انقسم الشارع المصري مؤخرا الي فئتين و ذلك عقب قرار لجنة الاحزاب السياسية يوم 16 سبتمبر 2012 بالموافقة على تأسيس حزب الدستور و الذي يرأسه الدكتور ( محمد البرادعي ) و يضم عددا من الشخصيات الليبرالية مثل ( الدكتور احمد البرعي –الدكتور طارق غزالي – السفير سيد قاسم المصري – السفير نبيل فهمي – جورج اسحاق ) و بعض من الشخصيات التي شاركت في ثورة 25 يناير مثل ( الدكتور احمد حرارة ) الذي فقد عينيه اليمنى يوم جمعة الغضب ثم فقد الاخرى في احداث محمد محمود ، و ازداد هذا الانقسام بعد دعوة (حمدين صباحي ) - مرشح الرئاسة السابق- الي تأسيس تيار شعبي من خلال مؤتمر جماهيري يوم 21 سبتمبر2012 لمواجهة الاخوان. فهناك فئة من المصريين ترى انه لابد من انشاء احزاب فعالة ذات ثقل سياسي تنافس حزب (الحرية و العدالة) الذي اصبح مؤخرا حزب الاغلبية و ذلك خوفا من تكرار اخطاء الحزب الوطني في النظام السابق بتوغله في الحياة السياسية وسيطرته على مقاليد الحكم في البلاد مما ادى الي اندلاع ثورة 25 يناير بل و حرق مقرات الحزب المنحل ليكون عبرة لمن يريد ان يقمع او يستبد. حيث يعتبر استحواذ اي حزب بالحكم منفردا مدعاة للاستبداد و التجبر و افتقارا للتعددية الفكرية التي تنادي بها الديمقراطية و بالتالي يؤدي الي فجوة بين المجتمع الواحد و عدم وجود رؤية واضحة لمعنى الدولة الديمقراطية . و قد تناول الكاتب عماد الدين حسين في مقاله بجريدة الشروق ظهور التيار الشعبي قائلا : لو كنت مكان حزب الحرية و العدالة و جماعة الاخوان المسلمين و مؤسسة الرئاسة لشعرت بالراحة من وجود هذا الحشد الجماهيري الكبير للتيار الشعبي في ميدان عابدين ، فقد سبق لقياديين في الاخوان القول انهم يتمنون وجود احزاب حقيقية ، فاذا كان نظام مبارك قد سمح بحد ادنى من الحريات السياسية و تداول السلطة لربما لم تقم الثورة و لاستمر الحزب الوطني بدلا من النهاية المهينة التي انتهى اليها . اما الفئة الاخرى فهي التي تنحاز الي الفكر الاسلامي متمثلة في ( الاخوان) و ( السلفين) و ( الجماعة الاسلامية ) وهي فئة متحفظة بشدة تجاه هذان التياران بل ادى الامر الي تكفير احدى الشيوخ و هو الشيخ ( وجدي غنيم ) للاشخاص الذين يريدون الانضمام الي حزب الدستور بل و تشبيه حامل منشور حزب الدستور بحامل الخمر !! وقد يرجع هذا التحفظ الي تخوف الاسلامين على المادة الثانية من الدستور والتي تنص على ان ( الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع )لاعتقادهم بأن الشخصيات الليبرالية تعتنق الفكر المتحرر و سوف تنادي بألغاء هذة المادة . وقد اكد الشيخ ( ياسر البرهامي ) نائب رئيس جماعة الدعوة السلفية و عضو الجمعية التأسيسية للدستور في تصريحات خاصة لجريدة اليوم السابع : ان هناك عددا من العلمانيين يحاولون ان تصبح المادة الثانية مجرد مادة ديكورية او زينة فقط في الدستور المقبل رغم ان غالبية الشعب المصري يريد ان تكون الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع . و يرى البعض ان هذا تخوفا مرفوضا لوجود اختلاف ما بين التحرر و الليبرالية ، و قد اشار الي هذا الكاتب نبيل شرف الدين بجريدة المصري اليوم قائلا : اصبح هذا الالتباس سائد الان في المجتمع حيث اصبح الليبرالي كافرو فاسد و هو فكر مغلوط فبقدر من التأمل و الصبر سنصل الي ان الاسلام في جوهره منظومة دينية ليبرالية . وبالرغم من اختلاف الاراء لا ينكر احد بزوغ نجم هذان التياران في المشهد السياسي و وضح ذلك من خلال حضور نخب وطنية بمختلف اتجاهاتها في المؤتمر الشعبي الذي عقده حمدين صباحي بعابدين في تجمع لم تشهده الساحة السياسية من قبل امثال : حمد قنديل ، جورج اسحاق ،والدة شهيد الطوارئ خالد سعيد، كمال ابو عيطة ، حركة 6 ابريل ،عمرو حمزاوي ، احمد حرارة ، و عددا كبير من المفكرين و الاعلاميين و الفنانين و شخصيات عامة مؤثرة في المجتمع المصري بخلاف حشد كبير من الجماهير اتت لتدعم تأسيس تيار يواجه هيمنة الاخوان. تزداد قوة الاحزاب الليبرالية يوما بعد يوم فقد اعلن حزب العدل عن انضمامه لحزب الدستور ، بالأضافة الي المفاوضات التي يجريها حزب مصر الحرية الذي اسسه النائب السابق عمرو حمزاوي للانضمام ايضا لحزب الدستور و قد اشار ( شادي الغزالي حرب ) عضو لجنة تسير اعمال حزب الدستور في تصريح لجريدة الشروق : ان الباب لا يزال مفتوحا لانضمام احزاب اخرى تحت عباءة الحزب الذي يقوده الدكتور (محمد البرادعي) من اجل مصر الحرية ، مصر العدالة الاجتماعية .