وزير التموين: ضخ كميات كبيرة من اللحوم الطازجة والمبردة بالمجمعات الاستهلاكية    هالة السعيد: 3.6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعا تنمويا بالغربية بخطة 23/2024    خالد حنفي يستعرض تاريخ «الجماعة الفاشية».. محاولات «الإرهابية» لاستقطاب روسيا والصين    سويسرا تعتزم إجراء محادثات مع روسيا بعد قمة السلام بشأن أوكرانيا    عاجل.. غياب 12 لاعبًا عن الزمالك أمام المصري البورسعيدي.. اعرف السبب    عيد الأضحى 2024.. أجواء احتفالية وأنشطة ترفيهية رياضية بمراكز شباب مطروح    الغندور ينتقد صناع "أولاد رزق" بسبب "القاضية ممكن"    لاعب برشلونة ينفجر من تجاهل لابورتا ويبحث عروض رحيله    9 أماكن للخروج بأسعار رمزية خلال إجازة عيد الأضحى في القاهرة الكبرى.. اعرفها    «افعل ولا حرج».. مبادرة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن    أحمد عز: الشهرة السريعة قد تتحقق من إعلان ولكن المكانة تحتاج سنوات    ريهام سعيد تبكي على الهواء (تعرف على السبب)    رئيس الإدارة المركزية للرعاية الحرجة يتفقد مستشفيات مطروح.. صور    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    ماجد المهندس يغني "لو زعلان" أغنية فيلم "جوازة توكسيك"    التصعيد مستمر بين إسرائيل وحزب الله    بين أوكرانيا وغزة.. قمم السلام بين عالمين    الأهلي يتواصل مع ميتلاند الدنماركي بسبب نسبة الزمالك من صفقة إمام عاشور    استشهاد طفلة جراء قصف الاحتلال على مخيم البريج وسط قطاع غزة    شروط القبول ببرنامج هندسة وإدارة الرعاية الصحية جامعة القاهرة    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    لتحسين جودتها.. طبيبة توضح نصائح لحفظ اللحوم بعد نحر الأضحية    قصور الثقافة بالإسكندرية تحتفل بعيد الأضحى مع أطفال بشاير الخير    توزيع الوروّد والهدايا وكروت تهنئة «الرئيس» على المارة احتفالًا بعيد الأضحي المبارك    موراي يمثل بريطانيا في أولمبياد باريس.. ورادوكانو ترفض    بعد تلقيه عروضًا خليجية.. جوميز يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الزمالك    "ولاد رزق 3".. وجاذبية أفلام اللصوصية    دعاء أول أيام عيد الأضحى 2024.. «اللهمَّ تقبّل صيامنا وقيامنا»    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    جامايكا تبحث عن انتصارها الأول في الكوبا    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    وصية مؤثرة للحاجة ليلى قبل وفاتها على عرفات.. ماذا قالت في آخر اتصال مع ابنها؟    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    ضبط 70 مخالفة تموينية متنوعة فى حملات على المخابز والأسواق بالدقهلية    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    روسيا: مقتل محتجزي الرهائن في أحد السجون بمقاطعة روستوف    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    صفوة وحرافيش    «التخطيط»: تنفيذ 361 مشروعا تنمويا في الغربية بتكلفة 3.6 مليار جنيه    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    قائمة شاشات التليفزيون المحرومة من نتفليكس اعتبارا من 24 يوليو    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    باحثة: 93 دولة تتحرك لدعم المحكمة الجنائية في مواجهة إسرائيل    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    إعلام فلسطينى: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلى استهدف مخيم فى رفح الفلسطينية    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا‏}‏
نشر في المراقب يوم 21 - 02 - 2012

هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في خواتيم سورة النساء‏,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ وآياتها مائة وست وسبعون بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لكثرة ما ورد فيها من الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء‏.‏ ويدور المحور الرئيس للسورة حول قضايا التشريع لكل من المرأة‏,‏ والأسرة‏,‏ والمجتمع‏,‏ والدولة‏,
بما يحافظ علي طهارة البيئة المسلمة من رواسب الجاهلية القديمة والجديدة, ومن جميع المخالفات الشرعية. هذا وقد سبق لنا استعراض هذه السورة المباركة, وما جاء فيها من كل من التشريعات, وركائز العقيدة الإسلامية, والإشارات الكونية, ونركز هنا علي لمحة الإعجاز التشريعي في تحريم النفاق, وتوعد المنافقين بالعذاب الشديد في الدرك الأسفل من النار.
من أوجه الإعجاز التشريعي في الآية الكريمة
يقول ربنا- تبارك وتعالي- في محكم كتابه: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا (النساء:145). و(المنافقون) جمع (منافق), و(المنافق) هو الذي يستر كفره, ويعلن إيمانه. وكل من يدخل في الدين الحق ثم يخرج منه علي غير الوجه الذي دخل فيه سمي منافقا, لأن أقواله تخالف أفعاله, ويخالف سره علانيته.
والإنسان في الإسلام مخلوق مكرم, خلقه الله- تعالي- بيديه, ونفخ فيه من روحه, وعلمه من علمه, وأدخله جنته, وأسجد له الملائكة, وفضله علي كثير ممن خلق تفضيلا. لذلك ميزه الله- تعالي- بالعقل والقدرة علي البيان والتفكير واكتساب المعارف والمهارات. وإنسان هذه صفاته لا يجوز له أن يكون منافقا.
والإنسانية في الإنسان هي قدرته علي الارتقاء بنفسه إلي الدرجة التي تؤهله لحسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض. ومن ذلك احتمال تبعات التكليف الإلهي وعبادة خالقه بما أمر, والسعي الجاد لإقامة شرع الله وعدله في ربوع الأرض. والمستخلف مؤتمن علي ما استخلف فيه.
والإنسان الأول بدأ عالما عابدا, ولم يبدأ جاهلا ولا كافرا. ونتيجة للصراع الأزلي بين الشيطان والإنسان مرت البشرية في دورات من العلم والإيمان, أو الجهل والكفر, وسوف تظل كذلك حتي قيام الساعة. ولذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما بعث الله من نبي, ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه, وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه, والمعصوم من عصمه الله تعالي (البخاري).
والشيطان يداوم علي الترصد للإنسان من أجل إضلاله بإخراجه من دائرة التوحيد إلي دائرة الشرك بالله أو الكفر به, ومن دوائر الاستقامة علي منهج الله إلي دوائر التحلل من واجباته, ومن التقيد بمكارم الأخلاق إلي الانفلات من كل الضوابط الأخلاقية والسلوكية, والجري وراء الشهوات الحرام, ونسيان رسالته في هذه الحياة. والإنسان الذي يفقد صلته بربه يفقد ثقته بنفسه وقد يضطره ذلك إلي الكذب, والمداهنة, والمراءاة حتي يتحول إلي منافق كامل, يظهر الخير ويبطن الشر. ولذلك كان النفاق من أخطر أمراض المجتمعات الإنسانية, وكانت طبقة المنافقين أخطر الطبقات علي الإنسانية عبر تاريخها الطويل, وكانوا أشد خطرا من الكفار الصرحاء, ومن المشركين المجاهرين بكفرهم, وذلك لأن المنافق إذا كان في مقام الضعف كان أذل الناس وأحقرهم, وإذا كان في مقام القوة كان أخبث الناس وأمكرهم وأخطرهم.
والنفاق نوعان:
نفاق اعتقادي, وهو ما يخلد صاحبه في الدرك الأسفل من النار.
ونفاق سلوكي (عملي), وهو من كبائر الذنوب.
والنفاق لا يقتصر ضرره علي المجتمع, بل يدمر صاحبه, ويورثه أمراض القلب الحسية والمعنوية. ومن الأمراض المعنوية التي يعاني منها المنافقون كثرة الشكوك والريب, وكثرة الشبهات المفسدة لكل من العقيدة والأخلاق. فالمنافق يعاني من ظلمة القلب حتي يختم عليه, ومن ظلمة الطبع حتي يفسده, ومن ظلمة الهوي حتي يعميه ويطغيه, ويملأ قلبه بالعديد من الأمراض النفسية حتي يتشرب بالكفر, ويتم ختمه وطمسه, ومن صرف بصره عن الحق حتي يتم زيغه بالكامل عنه. كما يعاني من ضيق صدره, ومن فساد رأيه, واختلال حكمه, وانحراف إرادته وظلام بصيرته, وضعف عزيمته. وإنسان هذا شأنه لا بد وأن يرتعب من الحق, ويبغض أهله ويقسو في حكمه عليهم, ولا يخاف ربه فيهم, ويصرعلي الباطل ويؤازر جنده, ويعليه علي الحق وأهله, ويرغمه ذلك علي النفور من الدين وأهله, والاشمئزاز منهم, واحتقار شأنهم, والشك في كل شيء عندهم. وهذا كله يدفعه الي الإغراق في الغفلة, والامتلاء بالرعب والفزع والوحشة, والخوف من الآخرين والارتياب منهم, والانتهازية في السلوك معهم, والحساسية المفرطة تجاههم, والمكر بهم وخداعهم, والحرص علي نقض كل العهود والمواثيق معهم, وعلي التآمر سرا مع أعدائهم والوقوف في الخفاء مع معارضيهم كلما كان قادرا علي ذلك, وإن تظاهر لهم بالمسالمة والمودة. ويحرص المنافق علي الإفساد في الأرض, وعلي ممالأة الفاسدين. وعلي الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وإن تظاهر دوما بغير ذلك.
ومن أمراض القلب الحسية عند المنافقين الغل, والحقد, والحسد, والغيظ والطمع, والرياء والكذب, وخيانة الأمانة, وإخلاف الوعود والعقود وغير ذلك مما قد يتطور إلي عدد من الأمراض النفسية والصحية. والمنافق له وجهان: وجه يلقي به المؤمنين, ووجه ينقلب به إلي عصابته من المنافقين. وله لسانان: أحدهما يرضي به المؤمنين, والآخر يترجم به عن كراهيته لدين الله الحق.ولذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه (متفق عليه). وقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان (الجامع الصحيح 56/1). وكذلك أيضا توعد الله تعالي المنافقين بالدرك الأسفل من النار, وسميت طبقات النار دركات لكونها متداركة (أي متتابعة بعضها تحت بعض). و(الدرك) هو الدرج; إلا أن الدرج يقال في الصعود, و(الدرك) يقال في النزول, ولذا قيل: درجات الجنة ودركات النار.
وهنا يتضح وجه الإعجاز التشريعي في جعل المنافقين في الدرك الأسفل من النار, حيث لا نصير لهم حتي يكون في ذلك تحذيرا من الوقوع في هذه الخطيئة الكبري من خطايا السلوك البشري. ولذلك كان كرام السلف الصالح يخافون علي أنفسهم من الوقوع في النفاق وكانوا كثيري التحذير منه.
فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
نقلا عن الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.