في فيلم "كتيبة الإعدام" للمخرج العبقري الراحل عاطف الطيب يصل الضابط ممدوح عبدالعليم خلال تحقيقه في قضية "حسن عز الرجال" الذي جسد دوره نور الشريف إلي نتيجة مفادها انه فكر في كل الاحتمالات عدا احتمال واحد فقط وهو براءة المتهم "عز الرجال" من تهمة خيانة أبناء الغريب وسرقة أموالهم وقتلهم. تذكرت هذا المشهد وأنا أسمع أحد المواطنين يصرخ في مكالمة لإحدي القنوات الإذاعية ويقول "العدالة.. العدالة.. فهي الحل لجميع المشاكل التي نعيشها" مطالبا بمحاكمة ثورية لرموز النظام السابق إذ انه لا يعجبه القضاء الطبيعي ويتهمه مرة بالتباطؤ وأخري بالتواطؤ. الآفة الكبري التي نعانيها بعد الثورة ان كلا منا يسمع صوته فقط فهذا الرجل علي سبيل المثال يطالب ب "عدالة" ترضيه ولو ان الأحكام التي ستصدر ضد المتهمين سواء الرئيس السابق أو أي من حاشيته لم تأت علي هواه فلن يقبلها. ويبدو اننا في ظل "الانفلات الفكري" الذي نعيشه الآن ضاعت التعريفات الحقيقية للمصطلحات وبات كل فرد يستخرج معاني المصطلحات من قاموسه الشخصي فنجد مثلا النائب ممدوح اسماعيل يستخرج من قاموسه معني "الحرية" فيهب واقفا دون سابق انذار ويرفع الأذان وعلي رأي أحد المدونين "إذا كان سيدنا بلال هو أول مؤذن في الاسلام.. فهنيئا لمصر أول مؤذن في البرلمان" الحرية في قاموس السيد النائب تحولت إلي عكس معناها في قواميس الدنيا بكل لغاتها. أعود لمصطلح " العدالة الناجزة" التي يطالب بها الكثيرون وأتساءل ماذا لو حصل مبارك ومن معه علي أحكام بالبراءة هل سيقبلون بها؟!.. لا أظن.. فعندما تعرضنا لمصطلح آخر اسمه "الديمقراطية".. أول من عارضها هم نخبة المثقفين الذين وصفوا من صوتوا ب "نعم" في الاستفتاء بالجهلاء وقالوا عن الذين صوتوا للتيارات الاسلامية في البرلمان إنه تم تزييف إرادتهم السياسية!! "العدالة" التفصيل.. ظلم بين وديمقراطية القلة.. تجاهل وعدم احترام لرأي الأغلبية وحرية بدون مسئولية.. أعلي مراتب الفوضي. *** كفاية حداد يا بلد واقلعي السواد احضني اللي اتولد وادعي للي مات وطبطبي عليا ما انا برضه ابنك ولا انتي نسيتي يا أم الولاد