منذ أكثر من عشر سنوات كان النقاد وأهل الذوق يمتعضون ويتأففون ويلعنون نماذج الأغاني الهابطة التي كانت سائدة ومعروفة بفن أو أغاني الميكروباص نظرا لانتشارها بين سائقي الميكروباصات الذين كانوا يفرضون ذوقهم وأغانيهم علي الركاب وهم ملايين بالطبع. لو كان هؤلاء قد سمعوا أغاني التكاتك المنتشرة حاليا لضربوا تعظيم سلام لأغاني الميكروباص التي كانت لا تعجبهم ويمطرونها نقدا وسبا كل يوم متهمين إياها بإفساد الذوق العام وإفساد الأخلاق وتلويث الأسماع. قد يري البعض أن أغاني التوك توك ما هي إلا أغان يسمعها الناس في المناطق الشعبية حيث تعمل التكاتك لنقلهم بين الحواري والشوارع الجانبية وأنها مجرد مضمون ونمط منعزل شعبيا ولا يؤثر في أكثر من محيطه ومناطقه المغلقة لكن هذا الرأي غير صحيح علي الإطلاق فأغاني التوك توك التي يتم فرضها علي مستخدميه من الركاب من خلال سماعات كبيرة مدوية لا تتناسب مع حجم هذا الكيان الصغير ذي العجلات الثلاث يتم فرضها بنظام واسع وعبر الأقمار الاصطناعية من خلال القنوات الفضائية التي أصبحت الصوت العالمي الحصري لأغاني التوك توك المصري. كل أغاني التوك توك يتم تصويرها وتصديرها وبثها علي عدة قنوات اتخذت من عنوان الغناء الشعبي عنوانا لهاوقدمت بثها المباشر من نجوم التوك توك إلي الشاشة مباشرة وأصبحت هذه الأغاني بكل ما تحمل من معاني الضياع والبلطجة والسطل والقباحة اللفظية والمعنوي والشكلية يتم تصديرها إلي الشعب المصري وإلي كل مشاهدي الفضائيات وبالطبع تعطي انطباعا سيئا لدي العالم العربي عن الفن المصري الذي وصل إلي هذا المستوي المتدني.. إنها واجهة غاية في السوء ويخجل منها الجميع ولكن للأسف لا يوجد سبيل لمنعها في ظل الظروف الحالية فقد خرجت هذه القنوات بدون حسيب أو رقيب من ضمير أو أخلاق أو حرص علي هذا البلد الذي كان رائدا للفن في المنطقة. لا أحد يستطيع السيطرة علي إذاعات التوك توك المتحركة وللناس أن تعترض علي أغنية مديحة الساقطة أو الشبشب ضاع الوضيعة ولكن هل نستطيع أن نسيطر علي القنوات المفتوحة بين التوك توك والفضائيات التي تدول هذا اللون المتدني من الغناء المفضوح.