .وعن مأساته الثالثة كانت مع اللغة فأكد زيدان ان بن سبعين وبن عربي لم يواجهوا مشكلة مع الكلمات الصوفية مثل الحلاج لأن كلماتهم صوفية ولكنها منضبطة المعني وذلك لان المصطلح الصوفي قد استقر .لكن الحلاج في وقته هذا كانت تجربته مع اللغة ويعد هذا التجريب من اشد الخطورة لكونه يتعلق بالعلاقة مع الله والسلام الإجتماعي ومع المجتمع وغالبية العامه , حيث انه اراد ان يؤسس لغة صوفية جديدة فقال شعراً مضطرباً يمزج فيه الحلول ,وقال زيدان للحلاج كتاباً غير منشور بعنوان الطواسين وكل فصل منه ط.س وهي حروف مستوحاه من لغة القرءان .ورابع مأساه شهدها الحلاج هي رأى العامه فيه وخاصة الصوفية فبعض منهم يتعاطفون معه والأخرين يسقطونه , فالصوفي بن عربي كان قادراً علي توصيل المعنى دون الوقوع في المحظور وهذا مافشل فيه الحلاج وادى ذلك الى صلبه حتي ظن بعض العامه انه قد تنصر اثناء مشهد صلبه وتقطيع يديه وقدميه لكنه تجلد وصبر وهو يلقي علي حكامه ترانيم مما اثار غبطتهم فأحرقوا جثته وألقوا بها في نهر دجله .وشارك الحاضرين الكاتب زيدان كرؤية نقدية لرواية النبطي فقال احدهم ان النبطي من الممكن ان تتحول الي سوناتات كسوناتا شكسبير ورباعيات صلاح جاهين كما جاء علي لسان ماريا بالرواية واشارالي انتصار الكاتب في رؤيته العربية للمرأة وهذه تعتبر رؤية راقية اذا ماقورنت بعقلية العقل العربي في التجارة والزواج وهدف الرواية هو رسالة واعده للمستقبل القادم .ونوه الي سهولة الإنتقال مابين التجليات الدينية الثلاثة , وفي النهاية انتصر زيدان في النبطي فجعل العقلية المؤرخة تطغى علي العمل فأنتصرت حبكة الرواية على الكاتب .رد زيدان رافضاً هذا الرأى نافياً دور كبير للمؤرخ مستشهداً بما كتب علي غلاف الرواية ان نهاية هذه الرواية كتبت قبل بداية الرواية مؤكداً ان فتح مصر قد تم من قبل وهذا يعني ان النهاية في الرواية صنعت البداية ,أما قضية المرأة فهي لم تكن قضية حقوق بل قضية مكانة لأن الصورة الحالية في ذهن الرجل هي خسارة كبيرة له , ومن ناحية نسيج الرواية الأدبي أنا مستوعب تماماً لشخصية ماريا ونظرتي لها ومايؤكد ذلك هو نظرتي للنهاية فستظل ماريا هى الموضوع الأساسي .وقال آخر أن انتقال شخصية ماريا ما بين المسيحية إلي الإسلام لم يظهر الصراع النفسي في الرواية ليؤكد هذا الإنتقال , ثانياً من حيث الوحدة الزماينةقبل فتح مصر بعشرين عام ففي النبطي لم يسلط الضوء على الحياة الإجتماعية والسياسية في تلك الفترة .واجاب زيدان قائلاً ان التحول العقيدي في هذه الفتره كان بالألاف حيث أن الإسلام دخل عن طريق تقديم الطعام وهذا ينفي الفتوحات في الهند ودول افريقيا وبنقلاديش .واختتم الصالون ويحمل الألاف من الحاضرين توقيع روايته الجديدة بعنوان النبطي والتي صدرت عن دار الشروق .a