في ابحار مفكر وعاشق للرحلات والسفر بين بلاد الله والالتقاء بنوعيات من البشر وفي وصف لليالي والأيام التي قطعها في مشوار حياته معتمداً علي نفسه في عرض تجربته الشخصية بحلوها ومرها. ومواقفه وسعيه الدائم من أجل الأحباب والأصدقاء. تحمل عناء البحر وانحشر في تاكسي بالنفر حباً في هذه المتعة واكتشاف عجائب الدنيا وطبائع البشر. رحلات محمد العزبي تعانق رحلات ابن بطوطة في تنقلاته بعبارات رقيقة وأسلوب سهل يجعلك لا تترك الكتاب حتي تنتهي من قراءته في نهم وشوق لمعرفة أدب الرحلات وغرائب الطبيعة ليس هذا فحسب وإنما استعراض لسنوات المعتقل سجلها عن رجال الأمن فقد اقتحمت مجموعة منهم غرفة نومه وكالعادة قالوا له: تعالي معانا خمس دقائق. وصدق صاحبه عن هذا التعبير إذ قال: كانت تلك العبارة من أدبيات الذين أطلق عليهم بعد ذلك زوار الفجر. ولم تكن المهمة مجرد خمس دقائق وإنما كانت تمتد لسنوات. وامعاناً في التمويه والخداع كانوا يطلبون من أي شخص عدم اصطحاب أي ملابس حيث إن الأمر لا يستغرق سوي دقائق يعود بعدها لأهله. وناهيك عن الهوان والذل الذي يلقاه بعد أن يستقر في أيديهم. مما يحبب المرء في متابعة هذا الفن الرفيع من الرواية لهذا العاشق ذلك الحديث عن الوالد الذي غادر الحياة وهو ابن السادسة فلم يتمكن من معرفة ملامح والده ذلك الشيخ الوقور الأستاذ بكلية أصول الدين. لكنه سمع عنه الكثير من أهل قريته العزيزة مركز المنزلة بالدقهلية فقد كان أول من حصل علي العالمية من أهل هذه القرية. وتتمتع أكثر حين يتحدث ابن عمارة "الطبلاوي" بشارع محمد علي عن صديق والده المرحوم فضيلة الشيخ محمد علي سلامة صديق والده القريب إلي قلبه. ارتبط الرجلان بعاطفة العلم والدراسة وظل الاثنان في تواصل ومودة لدرجة أن كليهما اعتبر ان أولادهما قسمة مشتركة بينهما. وقد كان الشيخ سلامة وفياً لرفيق دربه حين نفذ وصية صديقه وتم دفنه في مقبرته وأولاده أشقاء لأولاد زميل الدراسة. وهؤلاء المشايخ كان العلم رحماً بينهما وتواصل الود والمحبة في مقدمة الأولويات لديهما. عناصر التشويق في "كناسة الصحافة".. متعددة فحين تخرج من أدب السجون وعطر الزنازين تجد "رحلة إلي المجهول" أكثر جاذبية. وحكاية اعتقال الشاعر عبد الرحمن الأبنودي أكثر شوقاً حيث تم اعتقاله لعلاقته بهروب يحيي الطاهر. وقد كان تساؤل العزبي مفحماً حين قال: إذا كان السبب في اعتقال الأبنودي علاقته بيحيي فمن السبب في دخول غيره من هؤلاء المعتقل. كما أنه لم يدخر وسعاً في بذل الجهد من أجل الافراج عن الأبنودي. فقد تحدث مع رفعت السعيد بهذا الشأن وشحن نفسه في تاكسي وتوجه إليه في مبني الاتحاد الاشتراكي. وخلال الحوار أبلغه بأن خالد محيي الدين تحدث مع شعراوي جمعة وزير الداخلية عن الأبنودي وقد أخبره بأنه سوف يخرج عن قريب إن شاء الله. ثم يمتد الحديث إلي أنه قد أحب الأبنودي لشعره الذي كان يعبر عن نبض قلبه. ولم يكن في حسبانه أنه سيقضي معه أياماً طويلة. حنين وشوق لأيام زمان كان يتذكر مع الشاعر ابن الصعيد. حقيقة لقد أمتعنا الأستاذ العزبي برحلاته وجولاته وحبه لتايلاند رغم قلة الحياء وكرهه لروسيا لأنه لا يحب الفودكا. فصول شيقة وعبارات رقيقة وإن كنت لازلت أذكر له تلك العبارة التي قالها لي في بداية حياتي الصحفية بجريدة الجمهورية مداعباً "أنت لازلت بعادات أهل الريف "الصديري" لا يفارقك" كلمات محببة تشد من أزر مبتدئ في بلاط صاحبة الجلالة. ويكفي ان تضحك من الأعماق حينما تقرأ "آخر خدمة الغز عمود" تحية لمؤلف هذ الكتاب الممتع.. وذلك الأسلوب الرقيق في أدب الروايات والرحلات