لم أعرف الكاتب الكبيرالراحل جلال عامر شخصيا. كنت أقرأ له باستمرار وأتساءل أين كان هذا الرجل من زمان. جلال عامر كان كاتباً مدهشاً وفذاً. لا يشبه سوي ذاته. شق لنفسه مجري يخصه وحده. لا تستطيع أن تشبهه بأي كاتب آخر سوي جلال عامر نفسه. ولا تستطيع أن تصنفه ضمن دائرة بعينها من الكتابة. البعض كان يعتبره كاتباً ساخراً. وهو كان يرفض هذا التصنيف -ومعه حق- يقول اشتمني بأمي ولا تقل عني كاتباً ساخراً. الذي يقرأ لجلال عامر سيتعجب لهذه التركيبة المعجزة التي لا تتوفر إلا لابن بلد "أراري" صاحب موهبة كبيرة وثقافة عميقة وخبرات حياتية تحتاج عشرة أعمار لتحصيلها.. كل ذلك امتلكه جلال عامر فضلا عن مواقفه الوطنية النبيلة.. ذهب يوم وفاته إلي منطقة السيالة التي شهدت بعض الاشتباكات بين مؤيدي المجلس العسكري. وتزعمهم توفيق عكاشة. وعدد من المتظاهرين وفور عودته للمنزل تلقي نجله اتصالا من أحد جيرانه أخبره أن والده بحالة سيئة. وبعد نقله إلي المستشفي وافته المنية.. مات جلال عامر وبقي لنا توفيق عكاشة. جلال عامر -بدون مبالغة- واحد من أهم وأعظم كتابنا المعاصرين. كان بالفعل الفاكهة المقطرة في صحافتنا المصرية. لديه من الحضور والثقل. كاتباً أو متحدثا. ما لم يتوفر لأي كاتب آخر. وفي ظني أن جمع كتابات جلال عامر في مجلد أو أكثر هو أبسط ما يمكن أن تقدمه مصر لهذا الكاتب الكبير. وفي ظني أنها ستكون مادة دسمة للقراء والكتاب والباحثين الذين سيكتشفون كنوزاً هائلة في هذه الكتابات جديرة بالدراسة والتأمل. آخر مرة شاهدت فيها جلال عامر متحدثاً كان مع الإعلامي حافظ المرازي. وقال جلال عامر إن العدل أساس الملك. ثم أردف: والعفش أساس الشقة. رحم الله هذا الكاتب الكبير بحق.