أثار تراجع اللواء طارق المهدي المشرف على اتحاد الإذاعة والتلفزيون عن قراره الصادر مؤخرا بمنح التراخيص للإذاعات الخاصة الكثير من علامات الاستفهام ، لاسيما ان الإذاعة الحالية الوحيدة وهي إذاعة " نجوم اف . ام " يمتلكها رجال أعمال كانوا مقربين من النظام السابق وهما رجل الأعمال والإعلامي عماد الدين أديب وطاهر حلمي محامي نجلي الرئيس السابق علاء وجمال ، وهو ما اعتبره البعض دعما للإذاعة القائمة بما يمكنها من احتكار الإعلانات التجارية ، الأمر الذي أثار غضب وسخط رجال الأعمال والإعلاميين الذين تقدموا بطلبات لإنشاء إذاعات مماثلة . وكشف مراقبون من الوسط الإعلامي أن صدور تصريح بث الإذاعات الخاصة قبل الثورة لصالح الإعلامي عماد الدين أديب كان مكافأة له نظير المجهود الذي قام به أديب مع الرئيس السابق حسني مبارك لإنتاج الفيلم التسجيلي عن حياته ، والذي زار فيه مقر قيادة القوات الجوية، ثم جهوده التي بذلها مع جمال مبارك نجل الرئيس السابق في الحزب الوطني المنحل، علاوة على تنشيط لقاءات شباب الحزب من خلال دعمها إعلاميًّا من خلال الوسائط الإعلامية التي يمتلكها أديب. فيما يأتى الضلع الثانى في إحتكار الإعلام وهو طاهر حلمي، محامي جمال وعلاء مبارك السابق، ووكيل مؤسسة ماكنزي للمحاماة، والذي حقق ملايين الدولارات من عقود شركات وتوكيلات علاء مبارك ، وأصبح شريكًا في الشركة التي احتكرت عمليات تشفير القنوات في مصر، كما كان عضوًا في اللجنة التي قامت بوضع قانون مدينة الإنتاج الإعلامي ، حيث قام بتفصيل القانون على شركته ، وهو القانون الذي ينص على أن عمليات التشفير تتم عن طريق شركات البنية الأساسية "وهي شركته " ، حتى عانت شركات "أيه آر تي" و"أوربت" و"الجزيرة" وغيرها من فرض رسوم إضافية بسبب احتكاره لذلك الحق ، إلي جانب ضرورة مرورهم جميعًا عليه للحصول علي أو بيع ديكودر الستالايت الخاص بهما. كما كشف المراقبون أيضا أن أديب وحلمى ، وهما الشركاء الرئيسيون في قناتي "إف . إم"، التي حصلت على كافة الحريات منفردة، استطاعا أن يستقطبا الإعلانات على حساب قنوات اتحاد الإذاعة والتلفزيون مثل الشرق الأوسط والشباب والرياضة وغيرهما، والغريب أنه لا يوجد أي قواعد لعملهما مثل تحديد نسبة الإنتاج الوطني من الأغاني المذاعة أو نسبة الإعلانات لساعات البث طبقا لما هو متبع في جميع أنحاء العالم، بالرغم من أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون يشاركهما في البث عن طريق استعمال أبراج اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وبالتالي يضمن النظام قطع الإرسال في أية لحظة، مما يثير التساؤلات حول رفض الاتحاد إصدار تراخيص جديدة . الغريب في الأمر أن التردد المستخدم في بث محطات "إف . إم" من المفترض أن يتبع مرفق الاتصالات ، لكن القانون يستثني البث الخاص بالإذاعة والتلفزيون من ذلك، وحاليا أصبح الأمر معقدًا وغير مفهوم، فإذا أردت إنشاء إذاعة "إف . إم"، فإن مرفق الاتصالات يفيدك بأن القانون يستثني أعمال اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ويرفض منح التصاريح، كما أن قانونه ليس به عقوبات، كأن يلجأ بشكوى للمرفق للمعاقبة بالحبس والغرامة والمصادرة إذا قامت جهة ما بعمل محطة إذاعية علي موجات "إف .إم". أمور غريبة تحدث في إتحاد الإذاعة والتليفزيون تحتاج إلي التفسير والإجابة عن تساؤلات أهمها هل هناك نية للقائمين علي الإتحاد في إنهاء ذلك العصر من الاحتكار ؟ ومنح مزيد من التصاريح لمن يرغب في المنافسة من رجال الإعمال والإعلاميين ؟ أم أنهم سينتظرون مليونية من مليونيات الثوار حتى يغيروا سياساتهم الإعلامية التى عفي عليها الدهر .