قضية الغارمين تؤرق حياة عشرات الآلاف من الغارمين وأسرهم. وبعضهم خلف القضبان. والكثير منهم مهدد بالسجن. مما يهدد تلك الأسر بالتفكك والانهيار وأطفالها بالتشرد .. وهو ما جعل مجلس النواب يناقش تعديل القانون الخاص بعقوبات الغارمين بحيث ينظر لمشاكلهم بعين الرأفة والإنسانية.. ناقشت "المساء" قضية الغارمين من منطلق إنساني وقانوني وتشريعي مع سهير عوض مدير برنامج الغارمين بمؤسسة مصر الخير من خلال الحوار التالي: * شهد هذا العام اهتماما كبيرا بقضية الغارمين لحل هذه القضية تشريعيا .. نود إلقاء الضوء عليها؟ ** لابد أن يكون هناك حل تشريعي للحد من هذه الظاهرة . وقد نظمت مؤسسة مصر الخير حلقة نقاشية موسعة . لاستعراض دور برنامج الغارمين بالمؤسسة في دعم التشريعات ومساندة فئة الغارمين. ومسيرتها في دعمهم اجتماعيًا وقانونيًا. وأهمية وجود تشريعات قانونية تتوافق مع الدستور المصري لدعم هذه الفئات المهمشة بالمجتمع. بحضور كل من المستشار سامح عبد الحكم رئيس محكمة الاستئناف الذي أعد مشروع قانون العقوبات البديلة. بالتعاون مع مؤسسة مصر الخير. لتوفير الحماية الاجتماعية للغارمين. حيث تقدم بمشروع قانون بدائل العقوبات المقيدة للحرية بالنسبة للقضايا البسيطة. لمجلس النواب. ورحب به وكيل المجلس النائب سليمان وهدان. وتم إحالة المشروع إلي اللجنة التشريعية بعد أخذ موافقة 71 عضوًا. والقانون الذي تقدم به لا يتناول حبس الغارمات فقط. ولكن أيضاً استبدال عقوبة الحبس بالعمل لصالح الدولة. وذلك بالنسبة لأصحاب الجرائم البسيطة. بما فيها قضايا الغارمين والغارمات. * وهل يتفق مشروع القانون الجديد المقدم لمجلس النواب مع أهداف مصر الخير في علاج قضايا الغارمين ؟ ** بالطبع فحالات الغارمات في تزايد رغم الجهد المبذول. لذلك رحبنا بمشروع القانون الذي أعده المستشار سامح عبد الحكم. لأنه قريب جدا فيما تفكر فيه مصر الخير لحل الأزمة من خلال العمل. وهذا المشروع يتفق مع جهد 8 سنوات. من خلال التركيز علي توفير فرص عمل ومشروعات بدل الحبس. مما يعود بالنفع علي الاقتصاد القومي. ويحفظ المجتمع من تفكك الأسر المصرية وانهيارها وهناك بعد هام جدا لأنه وفقا لإحصائية من السجون فإن السجين يكلف الدولة من 3 آلاف إلي 3500 جنيه. وبالتالي فإن مشروع القانون يهدف إلي تحويل عقوبة الحبس قصيرة المدة لبدائل عدة يختار من بينها القاضي ومنها تحويل عقوبة الحبس في قضايا الدين إلي العمل في إطار مشروعات صغيرة ومتوسطة من خلال اشتراك الجهات المعنية. وأن يتم تشغيل المحكوم عليهم من الغارمين بتلك المشروعات لتحقيق الإنتاج ويتم استغلال ثلث قيمة الإنتاج لصالح الدولة للتوسع في تشغيل مشروعات أخري من ذات النوع. والثلث للمساهمة في تسوية الدين والثلث الأخير لتحقيق دخل للمحكوم عليه خلال تلك الفترة للإنفاق علي أسرته. ومشروع القانون يهدف أيضا إلي مراعاة حقوق الإنسان وإعادة تأهيل المحكوم عليه حتي يكون عضوا نافعا في المجتمع بالتوازي مع النظرة العالمية للتقيد في الحد من الحريات. وكذلك تطبيق معايير الأممالمتحدة لبدائل السجن والعدالة التصالحية وإشراك المجتمع في تدبير شئون العدالة الاجتماعية. * الغارمون من القضايا الاجتماعية الخطيرة التي يجب الإنتباه لها فما جهود مؤسسة الخير في التعامل معها؟ ** استطعنا من خلال المؤسسة حتي الآن فك كرب نحو 55 ألف غارم منذ بداية البرنامج في فبراير 2010. وخلال هذه الفترة شاهدنا العديد من التجارب والمشكلات. وكان هدفنا القضاء علي ظاهرة الغارمات. ولكن اكتشفنا أن الموضوع أكبر منا. وأن هناك حالات مازالت تدخل السجن من الناحية الأخري. * وما أسباب انتشارها ؟ ** أزمة الغارمين ترجع إلي الحاجة والفقر والجهل. حيث يوقع البسطاء علي إيصالات كثيرة دون إدراك أن هذه الإيصالات تهدد حياتهم وحياة أسرهم. * وكيف يمكن القضاء علي تلك الظاهرة؟ ** الحل يكمن في توفير فرص عمل لهم حيث إن ذلك هو الحل السحري للقضاء علي هذه الظاهرة. فهي الضمانة الوحيدة التي لا تجعلهم يلجأون للاستدانة ومن ثم يعود للسجن مرة أخري. ومؤسسة مصر الخير أقامت للغارمين في البداية مشروعات صغيرة. ونسبة من الغارمين استجابوا. وبعدها اتجهنا للمشروعات المجمعة تحت إدارة مؤسسة مصر الخير. وتم إقامة أول مصنع منذ 4 سنوات. وزاد عددها حتي وصلوا إلي 4 مصانع. وهذا العام تم وضع حجر الأساس لمصنع خامس يوفر 5 آلاف فرصة عمل. بخلاف مصنع تم إقامته داخل السجن لتدريب المسجون علي حرفة يعمل بها فور خروجه وأصبحنا نصدر السجاد والكليم اليدوي إلي عدة دول منها أمريكا وكندا وإيطاليا والآن في الإمارات. * نود التعرف أكثر من هو الغارم وهل هناك معايير وضعتها المؤسسة لتساعد الغارم ؟ ** الغارم هو كل شخص عليه ديون ولا يستطيع سدادها نظرا لظروفه الاجتماعية والمالية. والغارمون أحد مصارف الزكاة الثمانية التي ذكرت في القرآن الكريم بسورة التوبة الآية 60 وهناك نوعان من الغارمين تستهدفهما المؤسسة الأول من هم داخل السجون بالفعل والثاني من صدر ضدهم أحكام نهائية واجبة النفاذ وتركوا أسرهم وذويهم دون عائل لهم خوفا من القبض عليهم وأصبحوا علي مشارف السجن. وهناك معايير في اختيار الغارمين الذين يتم مساعدتهم وفك كربهم .. والمشروع كان يعطي أولوية لمن هم داخل السجون. ولكن بعد فترة من العمل وجدنا أن أعداد المسجونين لا تقل بسبب أن هناك العديد من الذين صدر ضدهم أحكام نهائية واجبة النفاذ يدخلون السجن بمجرد القبض عليهم. ونحن هدفنا القضاء علي هذه الظاهرة لهذا عملنا علي إنقاذ المهددين بالسجن من دخوله وحمايتهم وحماية أسرهم من التشرد. * هل جهود برنامج الغارمين تتوقف عند سداد الدين؟؟ ** هناك نحو 21 خطوة يتم اتباعها لفك كرب الغارم. والقضية لا يمكن اختصارها في سداد الدين فقط لأن هناك إجراءات بحثية اجتماعية وقانونية كثيرة يجب القيام بها لإخراج الغارم أو الغارمة من السجن .. ودور المؤسسة لا يتوقف عند فك كرب الغارمة وسداد ديونه. بل تسعي المؤسسة لتوفير دخل ثابت لهم لحل المشكلة من جذورها. فبرنامج الغارمين يحمل شعار "العمل" من خلال التركيز علي دعم للغارمين الذين يمتلكون حرفة وينقصهم الدعم سواء المالي أو الفني . وتستهدف في المقام الأول توفير فرصة عمل مناسبة تتلاءم مع قدرات الغارم أو الغارمة لمساعدتهم علي وجود مصدر رزق دائم لهم. وخاصة الطبقات الأشد احتياجًا. مما يحدث انتعاشة اقتصادية بالبيئة المحيطة بهم. * وهل هناك صعوبات تواجه البرنامج في العمل داخل السجون؟ ** هناك تعاون وثيق بين وزارة الداخلية ومؤسسة مصر الخير. والوزارة تقدم كل التسهيلات للعمل داخل السجون. حيث تعمل في 42 سجنا علي مستوي الجمهورية. * الكثير من الفنانين يحرصون علي دعم برنامج الغارمين واخرها كانت مبادرة مصطفي شعبان نود التعرف علي الكثير عنها؟ ** الفنان مصطفي شعبان من الفنانين المتميزين وهذا العام قدم عملا متميزا وهو مسلسل "أيوب" . وإيمانا منه بقضية الغارمين التي ناقشها خلال المسلسل وبأهمية فعل الخير وحث الناس عليه تبني مبادرة علي صفحته الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي التي يصل عدد المتابعين لها لحوالي عشرة ملايين شخص. وأطلق هاشتاج تحت عنوان£مبادرة_أيوب_مصر_الخير_للغارمين. للترويج بأهمية المساهمة في فك كرب الغارمين. ومساعدة مؤسسة مصر الخير في حملتها للإفراج عن خمسة آلاف غارم وغارمة خلال شهر رمضان الماضي. والمبادرة جاءت بشكل شخصي من الفنان مصطفي شعبان الذي قام بالاتصال بالدكتور علي جمعة رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر الخير وأبدي استعداده لتقديم المساعدة في فك كرب الغارمين خاصة وأنه اقترب من أزمة الغارمين والظلم الذي يتعرضون له بسبب الفقر والحاجة وأن حياتهم كلها تتدمر بدون ذنب وذلك حين جسد شخصية شاب غارم خلال أحداث مسلسل "أيوب" وحقق نجاحا فنيا واجتماعيا كبيرا جدا ووجدت تعاطفا كبيرا من المشاهدين لوجود أناس خلف القضبان بدون أي ذنب غير أنهم حاولوا أن يساعدوا ويقدموا أبسط متطلبات الحياة لأهاليهم. وأنه لو وجد من يساعده ويقف بجواره لتغيرت حياته تماما خاصة أن شخصية "أيوب" بطل المسلسل إنسان ذكي وعلي خلق. كما أنه شاب بسيط لم يكمل تعليمه بسبب ظروفه المادية. وعمل في أكثر من مهنة كعامل في بنك ومكتبة وبائع خضروات. لكنه وقع ضحية لعدد من الأقارب والأصدقاء عندما قاموا بسجنه بسبب الديون التي تراكمت عليه بسبب تجهيزه لأخته . والتي بلغت 40 ألف جنيه وصلت لتأخره في السداد لمبلغ 200 ألف جنيه. وهي صورة طبق الأصل لما يحدث في الواقع.