كثيرا ما عجت مصر بالأحداث والنكبات علي مدار تاريخها الطويل ولكنها كانت تخرج من تلك الازمات مولدة معها زعامة القائد الملهم . وهذا القائد الملهم يظهر أثناء الأزمات ويعمل على حل التناقضات فى البناء الاجتماعى سواء كان قائد دينى او سياسى او عسكرى او اى مجال اخر يلتفت الناس حولة لانة صاحب عقلية ملهمة تفوق الشخصيات الاخرى. ويظهر هذا القائد الملهم او الكاريزمى حينما يشهد المجتمع فترات حرجة من الجمود او التوتر او الفوضى وحينئذ يفتح الالهام افاقا جديدة وتخلق القيادة الكاريزمية. إن الحديث عن القائد المثالي يجرنا بلا شك الى الحديث عن القيادة و خصاائصها . فالقائد هو الذي يمتلك العقلية و الشمولية الكلية التي تنظر الى ألأمور من كافة الزوايا و الذي ينظر الى مستقبل شعبه مرتكزا على المبادئ و القيم السامية في العمل و العلاقات و اتخاذ المواقف المناسبة. إن الإختيار الحقيقي للقائد ليس في إجادته المعركة بل في مواجهته لتحديات المنصب و مسؤولياته، وهذا هو القائد الذي يحقق الثلاثية المشهورة: " دولة ، أمة و سيادة شعبية" و ليس ذلك الذي يستعمل فن الخطابة للتأثير على الجماهير بواسطة الكلمات المعسولة و المزيفة، أو يغريهم بالحفلات و المهرجانات للوصول الى الحكم، بل ذلك القائد الذي يدرك بأن تحقيق الديمقراطية يؤدي الى تحول الشعب الى "حاكم" حسب الطريقة التي ترغب فيها غالبيتهم، و قد قيل في القديم: " من كان يرغب ان يكون رئيسا فليكن خادما"، و المتقدم الى الرئاسة لابد أن يدرب نفسه على التخلي من كثير من مفاهيمه الذاتية، لأن الخدمة مرتبطة بمفهوم العمل و التضحية و لا يتحمل وطأة المسؤولية إلا "العظيم" و كما تقول الحكمة القديمة : " اعطني رجال عظماء أقاوم بهم الجبال. ففي فترات العصر القديم عندما هاجت و ماجت مصر بالنزاعات بين شطري القطر الأوحد خرجت تلك القيادة الملهمة لتوحيد الجسد المصري والمتمثلة في الملك مينا . اما في فترة احتلال الهكسوس لمصر فالوضع كان اشد سوءا لم يكن احتلال فحسب بل كان هناك انشقاق داخلي لذلك وجب علي القائد احمس من التوحيد والتخليص ثم البناء . وفي فترة عاشتها مصر اري فيها اشد الفترات تشابها لتلك الفترة التي نحياها الان. الفترة الفاصلة بين الدولة الايوبية والمملوكية والتي عاشتها مصر بلا حاكم يذكر بينما الاخطار تزحف من اواسط اسيا ( التتار ) ظهرت القيادة الدينية المتمثلة في الشيخ العز ابن عبدالسلام ومن وراءه قيادة دينية ملهمة اشد تاثيرا متمثلة في السيد ابوالحسن الشاذلي . مع ظهور القيادة الدينية ظهرت القيادة السياسية لتصنع واحدة من اعظم الانجازات العسكرية في التاريخ البشري الا وهو ايقاف الزحف المغولي في موقعة عين جالوت والتي كانت بمثابة انقاذ للبشرية . وفي وقتنا الحاضر اري الزعامة والقيادة الدينية متمثلة في شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب والشيخ محمد حسان شبيه العز ابن عبد السلام من وجهة نظري المتواضعة . وعلي الرغم من ذلك لم نري حتي الان القائد السياسي الملهم . أما ان الأوان لظهورك ايها القائد لتوحد اطياف الشعب الواحد .. انك الان امام تكليف فهل انت لها ؟