مخطئ من يظن أن الصحافة القومية سوف تخلي له الساحة, وأكثر منه تماديا في الخطأ من يتوهم أن الوقت مناسب للإجهاز عليها. أبدا لن تقع الصحافة القومية في منتصف الطريق, لن تنبطح أرضا, لن تنسي أنها بوابة الوعي وحارسة المهنة. من هنا بدأت الصحافة, ومن هنا سوف تتواصل الرسالة, ليس في الصحافة القومية أحد فوق القانون, وليس فيها أحد علي رأسه ريشة, ولا حصانة لكبير أو صغير تثبت عليه تهمة الفساد أو التربح أو استغلال النفوذ, والعكس هو الصحيح تماما, هذه ساعة حاسمة لاجتثاث الفساد في كل المواقع بما في ذلك الصحافة نفسها. الفساد في البيئة الصحفية ليس موجودا في صحافة دون أخري, هو موجود بأقدار متفاوتة في الصحافة القومية, والحزبية, والخاصة. والمظالم موجودة فيها جميعا, وتنفرد الصحافة الخاصة بأنواع فريدة من الفساد, يبدأ بأصل وجودها, بأصل تمويلها, بأصل توجهاتها, بنوعية أجنداتها, بل وبعلاقاتها وارتباطاتها الداخلية والخارجية. ومهما يكن حجم الفساد والترهل الإداري والمظالم العمالية في الصحافة القومية, فإن اكتشاف ما يجري من مستور في دهاليز الصحافة الخاصة سوف يكون صاعقة ليس كمثلها صاعقة, سوف تنكشف تلال العفن والعطب, سوف ينكشف الضمير الذي باع نفسه, سوف يتعري حجم المصالح والابتزاز وتراكم الثروات. انكشافا يذهل الرءوس ويدهش النفوس. دراما الفساد في الصحافة الخاصة, سوف تكشف حقيقة جزء من الواقع الصحفي يزعم البراءة, ويدعي الطهارة, ويرفع لواء الثورية, ويلتحف برداء الوطنية, ويتباهي بالمهنية, ويتفاخر بالتفوق الصحفي.... يبدو أن الساعة آتية لا ريب فيها, وأعلم أن كثيرين تضطرب نفوسهم, وتزيغ أعينهم, تأكلهم الريبة, ويعصف بهم الشك, وتلهو بهم الظنون, وهم يحملون في صدورهم قلوبا تنبض بالاتهام, تنطق بالاعتراف, تنتظر حكم الإدانة, تتوقع النهاية, تستعد لخاتمة السوء......... يبدو أن يد العدالة تقترب من الهدف.