من منا يتذكر التوربيني؟ ذلك السفاح الذي اغتصب وقتل 32 طفلاً من أطفال الشوارع خلال الفترة من 2004 إلي 2006 بمساعدة مجرم آخر يدعي حناطة.. تلك الجرائم التي كشفت أجهزة الأمن عنها منذ عدة سنوات وقد كان التوربيني وحناطة يتخذان من أسطح القطارات مسرحاً لجرائمهما.. حيث لا رقابة ولا رقيب واخفاء معالم الجرائم سهل بالقاء المعتدي عليهم من أعلي القطار لتتحطم عظامهم علي طول الطريق من القاهرة إلي الإسكندرية. التوربيني وحناطة نفذ فيهما حكم الاعدام منذ يومين تقريبا أي انه بعد سنوات من ارتكاب الجرائم ومن القبض علي المتهم وزميله تم القصاص بحكم عادل لكن لماذا كل هذه السنوات التي ضاعت هباء في أروقة المحاكم؟ هذا هو السؤال الذي يجب ان نجيب عنه لنبحث عن حلول لأزمة مصر الحقيقية. بداية فإن قمة العدل هو سرعة اصدار الحكم القضائي وتنفيذه وهو ما يسمي بالعدالة الناجزة وان فكرة تداول القضايا لسنوات طويلة هي الظلم بعينه رغم ان كثرة الدعاوي القضائية تعد دليلا نظريا علي رقي الشعوب لكن في مصر فإن الأمر يختلف تماماًَ لان القضية هنا لم تعد في رقي المتخاصمين ولجوئهم للقضاء ولكن لبطء التقاضي ولتعدد الثغرات والثقوب في العديد من النصوص القانونية التي يستخدمها بعض المحامين وهذا حقهم في مد أجل التقاضي وادخال الدعاوي والمرافعات في دهاليز لاطائل منها اللهم إلا المزيد من كسب الأموال وزيادة الأتعاب وإنهاك قوة الخصوم خاصة إذا كانوا أصحاب حق. في نفس الوقت يصبح من الظلم ان نلقي بالمسئولية علي القضاء الجالس لان أي قاض منهم يفاجأ بسيل من الدعاوي القضائية التي يجب عليه الفصل فيها وهو الأمر الذي يحتاج إلي وقت طويل حتي يقرأ القاضي كل ملف ويبحث فيما بين السطور وينظر إلي صحة ودقة الإجراءات القانونية ثم سماع مرافعة دفاع الطرفين ثم يصدر حكمه الذي يطمئن له عملا بمبدأ "تبرئة ألف متهم مذنب خير من إدانة متهم برئ" وهو ما يشكل عبئا نفسياً كبيراً علي أي قاض. خلاصة القول نحن أمام حكم قضائي صدر في جرائم بشعة لكننا نسيناها بسبب بطء التقاضي مما يعد ظلما في حق أهالي الضحايا الذين راحوا علي يد مجرم آثم وان النار التي اشتعلت في القلوب كان علي الجميع ان يسعوا لإطفائها بإصدار حكم سريع قاطع وباتر وإلا فليقل لي أحد لماذا تصدر الأحكام سريعة وسريعة جداً في بعض القضايا التي يكون طرفها بعض المشاهير وأبنائهم مثل حادث مقتل نادين ابنة الفنانة ليلي غفران وصديقتها هل سرعة صدور الحكم في هذه القضية له أسبابه المجتمعية علي حين بطء صدور الحكم في قضية التوربيني وتنفيذه ليس له أسباب مجتمعية؟