المعونة الأمريكية بكل صورها تمثل سلاحاً قوياً للضغط علي حكومات الدول النامية وبواسطتها يتم التحكم في مصائر الشعوب وإرادتها وفي نفس الوقت تحولت إلي وسيلة سهلة لممارسة كل ألوان الضغوط السياسية والاقتصادية. هذه المعونة الأمريكية تمثل حوالي 57% من إجمالي ما تحصل عليه مصر من معونات وتمارس من خلالها الإدارة الأمريكية سياستها وفقاً لما يحقق مصالحها وأهدافها بل ومؤامراتها في بعض الأحيان. أكد خبراء الاقتصاد أنه آن الأوان للبحث عن سياسات مختلفة لحل مشاكلنا الاقتصادية واتباع خطوات جديدة حتي لا تظل المعونات ورقة ضغط رابحة يلوح بها الأمريكان وفقاً لمصالحهم وحساباتهم لفرض التوجهات والهيمنة بالمنطقة. أوضح الدكتور أحمد ذكر الله وزير المالية بحكومة ظل الثورة أن هناك تشابكاً اقتصادياً بين مصر وأمريكا يصب بالدرجة الأولي في المصلحة الأمريكية ويكرس صور التبعية السياسية والاقتصادية وأهمها المعونة الأمريكية والاستثمارات والواردات بالإضافة إلي سيطرة الولاياتالمتحدة علي المؤسسات الاقتصادية الدولية خاصة البنك الدولي وصندوق النقد. بالنسبة للمعونة فهي مبلغ ثابت تتلقاه مصر سنوياً منذ اتفاقية السلام عام 79 ثم تحولت إلي منح لا ترد في عام 82 بواقع 1.2 مليار دولار منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية و3.1 مليار معونة عسكرية وتمثل المعونات الأمريكية 57% من إجمالي ما تحصل عليه مصر من معونات. أضاف أن الأهداف المعلنة للمعونة حسب تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هي تنمية الاقتصاد المصري حتي يصبح قادراً علي المنافسة وبلغ حجم المعونة الأمريكية منذ عام 75 وحتي 2009 حوالي 6.28 مليار دولار وتم تخصيص الانفاق وفق التوجه الأمريكي كالتالي: 7.15 مليار دولار في مجال الديمقراطية والمجتمع المدني وتخصيص 1.1 مليار للبنية التحتية و7.5 مليار دولار في التعليم و1.1 مليار دولار للصحة. أما بالنسبة للمعونة العسكرية فقيمتها 3.1 مليار دولار سنوياً و80% منها تستخدم في تحديث المعدات العسكرية ويتضح أن قيمة المساعدات العسكرية تزيد عن الاقتصاد خلال الفترة المذكورة. يري د.أحمد ذكر الله أن المشكلة الأخطر التي تلعب بها أمريكا ويمكنها ممارسة كافة الضغوط كونها السوق الأكبر لاستيراد القمح بنسبة 50% من استهلاكنا المحلي وهذا يمثل خطراً استراتيجياً وليس تبعية سياسية أو اقتصادية فقط. تابع قائلاً: يتضح من الأرقام أن هذه التبعية الاقتصادية كانت في صالح رجال الأعمال والسياسيين قبل ثورة يناير والتي أدت إلي إفساد المسئولين وإفقار الشعب بسبب الرضوخ لأمريكا. يري د.محمد رئيف أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة أن المساعدات الأمريكية تعود بالفائدة علي أمريكا لأنها تنعش اقتصادها فكل دولار مساعدة يعود بقيمة 3 دولارات بشكل مباشر أو غير مباشر. أما الدكتور خالد سعد زغلول رئيس قسم التشريعات الاقتصادية والمالية بكلية الحقوق جامعة المنوفية فيري أن المعونة هي استعمار اقتصادي تستطيع أمريكا بواسطته أن توجه الدول لما يحقق مصالحها من خلال مجموعة من الآليات التي يتفق عليها الكونجرس وإحداث تأثير إيجابي أو سلبي علي كافة الدول النامية مستغلة الثقل السياسي والاقتصادي إلي جانب سيطرتها علي المؤسسات المالية العالمية وأهمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.