رجل من حلوان

يقلب الله الليل والنهار لأولي الألباب والأبصار فلا الذي ملك حلوان دامت له حلوان... ولا الذي مكث في الاتحادية ثلاثين عاما دامت له الاتحادية بل قادته إلي طره وما أدراك ما طره ولا للذي تلاه ولا للذي يتلوه ستدوم .. وتلك سنة الله في الأرض وليس يبقي سوي الذكري الذي هي علي رأي عشاق هذا الزمان ضد النسيان وعند أمير الشعراء أحمد شوقي عمر ثان عندما يقول في رثاء الزعيم مصطفي كامل دقات قلب المرء قائلة له.. إن الحياة دقائق وثواني/ فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها.. فالذكر للإنسان عمر ثاني / أما فيما يخص رجل حلوان المدون في العنوان أعلاه فقد روي البيهقي في كتابه " المحاسن والمساويء " أن رجلاً قدم من حلوان بمصر علي عمر بن عبد العزيز، - خامس الخلفاء الراشدين رحمه الله - ، فقال: يا أمير المؤمنين إن والدك ولي بلادنا فكتب إلي عبد الملك يخبره أن حلوان صافية وهي أرض خراج - أي رزق وخير قال تعالي {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيرٌ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ { " - فأقطعها إياه فورثتها أنت وإخوتك فاتق الله ولا تظلمنا كما ظلمنا أبوك فإنه كان شيخاً ضعيف الخرج -الخَرْجُ: ما يخرُجُ من الأرض وغيرها من غَلَّة - وأنت رجل مخرج.
فقال عمر: إن كان أبي كما ذكرت فهو أبي لا أبوك، نازعني منازعة جميلة ولا تشتم عرضي فإن لي فيها شركاء إخوة وأخوات لا يرضون أن أقضي فيها بغير قضاء قاضٍ، أقوم معك إلي القاضي فإن قضي لي اصطبرت وإن قضي لك سلّمت. قال: إن قمت معي إلي القاضي فقد أنصفتني. فقاما جميعاً إلي القاضي فقعدا بين يديه، فتكلم عمر بحجته وتكلم الرجل، فقضي القاضي للرجل. فقال عمر: إن أبي عبد العزيز قد أنفق عليها ألف ألف درهم. فقال القاضي: قد أكلتم من غلتها بقدر ذلك. فقال عمر: وهل القضاء إلا هذا؟ لو قضيت لي ضد الرجل ما وليت لي عملاً أبداً.
رحم الله عمر ورحم الله هذا الرجل من حلوان ورحم الله أهل حلوان ولطف بحلوان التي لم تعد صافيه ولا أرض خراج .